تتسم بنية الاقتصاد المتخلف، في نظر دائرة المعارف العالمية، بثلاث محكات، أولاً الاختلاف الهائل في التوزيع القطاعي للإنتاج، تفكك النظام الاقتصادي، والتبعية للخارج، ويزيد لها أدولف كوست محكات غيرها من أبرزها تضخم قطاع الخدمات على حساب قطاع الإنتاج، وما يتمثله ذلك من ظهور مبيّن للنشاطات الطفيلية، والاغتنام التجاري الكبير على مستوى الإنتاج والمواد المستهلكة مع بعضهما، ونتمكن أن ننظم هذه المحكات المتباينة في شكل متماسك تكوّن بنية الاقتصاد المتخلف.
المحكات التي تشكل بنية الاقتصاد المتخلف الاجتماعي
1- تباين التوزيع القطاعي للإنتاج
نلاحظ في الدول النامية، وجود قطاعات إنتاجية متطورة جداً، في الزراعة والصناعة على حد سواء، ولكنها مقصورة لا تتجاوز كونها جزر تقدم في محيط من التأخر، يسيطر عليها ويحظى بعوائدها فئة قليلة من الوجهاء المحليين، المتحالفين مع الرأسمالية الخارجية أو مع الدخل تمارس أعمالاً حرفية بدائية، وأساليب زراعية متخلفة، ذات عائد قليل، مما يفرض عليها البؤس المادي والحياتي.
ويتكون عن ذلك تباين كبير في مستوى معيشة السكان قد يبلغ واحداً إلى عشرة أو أكثر، بينما نجده لا يتعدى واحداً إلى ثلاث في الدول النامية، هذا الاختلاف والتباين الكبير يؤدي إلى زهد وتقليل تدريجي للعمل في الريف، وإلى الانتقال والهجرة إلى المدينة للتجمع حولها في أحياء الصفيح، التي تكوّن أحزمة بؤس حول عواصم الدول النامية.
2- تفكك الصلات في النظام الاقتصادي
تتكامل قطاعات النشاط الاقتصادي الثلاث في الدول النامية، قطاع الإنتاج الأولي وهي تشمل معادن ومواد بدائية، متصلة بصورة وطيدة ومتناسق مع القطاع الثاني وهي التي تشمل صناعة الآلات والمواد الاستهلاكية، وكلاهما متوازن ومتكامل مع القطاع الثالث الذي يشمل تجارة وخدمات، وهكذا فكل تطور في أحد القطاعات، ينعكس على بقية القطاعات، دافعاً إياها إلى التطور والتقدم بدورها، نظراً لتكامل دورة الإنتاج والتوزيع داخلياً.
3- التبعية للخارج
يقود التزايد في إنتاج المواد الأولية للتصدير واستيراد المواد الاستهلاكية، وما يجلب معه من تضخم لقطاع الخدمات والتجارة، إلى تكوّن تبعية للاقتصاد الخارجي، ينتج عن هذه التبعية إفقار بتدريج للدول من خلاف استنزاف المواد الأولية، ورخص أسعارها من جانب، والاحتفاظ بأثمانها كتوظيفات مالية في الدول الخارجية، أو استرداد هذه المبالغ كثمن للمواد المصنعة الاستهلاكية، التي يصدرها الدولة المتقدمة بأسعار عالية.