نتيجة دخول أوروبا في العصر الحديث تغيرت معالمها، فمنذ بداية القرن السادس عشر ميلادي، إلا أن هذا التغيّر لم يكن بشكل مباشر، بل كان بشكل تدريجي.
المظهر الثقافي في العصر الحديث في أوروبا
من أبرز معالم الحديث في أوروبا هو المظهر الثقافي، حيث كانت الكنيسة هي المكان الذي يتم فيها التعليم والثقافة، وكان العلماء هم نفسهم رجال الدين، وكانت اللغة اللاتينية هي أساس التعليم، ويجب على كل فرد تعلمها، أما اللغات القومية فكانت تعتبر لغات للتعامل المحلي، وأنه يجب على كل طالب علم إتقان اللغة اللاتينية؛ لأنه كان يتم التدريس بالجامعات بها، ولذلك أقرت الجامعات الأوروبية، بضرورة إتقان طالب العلم للغة اللاتينية، حيث أنها كانت جامعات عالمية ويأتيها الطلاب من جميع أنحاء العالم، والذين كان يتم تدريسهم على يَد أهم وألمع الأساتذة المشهورين علمياً وثقافياً.
ومن ثم تطورت الدراسة تدريجاً في العصر الحديث في أوروبا، واتجهت نحو القومية كلغة، ولم تعد اللغة اللاتينية، هي اللغة الوحيدة في الثقافة والأدب، وأخذت الجامعات تتصدى السيادة الكنسية البابوية، وأخذت تطالب بخضوع الكنائس الغربية للبابوية، ومن أبرز هذه الجامعات جامعة باريس، والتي طالبت في عهد لويس الحادي عشر عام 1461 ميلادي، باستقلال الكنيسة الفرنسية واكتساب الصبغة القومية.
وفي عام 1415 ميلادي، اتجهت الشعوب الأوروبية إلى الاهتمام بجغرافية وأبعاده من الاحتلال البرتغالي، ومن ثم تبعها بعد ذلك عدة كشوفات جغرافية، ممّا قام العالم “فاسكو دي جاما” بالدوران حول أفريقيا في عام 1492 ميلادي، وتم تأسيس وقتها الإمبراطورية البرتغالية في استعمارها للشرق، ومن ثم قام الأوروبيون باكتشاف قارة أمريكيا في ذلك العصر، كما تطورت إيطاليا تجارياً في العصر الحديث على الدول المطلة على المحيط الأطلسي وعلى الدول القريبة منه.
وأخذت الدول الأوروبية حينها تتنافس على استعمار الدول، والعمل على تكوين مستعمرات لها في دول ما وراء البحار، وقد حققت الكشوفات الجغرافية الأوروبية إنجازات سياسية وثقافية، وبدأت الكنيسة في توسيع دائرة معرفتها في المعارف الإنسانية والعمل على نشر الكتب المطبوعة، والتناقض بين علوم الجامعات المفروضة من الكنيسة، وبين الحقائق الجغرافية، وقد زاد معرفة الإنسان في العصر الحديث بالعلم، وزاد اهتمامه بالبحث والتحري في العلوم والثقافة.