المفاهيم السوسيولوجية عند بيير بورديو في علم الاجتماع:
استخدم بيير بورديو سلسلة من الكلمات الاجتماعية في تنقيبه ومعرفته ومقالاته، وقد كان لها فعّالية في العديد من النظريات ومدارس علم الاجتماع المعاصر، على الرغم من أنها كانت غامضة ومعقدة، ومن بين هذه المعاني نذكر ما يلي:
إعادة الإنتاج:
لقد اتخذ بيير بورديو معنى إعادة الإنتاج بالتفسير والمعرفة والتقويم، حينما وطدّ اهتمامه في علم الاجتماع على العناصر والعلاقات المنبثقة من النظم السياسية والاقتصادية، مع زميله جان كلود باسرون في كتابهما إعادة الإنتاج، منذ سنوات الستين من القرن السالف، إذ كانت هذه المدة مرحلة النمو والازدهار المعرفي والمنهجي لعلم الاجتماع التربوي.
ويمكن الحديث بأن بيير بورديو وكلود باسرون هما الذين أعطيا فرصة ثانية لعلم الاجتماع التربوي، وقد ابتدأ من معتقد سوسيولوجي رئيسي، تتضمن في كون المتعلمين لا يملكون اليقين في ذاتها في إنجاز النجاح المدرسي، ويعود هذا الاختلاف إلى التراتبية الاجتماعية والتنوع الطبقي، ووجود فوارق منفرده داخل الفصل الدراسي ذاته.
فقد ساقت الأبحاث السوسيولوجية والإحصائية بورديو وباسرون إلى استخراج رئيسي هو، أن الثقافة التي يتخذها المتعلم في المدرسة الفرنسية الرأسمالية ليست معرفة موضوعية أو نزيهة ومنفردة، بل هي معرفة مؤدلجة تعبر عن معرفة المتحكمة وثقافة الطبقة القائدة، فليست التنشئة الاجتماعية تفسيراً للمتعلم، بل إدغاماً له في المجتمع في إطار ثقافة التماثل والتطبع والانضباط المجتمعي، وبالتالي تعيد لنا المدرسة إنتاج الطبقات الاجتماعية ذاتها من خلال الاختيار والاصطفاء والانتخاب، فهي مدرسة اللامساواة الاجتماعية المتميزة.
ويقصد بهذا كله أن علم الاجتماع التربوي النقدي قد بيّن منحى ضرورياً في أعوام الستين إلى غاية أعوام السبعين من القرن العشرين، فقد شكلت بعداً علمياً أكثر مما هو سياسي، بعد أن توسعت الهوة بين النظرية والتطبيق، أو بين المنظمات التربوية والمجتمع، ولا سيما بعد حول المدرسة الرأسمالية إلى فضاء للتنافس والتنازع والصراعات الاجتماعية والطبقية، أو تغييرها إلى مؤسسة هيرارشية أو تراتبية طبقية، تخلى فيها المساواة الاجتماعية الواقعية، وتفقد فيها العدالة على مستوى الفرص والحظ، حيث الإحباط والانكسار مآل أبناء المستويات الشعبية، في حين يكون النجاح حليف أبناء المستويات الغنية وأبناء الطبقة القائدة والمسيطرة.