اقرأ في هذا المقال
- المناهج الأنثروبولوجية للقانون والمجتمع في شروط العولمة
- إعادة هيكلة رأس المال العالمي في الأنثروبولوجيا القانونية
المناهج الأنثروبولوجية للقانون والمجتمع في شروط العولمة:
تعالج المناهج الأنثروبولوجية للقانون والمجتمع التطورات التاريخية والعالمية في شروط العولمة مثل إعادة هيكلة رأس المال، وما بعد الفوردية، والتراكم المرن لرأس المال من وجهات النظر التي تختلف إلى حد كبير عن العاملين من قبل المحامين أو علماء السياسة أو الاقتصاديين، حيث قام المتخصصين في أنثروبولوجيا القانون الدولي من قبل في تحديد بعض أبرز نقاط الاختلاف في خصوصيات البحث الأنثروبولوجي، ثم شاركوا في تمرين أنثروبولوجي مميز في ممارسة الإثنوغرافيا لإلقاء الضوء على المعنى الثقافي للأشياء والحياة المحلية للقوى العالمية.
وشاركوا في العامين الماضيين مع عالم الأنثروبولوجيا Paul Stoller في التحقيق الإثنوغرافي بين مهاجري Songhay من النيجر، الذين هم جزء من أكبر الشتات في هارلم غرب أفريقيا، والمهاجرين الذين يعملون معهم ينخرطون في البيع في الشوارع غير المرخص، كما إنهم جزء من الاقتصاد غير الرسمي المتنامي في مدينة نيويورك.
ولتوفير السياق السياسي والاقتصادي لفهم أنشطة هؤلاء البائعين والقوى التي جلبتهم إلى شوارع هارلم، سيتم تناول نظريًا قوى البنية الكلية والمنهجيات الأنثروبولوجية التي يتم من خلالها معظم الاقتراب المثمر، وأيضاً يتم تناول مثالاً تجريبياً يتضمن المزيد من الأبعاد السردية، وعلى الرغم من الغموض المعياري الناتج في المواقع من القوى العالمية التي تعيد تشكيل الحقائق المحلية، هذا التحول في اللهجة متعمد.
لذلك يجادل علماء الأنثروبولوجيا بأن تمثيل القانون في سياقات شكلتها متطلبات عالمية تتطلب تدفقات الأشخاص ورأس المال والمعلومات والصور والسلع وأشكال التمثيل العلمي، ولطالما جادل علماء القانون والمجتمع من أجل نماذج أنثروبولوجية جديدة تخيل العلاقات بين القانون والمجتمع، بما في ذلك الضرورة للتوقف عن تصور هذه المصطلحات ككيانات منفصلة تتطلب توضيح العلاقة كمصطلح مناسب للعنوان، كما تم تعيين خيبة الأمل مع نماذج ذرائعية ووظيفية وبنيوية.
تهتم بوظائف إضفاء الشرعية على القانون ثقافيًا وليس التأكيد على الدور المعياري في الحقائق الاجتماعية التي يتم ادراكها، تعترف النظريات التأسيسية للقانون أيضًا بالقوة الإنتاجية للقانون باعتبارها وظائف تحظر وتوقع عقوبات، وتحول الانتباه إلى عمل القانون في ظروف غير محتملة أكثر من أي وقت مضى، وتركيز أقل حصريًا على المؤسسات الرسمية والمنح الدراسية للمجتمع.
حيث بدأت في النظر عن كثب إلى القانون في الحياة اليومية، وفي ممارسات النضال اليوم، وفي الوعي نفسه، وهؤلاء العلماء يتذرعون بالأزياء التي تُصاغ فيها الهويات فيما يتعلق بالقانون، وفي التكيف، ومقاومته، والاعتراف بأن القانون يتفاعل مع أشكال أخرى من الخطاب ومصادر المعنى الثقافي لبناء وطعن في الهويات والمجتمعات والسلطات.
وإذا تم التعرف على مثل هذه العمليات من الناحية النظرية، يؤكد علماء الأنثروبولوجيا أنه لا يزال أمامهم طريق طويل ليقطعوه في تمثيل تنوع البشر، إذ تتحدى الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للرأسمالية المتأخرة أشكال البشر التمثيلية، ومن أجل البناء على هذه النظرية التطورات لإلقاء ضوء جديد على الظواهر الاجتماعية والقانونية المعاصرة، سيتعين عليهم الانخراط في أشكال جديدة وتجريبية أكثر من الاتصالات.
وهي مسؤولية أخلاقية وسياسية لعلماء أنثروبولوجيا القانون في السياقات المعاصرة التي تتميز بالتقاطعات الثقافية، وتضارب المعنى، وغموض الهوية والمجتمع، كما يجادل علماء الأنثروبولوجيا بأن قوى الرأسمالية العالمية قد خلقت حالة من الحداثة المتأخرة المتمركزة، والمجزأة، والمضغوطة، والمرنة، والانكسارية، في سياق لا تستطيع فيه الثقافات أن تكون محدودة أو معزولة أو موجودة بشكل منفصل في إقليم تيريتوري، ولكن يجب فهمها ضمن قوى العلاقة التاريخية التي حفزتها التطورات الرأسمالية العالمية.
وفي شروط العولمة تراكم رأس المال المرن يعني معالجة الهويات التي تم تشكيلها في المجتمعات عبر الوطنية من قبل الشعوب المنخرطة فيها ودوائر الهجرة المستمرة التي تعبر الحدود الوطنية، ففي دراسات الهجرة، على سبيل المثال، شهدت الأنثروبولوجيا تحولًا في التركيز العلمي من قضايا التكيف الناجحة إلى البيئة الاجتماعية والثقافية الجديدة.
إذ كان لإعادة الهيكلة العالمية للرأسمالية عواقب اجتماعية عميقة على المستوى المحلي ولها تداعيات قانونية تتطلب المزيد من الدراسة والبحث، وتقليدياً، تناول علماء أنثروبولوجيا القانون في شروط العولمة مثل هذه القضايا في توسيع حقوق الإنسان، وتحكيم النزاعات الدولية، وانتشار سيادة القانون، وتحول الممارسة القانونية والموضوعات التي يتزايد فيها تجانس القانون والميل نحو تشابه أكبر بين القانون وافتراض الأنظمة.
ومن ناحية أخرى، يجادل علماء الأنثروبولوجيا أن عولمة الاقتصاد والاعتماد المتبادل بين المجتمعات لم يؤد إلى التجانس، بل إلى انتشار جديد للجوانب القانونية والحساسيات القانونية عند تقاطع الثقافات القانونية والوعي القانوني حيث يتم إنشاء قواعد قانونية جديدة في الفجوات، وفي مثل هذه السياقات، يتم التفاوض والتنازع على هويات ومجتمعات جديدة.
ولا تتجه ملاحظاتي الباحثين إلى تجريدات التنظير العالمي، بل تتجه نحو الطابع المحلي والمعاني الثقافية وتعدد الآثار القانونية التي يمكن أن يشار إليها كنتيجة لتلك العمليات التي يشار إليها باسم العولمة، فعلماء الأنثروبولوجيا بشكل عام لديهم قبول للافتراض القائل بأهمية التطورات الرأسمالية والتي يتم فهمها بشكل أفضل من حيث الأطر الثقافية والمرجعية والتي تتم من خلال مواجهتها واستيعابها أو مقاومتها، ولكن قد يكون مخالفًا للحدس بالنسبة لعلماء القانون الدوليين من حيث فرضية أن العالمي لا يمكن فهمه إلا محليًا وثقافياً.
إعادة هيكلة رأس المال العالمي في الأنثروبولوجيا القانونية:
إن إعادة الهيكلة العالمية لرأس المال في الأنثروبولوجيا القانونية عبارة غامضة إلى حد ما في محاولات لتشمل تعدد ظهور الاقتصاد المترابط عالمياً، كتشتت التصنيع المحترف والانتقال إلى مواقع دائمة التغير في جميع أنحاء العالم إلى حد كبير مما يسمى العالم الأول إلى ما يسمى بمناطق العالم الثالث، وانتشار مناطق معالجة الصادرات في المناطق المدينة التي تواجه ضغوط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ونمو أسواق التمويل الدولية، والتأنيث المتزايد للقوى العاملة الصناعية العالمية، وأنماط الهجرة الجديدة وتطوير شبكة عالمية من المصانع ومنافذ الخدمة، كما أن إعادة الهيكلة العالمية لرأس المال والتدفقات المكثفة لرأس المال في الأنثروبولوجيا القانونية، قد زعزعت البضائع والصور والأشخاص والأفكار وسلطة الدول، وألقوا الاختلافات الثقافية في تضاريس حادة، وقوضوا قدرة الحكومات على التعامل مع مخاوف الرعاية الاجتماعية، وهذا يثير أسئلة جديدة حول موقع السلطة وطبيعة المساءلة وسلطة المجتمعات والقادة التقليديين.
فالعولمة هي عملية ذات إحداثيات مكانية يربط ويربط بأماكن معينة من خلال تدفقات الأشخاص والمعلومات رأس المال والسلع والخدمات، وبعض المساحات الواعدة لتقييم عمليات العولمة هي المدن التي منها تدار التدفقات العالمية لرأس المال والسلع والمعلومات، وإنتاج وظهور اقتصادات غير رسمية داخل هذه المدن هي مشكلة قانونية بشكل خاص لم يواجهها علماء أنثروبولوجيا القانون إلا مؤخرًا، حيث إن فهم أهمية القانون في الاقتصادات غير الرسمية يتطلب دراسة دقيقة للمعاني المحلية كما هي.
والتراكم المرن لرأس المال مهما كان عملية عالمية قد أدركت نفسها محليًا، في التحولات في الهياكل الاجتماعية والديمغرافية والاقتصادية والسياسية للمدن الكبرى، إذ يوضح عمل ساسكيا ساسن حول المدن العالمية كيف أن مدن معينة بموقع استراتيجي استطاعت السيطرة على التدفقات العالمية للمعلومات والأشخاص ورأس المال والأشياء، وأصبحت مراكز لمجموعة واسعة من شبكة اتصالات دولية تدير شبكة عالمية من المصانع ومنافذ الخدمة والأسواق المالية.
ونفس المدن شهدت انتشارًا واسعًا للأنشطة الاقتصادية غير الرسمية، وزيادة في المهاجرين غير الشرعيين، ونموًا في الاستقطاب الاقتصادي، ومن المهم التأكيد على أن الشبكة الدولية للاتصالات والاستثمارات والإنتاج والاستهلاك، المرتبطة بتقنيات الاتصالات التي نسميها الاقتصاد، ليست في الواقع عالمية، بل هي أجزاء محددة من الكرة الأرضية تمتد ببساطة إلى أجزاء أخرى، كما يلاحظ جيمس ميتلمان، بالإضافة إلى زيادة الاستقطاب الاقتصادي داخل المجتمعات والمناطق، أن العولمة كانت فعالة في تهميش واستبعاد الملايين من الناس.