المنظور السلوكي الاجتماعي النفسي في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


المنظور السلوكي الاجتماعي النفسي في علم الاجتماع الطبي:

يأخذ هذا المنظور أساسه التصوري من علمي الاجتماع والنفس؛ ﻷن مركز الاهتمام فيه ترتبط بأساليب تفاعل الأشخاص وارتباطهم ببعضهم البعض، وتأثير كل منهما الآخر على كليهما، وهذا يبيّن الميدان بجلاء عن مدى تأثير الأشخاص في العملية الاجتماعية، وعن تطور الشخصيات وتأثر الحالات النفسية للأشخاص بتلك العمليات الاجتماعية.

وفي الحقيقة أن المنظور الاجتماعي النفسي يركز بعمليات التأثير المتبادل بين الشخص والمجتمع، وذلك من خلال عدة اتجاهات متنوعة، فالاتجاه الأول يتناول هذا التأثير من خلال التركيز على مصادره واستراتيجياته، ويرى الاتجاه الثاني إلى هذا التأثير كونه عملية مستمرة تنطوي على تفاعل متواصل، في حين يلقى الاتجاه الثالث الضوء على الأفراد المشاركين في التأثير، والمستقبلين له.

اتجاهات المنظور الاجتماعي النفسي في علم الاجتماع الطبي:

كل اتجاه من هذه الاتجاهات يتصل بالصحة والمرض والخدمات الصحية بشكل أو بآخر، فإذا تأملنا الاتجاه الأول، وجدناه مناسباً لعمل الطبيب وقدرته على طاعة المريض له، وتنفيذه للتعليمات والنصائح الطبية، ولعل أنسب مجال تطبيقي لهذا الاتجاه يتضمن في حملات الصحة العامة، وإقناع أفراد المجتمع المحلي باتباع التعليمات الصحية المفيدة حفاظاً على صحتهم سواء في الظروف العادية أو في حالات الأوبئة.

أما الاتجاه الثاني فإنه يزيد وضوحاً في بيان الاهتمام بالمنظور الاجتماعي النفسي، في بحثه عن القوى والاتجاهات التي تحكم عملية التفاعل بين الطبيب والمريض، وبعض العمليات التفاعلية الأخرى، بينما يفيد الاتجاه الثالث في معرفة الجهود التأثيرية عند متنوع الأفراد، والعوامل الرئيسية التي تؤدي إلى تباين القدرة على استقبال المؤثرات وفهمها والاستجابة لها، وكل هذه الاتجاهات تساعدنا في تحسين المستوى الصحي، ونشر الممارسات الصحية النافعة وتخطيط السياسة العلاجية والاجتماعية، وتدعيم الاستجابة للخدمات الصحية.

ومن جانب آخر، فإن المنظور الاجتماعي النفسي يتناول بعض الموضوعات ذات الصلة الوثيقة بعلم الاجتماع الطبي، ويجري لها تحليلاً مفيداً، والدليل الذي يؤكد هذه العلاقة والأهمية أن العديد من المشكلات الاجتماعية الطبية يمكن اعتبارها نتيجة لتفاعل العوامل النفسية والاجتماعية، وكذلك تؤثر هذه العوامل في تقدم الأمراض ونتائجها النهائية، كما أن معاودة حدوث المرض ينطوي على نتائج بالغة الأهمية على الحالة النفسية للناس، وعلى حياة الأسرة ككل.

يتضح إذن أن علم النفس الاجتماعي والمنظور المستمد منه مجالان كبيران، يحويان موضوعات عديدة تتداخل مع اهتمامات علوم الاجتماع والأنثروبولوجيا والتحليل النفسي، وبالتالي تكثر وجهات النظر والمداخل المنهجية، مما ينعكس على أسلوب دراستنا للصحة والمرض والظواهر المرتبطة بهما.


شارك المقالة: