المنهجية السوسيولوجية عند نوربيرت إلياس في علم الاجتماع:
يتخذ نوربيرت إلياس مقاربة سوسيولوجية توفيقية تضم بين المعرفة والتفسير، بين التصور الشامل عند إميل دور كايم والتصور المنفرد عند ماكس فيبر، بين السلوك والبنية المجتمعية من خلال عملية الانبناء والهابيتوس.
فمقاربته إنشائية بمهارة، بمعنى أن الواقع الاجتماعي ينشأ عن طريق المواطنين والفاعلين المجتمعيين، بالاعتماد على خبرات ماضية ضامرة، أو خبرات حاضرة مستمدة من الحياة اليومية، أو تنشأ عن طريق الهابيتوس، وتشتغل هذه الخبرات على أساس أنها جبريات لا شعورية ولا واعية.
حيث يقوم المواطنين بإدراك معتقداتهم ويتخذون قراراتهم، بالإضافة إلى ذلك أن هذه الكفاءة هي عبارة عن توجيه سلوك مجتمعي، يتجمع في صورة خطاطات وقيم وفضائل وعوائد ينغمس بها الإنسان ابتداءً من المجتمع (الأسرة والشارع والقبيلة والوطن والأمة)، ويقصد بهذا أن القيم تنتقل عند المواطنين من جيل إلى آخر، فيتمثلونها على أصل أنها معايير ومقاييس للتكيف والتطبع مع المجتمع.
ويكوّن هذا الفعل والأداء والسلوك، أدوات للمراقبة الذاتية والمحاسبة الشخصية، وقد استمدها المواطنين من المجتمع ومن حياتهم الذي يعيشونها، وهذا إن أشار على شيء فإنما يشير على أن المجتمع يزاول تأثيره في الإنسان، كما يزاول اﻹنسان تأثيره في المجتمع بانتقائه وقراراته وإبداعاته.
فقد يفضل العالم الاجتماعي الألماني نوربيرت إلياس مقصودي اللعبة واللاعبين بدل الإنسان والحقيقة الاجتماعية، أي يشبه الحقيقة المجتمعية باللعبة، أما الفاعلون تم إطلاق معنى اللاعبين عليهم، بقصد أن اللاعب عندما ينقل عنصراً من عناصر الشطرنج، فإنه ينشأ لدى الطرف الآخر رد فعل، وعندما ينقل ويغير عنصراً من عناصر الشطرنج، فإنه ينشأ لدى الطرف الآخر رد فعل، وعندما ينقل الطرف المواجه عنصراً من عناصر اللعبة، يقوم الآخر برد فعل معاكس.
وقد بالغ نوربيرت إلياس في بعض المعاني في علم الاجتماع كمعنيين الماكرو وهو نطاق الواسع ولا يمكن ملاحظته والميكرو وهو نطاق صغير ويمكن ملاحظته، فما يبدو واسع قد يكون صغير، والعكس صحيح أيضاً، قد تكون العلاقة الدولية على نطاق واسع، في حين تكون العلاقة الوطنية على نطاق صغير، بين أن هذه العلاقات الوطنية قد تكون واسعة مقارنة بالظواهر صغيرة سوسيولوجية الأخرى، كما لا يقبل الباحث المفاهيم التطورية والدينية تجاه التاريخ، علاوة على هذا فقد تم تأسيس علم الاجتماع عند نوربيرت إلياس على الإدراك والتوضيح معاً.