اقرأ في هذا المقال
- موقف أهالي الحجاز
- الاجتماع بين علماء مكة المكرمة وعلماء نجد
- بنود الدعوة في مدينة الحجاز
- جمعية الخلافة الهندية
موقف أهالي الحجاز:
قبل توجه السلطان عبد العزيز إلى مكة المكرمة، أعلن بأنّ أهدفه ليست بسط نفوذه عليها، ولكن ليقوم برفع الظلم عن أهلها، وقد أضاف بأنّ سبب قدومه عليها كان لتلبية ونشر الدين، وما يتطلب عليه القيام به من أجل تطهير البلاد المقدسة من الظلم والمشاكل، وقيامه بالإضافة لإصلاح أحوال المسلمين وأمر دينهم ودنياهم، حتى تعود الحجاز إلى ما كانت عليه بالسابق من الهداية لجميع المسلمين.
فكان خطابه ذلك بمثابة النواة الأولى في تخطي حاجز القلق والخوف الذي كان بينه وبين أهالي الحجاز، وقد خشي السلطان عبد العزيز بقيام العالم الإسلامي بتفسير ضمه للحجاز بأنه كان يرغب في الملك والسلطان، لذلك وجه نداء إلى الأمة الإسلامية بالشكل العام، وسكان الحجاز بالشكل الخاص جاء بموجب ذلك النداء إعلانه فيه زهده بالخلافة، وإنّ هدفه الأول هو احترام كلمة الله وإعلاء شأن الدین وحماية حرمة البلاد المقدسة، ووعد في بيانه سكان المدينة المنورة ومكة المكرمة بالمحافظة على أرواحهم وأموالهم.
وقد قام السلطان عبد العزيز بترك أمور الحجاز إلى وقت عقد مؤتمر يخص ذلك الشأن، يقوم بالاشتراك به جميع المسلمين. وصل السلطان إلى مكة المكرمة في عام 1343 / 1924 ميلادي، فدخلها دخول العبد الخاضع والمسلم الخاشع، لا الملك الفاتح ولا المتكبر، وقام بالتوجه إلى البيت الحرام وطاف بالبيت المبارك.
اجتمع السلطان عبد العزيز بالعديد من العلماء وأهالي مكة المكرمة في المكان الذي أعدته إدارة البلدية لذلك في عام 1343/ 1924 ميلادي، ثم التقى بالعلماء والأعيان من أهل مكة المكرمة في دار الحكومة الحميدية، وقام حافظ وهبة بإلقاء كلمة في الاجتماع أشار فيها بأنّ السلطان عبد العزيز يرى أنّ هذه البقعة المباركة من أقدس بلاد الله، كما أشار إلى سياسة السلطان عبد العزيز في الحجاز التي تتركز على قواعد الشورى، وأنه لا يرغب في الاستبداد بالحكم وإنّ السلطان عبد العزيز ورجاله سيضحون بنفوسهم وأموالهم في سبيل تطهير البلاد المقدسة.
ثم قام السلطان عبد العزيز وألقى كلمة حدد فيها سياسته، بقوله: ” والذي أبغيه في هذه الديار أن يُعمل بما في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. كما ذكر بأنّ جميع الأمور بيد الله، ولابد من تطبيق آداب القرآن، وأكد لهم أنّ العقائد التي جاء بها الأنبياء ذات مرجع واحد، كذلك عرض في كلمته بقيام أهل نجد بالطاعة للشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب الحركة الإصلاحية وقال: ” إننا لم نطع ابن عبد الوهاب وغيره إلا فيما أيدوه بقول من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”.
كما قام بالرد على الحملة المعادية التي قام بها الأتراك ضد أهل نجد، وأشار إلى ما أشاعه الأتراك ضد أهل نجد من إنهم لا يصلون على محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم يعتبرون الصلاة عليه شرك بالله، وفي نهاية الخطبة طلب السلطان عبد العزيز من أهل مكة المكرمة إذا ما اتفقوا معه على ما ورد فيها، أن تتم بينهم وبينه المبايعة على كتاب الله وسنة رسوله صلی الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده.
وقد كان لكلمة السلطان عبد العزيز أثر كبير على أهل مكة المكرمة، واستطاع السلطان عبد العزيز بذلك الوقف ضد الآراء المخالفة له وللحركة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما نجح في ملئ نفوس أهل مكة المكرمة بالطمأنينة والأمن.
الاجتماع بين علماء مكة المكرمة وعلماء نجد:
في ذلك الوقت اتفق الجميع على مبايعته، وكان في مقدمتهم الشيخ عبد القادر الشيبي وتم عقد اجتماع بين علماء نجد وعلماء مكة المكرمة؛ بناء على طلب من أحد علماء مكة المكرمة، تم فيه الاتفاق على بعض الأمور الدينية مثل: ” تحريم البناء على القبور وإسراجها وإقامة الصلاة عندها؛ لأن ذلك محرماً في الشريعة”.
قام السلطان بتوجيه خطاباً لأهل مكة المكرمة والمناطق المجاورة لها من سكان الحجاز، جاء في ذلك البيان تأكيد السلطان سبب قدومه إلى هذه الأراضي المقدسة فقال: ” أما بعد فلم يقدمنا من دیارنا إليكم إلا انتصار لدين الله الذي انتهكت محارمه، ودفع لشرور کان يكيدها لنا ولدیارنا من استبد بالأمر فيكم قبلنا “. وقام بعد ذلك بتوضيح الطريقة والمبدأ الذي سيسير عليه، حيث خص بالذكر بأنّ هدفه هو تطهير البلاد المقدسة من المعتدين عليها.
وإنّ المرتكز الأساسي الذي تقوم عليه مدينة الحجاز هو الشورى بین المسلمين، كما ذكر قيامه بطلب قدوم هيئة إسلامية لعقد مؤتمر إسلامي عام، يتقرر من خلاله تكوين الحكومة الأفضل للحجاز، كما طمأن السلطان عبد العزيز العلماء وموظفي الحرم الشريف والمطوفين بتغير أوضاعهم إلى ما هو أفضل.
وأشار السلطان عبد العزيز في كلمته إلى عدم تهاونه في معاقبة الظالم وتطبيق قواعد الإسلام وشرع الله، وأنه يرفض الواسطة بجميع أشكالها حتى لو قام أحد المقربين منه بمخالفة الشرع يقوم بتطبيق القوانين علية ويقوم بمعاقبته، وكان لهذه القرارات الأثر الإيجابي الذي امتد في نفوس الحجازيين، وأخذ مركز ابن سعود يكتسب محبة واحترام الجميع له.
بنود الدعوة في مدينة الحجاز:
لقد كانت الدعوة تتسم بالوضوح بناء على بنود معينة وهي ما يلي:
- إنّ الحجاز لأهلها من ناحية الحكم.
- اختيار حاكم مدينة الحجاز بإشراف ممثلي العالم الإسلامي.
- يجب أن تكون الشريعة الإسلامية دستور الحجاز.
- استقلال الحجاز الداخلي.
- جعل الحجاز على الحياد، للمحافظة عليها.
- لا تقوم حكومة الحجاز بتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع دولة غير إسلامية.
- تحديد الحدود الحجازية، ووضع النظم المالية والاقتصادية والإدارية.
قام مجموعة من المندوبين بالاجتماع وبدل قيامهم بمناقشة الأمور التي تمت دعوتهم بسببها، كثرت مناقشاتهم في أمور مختلفة، وبذلك لم يتوصلوا إلى شيء يذكر غير توصيات لا تحقق الأهداف التي کان يتطلع السلطان إلى تحقيقها للحجاز، بل إنّ بعضهم أراد التدخل في شؤون الحجاز الداخلية، ونسي بأنّ الحجاز للحجازيين، في ذلك الوقت قلق الشعب الحجازي من تلك الأفكار المتداولة، وشعروا بأنهم سيخضعون إلى إدارات غير مستقلة تحت النفوذ الأجنبية.
جمعية الخلافة الهندية:
في ذلك الوقت ظهر ما يعرف بجمعية الخلافة الهندية التي كانت تنص بوجود إدارة مشتركة للحجاز من جميع الشعوب الإسلامية، وبذلك دليل على وقوع الحجاز في أيادي غير تابعة لها وتحت النفوذ الأجنبية التي ستبسط سيطرتها على الحجاز، ولذلك تقدموا بطلب إلى السلطان عبد العزيز بقيامه بتنفيذ ما وعدهم به، وهو تقرير مصيرهم ومشاركتهم في اختيار حاكمهم وحقهم بالحجاز، وهم والنجديون سواء.