تعريف الموالي
الموالي جمع مولى، المولى في تعريف الدين الإسلامي وهو الوَليّ أي الناصر، وذلك في قوله تعالى: {ذلكَ بأنّ اللّهَ مَولَى الذينَ آَمَنوا وأَنّ الكافِرينَ لا مَوَلى لَهم} [محمد: 11]. والمولى: العصبة، ومن ذلك قوله تعالى: {وإِنّي خِفتُ المواليَ مِنْ ورَائِي} [مريم: 5] أي ورثة الرجل وبنو عمه، وأطلق اسم الموالي على كل شخص من سكان الدولة الإسلامية عندما يدخل للدين الإسلامي، والذي أُمر بإعطائه حقه بالمساواة مع المسلمين في كافة حقوقه.
لعب الموالون المخلصون في الدولة الأموية دورًا مهمًا في جميع الجوانب السياسة والعلمية والشؤون العسكرية، وشغلوا العديد من الوظائف المهمة وقاموا بتعريب الدواوين، ولعبوا دورًا مهمًا في تطور البلاد وتقدمها، وقاموا بالكثير من الفتوحات والغزوات فقد كان منهم الكثير من القادة الأمويون الشجعان مثل طارق بن زياد وموسى بن نصير ووالده، كما ظهر بينهم العديد من كبار العلماء وقد كان لهم تأثيرًا كبيرًا في الخلافة الإسلامية في العهد الأموي وتكونت فئة الموالي من مجموعة من الطبقات.
طبقات الموالي في الدولة الأموية
الطبقة الأولى:
الموالون العرب، هم الذين أطلق سراحهم أو تحالفوا مع بعض القبائل العربية المؤثرة سياسياً – أي ينتمون إلى قاعدة العصبية التي أنشأتها الدولة الأموية – وهم كانوا سندًا للدولة الأموية، وكان من عظماء الفاتحين المسلمين “طارق بن زياد” سيد الأمازيغ، وكان جيشه الذي قام بفتح الأندلس معظمه من المواليين.
ومن الموالين الذين وصلوا إلى الإمارة، موسى بن نصير ووالده من عام (102) هـ، الذي سبي من عين التمر، ويسطر التاريخ الكثير من الشجعان من الموالي الذين ساهموا في رسم سياسة الدولة الأموية، وقد اعتبروا جزء حقيقي من الطبقة الحاكمة، وهم لا يختلفون عن أسيادهم.
الطبقة الثانية
من الموالين علماء الدين الذين قضوا حياتهم في السعي وراء المعرفة، قادرين على الحفاظ على فقه الدولة الإسلامية وأدبها وتراثها الحديث وجميع فروع العلم، على سبيل المثال، في المدينة المنورة، أساتذة العلماء هم: “سلمان بن بشار” ، والي ميمونة بنت الحارث المتوفاة سنة (103)بعد الميلاد، ونافح والي ابن عمر وربيع الراي.
أمير الإمام مالك في مكة المكرمة، مجاهد بن جبر أمير قيس المخزومي، توفي عام (102) هـ عكرمة والي ابن عباس وعطاء بن أبي رباح، بالبصرة: الحسن البصري، وأبوه مولى زيد بن ثابت، وفي الشام مكحول توفي سنة 118هـ، وفي مصر يزيد بن حبيب “بربري، وهو شيخ الليث بن سعد وغيرهم.
الطبقة الثالثة
الموالون من الدرجة الثالثة: هؤلاء هم الموالون العامون الذين اعتنقوا الإسلام دون توقيع عقد ولاء مع إحدى القبائل العربية، وبقي ولائهم للأمة بأكملها، هؤلاء الناس مندمجون في نسيج المجتمع الإسلامي، ولا يختلفون عن غيرهم من العرب، وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد لهم مجالات عمل مغلقة، كما ذكرنا انهم كانوا يعملون مع الأمراء وقادة الجيش والعلماء، وبذلك فتحت أمامهم جميع أبواب الدولة الأموية.
ومن المخلصين من يسمو معتقداتهم على التعصب، لأن هناك الكثير من العرب وغيرهم ممن يعرفون الإسلام جيداً، ويعتقدون أن جميع المسلمين والعرب وغير العرب متساوون، ويعلمون جيدًا أنه لا فضل بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى، فلا يفرقه جنسه وعرقه، وأكبر مثال على ذلك الحسن البصري كان له مكانة عالية بين العرب والمسلمين، ولكانت كلمته مسموعة في الدولة الأموية، ويذكر رايه بكل جرأة أمام الخلفاء وذُكر أن جنازته حضرها أعداد هائلة، وذلك بسبب اتساع شعبيته وعدم التفريق بين المواليين وغيرهم وأن التقوى هي مقياس التفضيل في الإسلام.
انتشر الرأي العام حول بني أمية من قبل بعض المستشرقين الكامنين مثل: فون كرامر وفان فلوتين وبراوان وحتى جورجي زيدان وفيليب وبعض المؤرخين المعاصرين مثل: حسن إبراهيم حسن وعلي حسني الخربوطلي وغيرهم، أن الخلفاء الأمويون استغلوا المواليين واضطهدوهم واحتقروهم، وذكروا أن من نتائج سقوط الدولة الأموية المواليين.
أنا لا أؤيد هذا الرأي حيث اتضح أن الأمويين كان لديهم الموالين الذين شاركوا في الحكم وقاموا بالغزوات والفتوحات، وشغلوا المناصب المهمة، وكان منهم العلماء، إلا أنه يمكننا القول أنه ممكن وجود مجموعة منهم عارضت حكم الدولة الأموية مثل العرب الآخرين الذين عارضوه أيضًا، وتكمن عظمة الحضارة الإسلامية في تنوع الأجناس والألوان والثقافات، والحقيقة أن القراء يبهرون عندما يرون الإنصاف والعدالة والمساواة بين أبناء المجتمع الإسلامي.