النظرية التوليفية عند بيبر بورديو

اقرأ في هذا المقال


النظرية التوليفية عند بيبر بورديو:

حاول بيبر بورديو تجاوز متناقضة (الذاتي والموضوعي)، في عمله العام والموحد حول الممارسات الاجتماعية، من خلال إعادة الوضوح التكاملي للعلاقات بين الأبعاد الرمزية والمادية للحياة الاجتماعية، ومن أجل إنجاز هذا الهدف، فقد دخل بيبر بورديو في حوار حاسم مع الماركسية، وبشكل خاص الماركسية البنيوية عند لويس ألتوسير، وخارج هذا التحدي مع الماركسية البنيوية، طوّر بيبر بورديو اقتصاد سياسي للقوة الرمزية، والذي يتضمن نظرية المصالح الرمزية، ونظرية في القوة كرأسمال ونظرية في العنف الرمزي، ورأس المال الرمزي.
لقد نأى بيبر بورديو بذاته عن الماركسية بموجب إجراءين، فمن ناحية أطلق اصطلاح (المصالح الرمزية)، في محاولة منه لتوسيع فكرة المصلحة الاقتصادية التي تقتصر على صورة مزعومة غير حقيقية، على البضائع والخدمات الاقتصادية، ومن ثم بموجب إعطاء البنى الاقتصادية صفة مركزية في الحياة الاجتماعية، فإن الماركسية تعيد إنتاج معارضة ذاتية وموضوعية، وتقلل من قيمة الأبعاد الرمزية والسياسية، كما ترسخ التمييز بين البناء التحتي والبناء الفوقي، فقد رفض بيبر بورديو كل ذلك، وذهب إلى إعطاء فكرة المصالح الاقتصادية إلى مدى أوسع، لتشمل المسائل الرمزية وغير المادية، مثلما شملت المادية.
ومن جهة ثانية، عمل بيبر بورديو على توسيع فكرة رأس المال، لتحتوي على جميع أشكال القوة، سواء كانت مادية أم ثقافية أم اجتماعية أم رمزية، فالأفراد يستحضرون مصادر ثقافية، واجتماعية ورمزية مختلفة من أجل المحافظة على مواقعهم ووضعهم في النظام الاجتماعي.
يوضح بيبر بورديو، أن هذه المصادر تمثل رأس مال عندما تقترن بعلاقة قوة اجتماعية، بحيث تصبح موضوعات ذات قيمة يناضل الأفراد من أجل الحصول عليها في المجتمعات الحديثة ذات التنوع والاختلاف.
فإن الوصول إلى الدخل في سوق العمل يستند على رأس المال الثقافي، في شكل وثائق تعليمية وشهادات تحصيل، كذلك يستند على رأس مال اجتماعي في شكل شبكات عمل، وهذه الأشكال من القوة، وتوزيعها غير المتساوي بين الأفراد والجماعات، تفسر أن المنافسة التامة والعشوائية ليست كافية لفهم الحياة الاجتماعية، كما توضح أن التركيز الماركسي على رأس المال الاقتصادي يعتمد على مفهوم مقيد وضيق للقوة.
كما يوضح بيار أنصار في كتابه العلوم الاجتماعية المعاصرة، إن مقولات بيبر بورديو التي تعطي أهمية مركزية للممارسات الرمزية تستجيب لبديهات أساسية مثل: أن العلاقات الطبقية ليست علاقات اقتصادية فقط، بل هي علاقات قوة وعلاقات معاني معاً، وهذه المقولة تتضمن نقداً كاملاً للمفهوم الماركسي عن الطبقات الاجتماعية، حيث يستبعد بذلك الثنائية الماركسية عن الاقتصادي والأيديولوجي.


شارك المقالة: