النظرية الحديثة في التنظيم في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


النظرية الحديثة في التنظيم في علم الاجتماع:

يجمع الدارسون لقضية التنظيم أن أهم ما يميز النظرية الحديثة في التنظيم هو أنها تجمع بين الاعتماد على البحث الأمبريقي من ناحية، وبين الاعتماد على أساس تصوري تحليلي من ناحية أخرى، كذلك فإنها تتسم بطابع تكاملي وتقوم هذه النظرية على أساس دراسة التنظيمات كأنساق اجتماعية، وقد طرح أنصار هذه النظرية مجموعة من التساؤلات التي لم توفق النظريات السابقة في طرحها أو الإجابة عليها.

التساؤلات التي تشكل الإجابة عليها النظرية الحديثة في التنظيمات ما يلي:

1- إذا كان التنظيم الصناعي يجب أن يدرس باعتباره نسقاً، فما هي الأجزاء الاستراتيجية للنسق؟

2- ما هي طبيعة الاعتماد المتبادل بين الأجزاء المكونة للنسق؟

3- ما هي العمليات الأساسية التي تتم داخل النسق والتي يتحقق من خلالها الربط بين تلك الأجزاء وتحقيق التوافق بينها؟

4- ما هي الأهداف التي يسعى النسق التنظيمي إلى تحقيقها؟

5- ما هي أدوات البحث التي يجب استخدامها عند دراسة التنظيمات؟

والواقع أن النظرية الحديثة في التنظيمات لا تمثل بناء موحداً من الأفكار؛ ذلك ﻷن كل باحث له رؤيته المعينة للنسق، إلى جانب أنه غالباً ما يركز على جانب معين من جوانب ذلك النسق، ومع ذلك فإن هناك خطأ موحد يربط بين مجموعة من الدراسات الحديثة في مجال التنظيمات، هو الذي يسمح لنا بالحديث عن نظرية حديثة في هذا المجال، ويقوم هذا الخط في جوهره على النظر إلى التنظيم في كليته كنسق، وأهم الدراسات التي تمثل هذا الاتجاه، دراسة مارش وسيمون بعنوان التنظيمات والدراسة التي أخرجها هير بعنوان النظرية الحديثة في التنظيم.

تحليل النظرية الحديثة لمكونات النسق:

حاول أنصار النظرية الحديثة توضيح أهم أجزاء النسق المتساند أو المتبادلة الاعتماد، ويمكن أن نوجز أهم هذه الأجزاء أو المكونات كما يلي:

1- بناء الشخصية الفردية:

ويتضمن هذا البناء دوافع أعضاء التنظيم واتجاهاتهم وتوقعاتهم والأهداف التي يبغون تحقيقها من مشاركتهم في التنظيم.

2- التنظيم الرسمي:

أو الترتيب الرسمي للوظائف والأدوار والإدارات والأقسام، ويذهب بعض الدارسين إلى أن هناك صراعاً جوهرياً بين متطلبات هذا التنظيم الرسمي وبين بناء الشخصية الناضجة السوية، حيث أن الدور التنظيمي يعوق الانطلاق الحر للشخصية بما يفرضه من قيود وضوابط وحدود، وعلى أي حال فإن عضو التنظيم لديه عادة مجموعة من التوقعات والتطلعات التي يحاول إشباعها من خلال موقعه التنظيمي أو وظيفته الرسمية.

كذلك فإن الوظيفة أو الدور التنظيمي متطلبات معينة يتوقع التنظيم من شاغل ذلك الدور القيام بها بدرجة عالية من الكفاءة، ويهتم بعض أنصار النظرية الحديثة في التنظيم بدراسة وتحليل التناقض بين هذه المتطلبات أو التوقعات، توقعات الفرد والتنظيم.

3- التنظيم غير الرسمي:

نلاحظ أن هناك نمطاً معيناً للتفاعل بين عضو التنظيم وبين الجماعة أو الجماعات غير الرسمية التي ينتمي إليها، وهناك تفاعل دائم أو مستمر بين التنظيمين الرسمي وغير الرسمي، ولا تكون هناك مشكلة كبيرة إذا ما كان هناك توافق أو عدم تناقض جوهري بين توقعات ومعايير ومتطلبات التنظيمين الرسمي وغير الرسمي.

وتظهر المشكلة واضحة وجلية إذا ما كانت معايير ومتطلبات التنظيم الرسمي، ففي هذه الحالة يقع الأعضاء في صراع بين الأدوار وتوقعات الأدوار المتصارعة، وينعكس هذا الصراع بطبيعة الحال على الكفاية الإنتاجية للعامل أو عضو التنظيم، ويحدث خلال التفاعل داخل التنظيم أن تتغير التوقعات والتصورات، فالعضو يكون له توقعاته وتصوراته عن التنظيم وعن موقعه وعن نوع الإشباع الذي يمكن أن يحققه من خلال مشاركته في التنظيم، كذلك يكون للتنظيم الرسمي توقعاته من العضو الذي يشغل مركزاً ويلعب دوراً معيناً.

يضاف إلى هذا أن التنظيم غير الرسمي يكون له توقعاته من ذلك العضو، وقد تكون هذه التوقعات متطابقة، كما أنها قد تكون متعارضة، فقد يجد العضوان موقعه التنظيمي لا يحقق له الإشباعات الاجتماعية أو المادية أو النفسية بالصورة التي كان يتوقعها، كذلك قد يجد المسؤولون عن التنظيم أن العضو لا يؤدي دوره بالصورة التنظيمية المتوقعة.

وبالمثل قد تتعارض متطلبات التنظيمين الرسمي وغير الرسمي بالنسبة للعضو الانصهار، حيث يحدث ما يطلق عليه باك عملية الفرد من توقعاته السابقة، على الالتحاق بالتنظيم على ضوء ما هو ممكن في التطبيق والواقع، وتستهدف عملية الانصهار هذه التوفيق بين مختلف مكونات التنظيم من أجل الاحتفاظ بالتكامل التنظيمي.

4- الظروف المادية للعمل:

وقد كشفت الدراسات المختلفة عن أن هناك تفاعلاً مستمراً بين الإنسان وبين أجهزة الإنتاج داخل إطار الظروف المادية للعمل، وقد بذلت عدة محاولات من جانب المهندسين لتحسين الظروف المادية للعمل ولكنها لم تؤدي إلى النتائج المطلوبة.


شارك المقالة: