اقرأ في هذا المقال
- النظرية السلوكية وعلم الجريمة
- النظرية الديناميكية وعلم الجريمة
- النظرية المعرفية وعلم الجريمة
- نظرية الصراع وعلم الجريمة
- نظرية الاختيار العقلاني وعلم الجريمة
- نظرية التعلم الاجتماعي وعلم الجريمة
توضح النظرية النفسية في علم الجريمة أنّ الجريمة مشكلة رئيسية في المجتمع، فيوضح إدوين ساذرلاند (Edwin Sutherland) عام 1949 أنّ معدل الجريمة هو تكرار للجرائم على مدى وحدة من الوقت والمكان من وجهة نظر إحصائية، وهناك العديد من النظريات الجنائية النفسية وهي النظرية السلوكية والنظرية الديناميكية النفسية ونظرية التعلم الاجتماعي ونظرية الصراع والنظرية المعرفية.
النظرية السلوكية وعلم الجريمة
تفترض النظرية السلوكية أنّ الجريمة ناتجة عن التأثير التراكمي للعوامل البيئية والضغوط المحددة، ومع ذلك لا يصبح كل من يتعرض للعوامل والضغوط البيئية مجرمًا، وتفترض هذه النظرية أنّه خلال المراحل الأولى من الحياة أي في مرحلة الطفولة يكون الضغط الاجتماعي والاستعداد البيولوجي والتعزيزات الداخلية والخارجية مسؤولة عن تطوير السلوك الإجرامي، ومن ناحية أخرى ذكر جريشام سايكس (Gresham Sykes) وديفيد ماتزا (David Matza) في عام 1957 أنّ المشاركة في السلوك الإجرامي هي وسيلة لاكتساب القوة للأفراد الذين لا يملكون عادة هذه القوة.
فأولاً يحاولون إيجاد طريق للبقاء في السلطة باستخدام طرق مشتركة، ومع ذلك إذا فشلت هذه المحاولات فإنّهم يحاولون إيجاد طريقة أخرى باستخدام طرق غير قانونية، كما إنّهم يطورون السلوك الإجرامي كرد فعل لفشل التواجد في السلطة، وبالتالي تسمى هذه النظرية أيضًا بنظرية الشخصية المعادية للمجتمع، وفي هذه النظرية تعتبر الجريمة مشكلة نفسية.
النظرية الديناميكية وعلم الجريمة
وفقًا للمنظور النفسي الديناميكي الذي طوره سيغموند فرويد (Sigmund Freud) في عام 1924 ينتج السلوك الإجرامي عن الصراع الداخلي بين الاحتياجات البيولوجية والاجتماعية، وتتكون الشخصية البشرية في نظريته من ثلاثة أجزاء وهي:
1- الهوية الشخصية: وهي جزء من اللاوعي يتحكم في غرائز البشر، وهذا الجزء يخلق رغبات معادية للمجتمع من أجل المتعة، وبمعنى آخر لا يهتم بالعواقب المترتبة على أنشطته ويفعل كل ما يلبي الأهداف لتحقيق المتعة.
2- الأنا: إنّه الجزء الواعي الذي يمكنه التحكم في رغبات الهوية وأنشطة الأنا العليا، وبمعنى آخر يحاول إيجاد توازن بين رغبة الهوية والقواعد الاجتماعية، ومع ذلك في بعض الأحيان لا يستطيع هذا الجزء التحكم في أنشطة المعرف.
3- الأنا العليا: إنّه الجزء المركزي من الشخصية الذي يتحكم في رغبات وأفعال الإنسان، بحيث يمكنه التحكم في رغبات الهوية والقواعد الاجتماعية.
وهكذا فسرت هذه النظرية الجريمة كنتيجة للصراع بين رغبة الشخص (عادة من جزء الهوية) وقواعد المجتمع (التي تؤمن بها الأنا العليا)، وجادل هذا المنظر بأنّ المجرمين لا يأخذون في الاعتبار عواقب أفعالهم والرغبة تمتلكهمن فيفعلون ما يمكن أن يلبي رغباتهم الداخلية بغض النظر عن عواقب أفعالهم، وأوضح فرويد أيضًا أنّه لفهم الجريمة بشكل أفضل يجب على المرء أن يتعرف على التجارب السابقة للمجرمين، وقال إنّه عندما يتعرض الشخص لأي صدمة أثناء صغره يمكن أن يتسبب ذلك في اضطرابات نفسية حادة يمكن أن تؤدي إلى أفعال مخالفة للقانون.
النظرية المعرفية وعلم الجريمة
تؤكد النظرية المعرفية أنّه لفهم السلوك الإجرامي بشكل أفضل يجب على المرء دراسة أفكار المجرمين، وبالتالي يجب على المرء أن يفهم كيف يفكر الأفراد في الجريمة وما إذا كان بإمكانهم السيطرة على أنفسهم أم لا، ووفقًا لهذه النظرية يرتكب الناس الجرائم لأنّهم يعتقدون أنّ ما يفعلونه هو الصواب، وبمعنى آخر يعتقد المجرمون أنّ سلوكهم وأهدافهم واهتماماتهم أهم من القوانين، وهذا النوع من التفكير يسمى التفكير الأناني.
تنص هذه النظرية على أنّ الجنوح يمكن اعتباره انتهاكًا للقواعد الاجتماعية الضمنية بدلاً من القوانين المكتوبة الصريحة، وبالتالي ينتج السلوك الإجرامي عن الاعتقاد بأنّ تصرفات المرء معقولة على الرغم من أنّها لا تخضع لقواعد المجتمع، وتنص هذه النظرية على أنّه لفهم السلوك الإجرامي بشكل أفضل يجب على المرء أن يدرس الجريمة من منظور المجرم.
مستويات النظرية المعرفية
هناك ثلاثة مستويات للنظرية المعرفية:
مستوى ما قبل التقليدي للأخلاق
يشير هذا المستوى إلى المرحلة قبل أن يبدأ الشخص في التفكير في الصواب والخطأ، وفي هذه المرحلة لا يهتم الطفل بالقواعد الاجتماعية لأنّهم يعتقدون أنّها صحيحة، فعلى سبيل المثال لتحقيق أهدافه واهتماماته قد يكذب الطفل أو يسرق أو حتى يقتل شخصًا ما.
المستوى التقليدي للأخلاق
في هذه المرحلة يبدأ الشخص في الاهتمام بالقواعد الاجتماعية ويحاول اتباعها، وأهداف هذه المرحلة هي المصالح الذاتية، في حين أنّ وسائل الحصول على تلك المصالح تتبع أيضًا قواعد المجتمع، فعلى سبيل المثال إذا أراد المرء أن يسرق شيئًا من شخص آخر فيمكنه فعل ذلك طالما لم يتم اكتشافه.
مستوى ما بعد التقليدي للأخلاق
في هذه المرحلة يبدأ الشخص بالتفكير في الصواب والخطأ، وأهداف هذه المرحلة هي الاهتمامات الاجتماعية في حين أنّ وسائل الحصول على تلك المصالح تتبع أيضًا القوانين المجتمعية، فعلى سبيل المثال إذا أراد شخص ما سرقة هدية باهظة الثمن من شخص آخر (والتي يمكنهم بيعها لكسب المال وشراء شيء ما لأنفسهم) فلن يفعلوا ذلك لأنّهم يدركون أنّ السرقة أمر خاطئ.
نظرية الصراع وعلم الجريمة
تنظر نظرية الصراع إلى المجتمع على أنّه ساحة يتنافس فيها الأفراد والجماعات على السلطة، وفي هذه النظرية تنتج الجريمة من الصراع بين الطبقات الاجتماعية (الغنية والفقيرة) والفئات الاجتماعية أو حتى الأفراد، ووفقًا لهذه النظرية فإنّ العلاقة بين الأفراد هي العامل الحيوي الذي يؤثر على تطور السلوك الإجرامي، وهذا يعني أنّ الأشخاص الذين يفتقرون إلى الروابط الاجتماعية مع بعضهم البعض هم أكثر عرضة للانحراف.
الأشخاص الذين ليس لديهم أصدقاء أو أفراد أسرة يدعمونهم عندما يكونون في مأزق هم أكثر عرضة لارتكاب أعمال إجرامية، وهذا بسبب عدم وجود أشخاص يمكنهم تشجيعهم أو دعمهم عندما يكونون في مأزق، ولذلك يميل هؤلاء الأشخاص إلى حل المشكلات المختلفة بأنفسهم، وتشير هذه النظرية إلى أنّ الجريمة تحدث في المجتمعات الفقيرة لأنّ الأفراد الذين يعيشون في هذه المجتمعات محرومون اجتماعيًا واقتصاديًا.
لفهم الجريمة بشكل أفضل يجب على المرء دراسة أسباب هذه الظاهرة، وبمعنى آخر يجب على المرء دراسة العوامل التي تؤثر على السلوك الإجرامي، ويمكن أن يساعد ذلك في منع الجريمة في المستقبل وجعل المجتمع أكثر أمانًا للجميع.
نظرية الاختيار العقلاني وعلم الجريمة
تنص هذه النظرية على أنّ الناس عقلانيون في اتخاذ قراراتهم وأنّ الجريمة تنتج عن هذه القرارات، وبمعنى آخر يرتكب الأفراد الجرائم لأنّهم يتخذون قرارات عقلانية، ووفقًا لهذه النظرية يتمتع كل شخص بتفضيلات أو موارد أو فرص فريدة وتؤثر هذه الخصائص على قرارات الشخص، فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص يقدر المال أكثر من الأسرة فقد يسرق محفظة شخص ما من أجل الحصول على المال، وسيكون قراره بسرقة المحفظة منطقيًا لأنّ المال يساوي أكثر من الأسرة بالنسبة له.
نظرية التعلم الاجتماعي وعلم الجريمة
تقترح هذه النظرية أنّ الناس يتعلمون السلوكيات الإجرامية من الآخرين وأنّ هذه التأثيرات تحفز الناس على الانحراف، وهذه النظرية لها أربع مراحل وهي:
1- مرحلة الاستبدال: التعلم القائم على الملاحظة.
2- مرحلة الاستحواذ: النمذجة.
3- مرحلة الأداء: الممارسة.
4- مرحلة الصيانة: التقليد.
من ناحية أخرى تنص هذه النظرية أيضًا على أنّ الناس يتعلمون السلوكيات الإجرامية من خلال التجربة والثقافة.