النظرية الوظيفية

اقرأ في هذا المقال


النظرية الوظيفية: هي النظرية التي تقوم بدراسة الظواهر الثقافية من حيث الوظيفة التي تقوم بها. وعُرّفت الوظيفية بأنها النظرية الطبيعة البشرية، وهي طريقة عمل المؤسسات الإنسانية، وما تقوم به الثقافة من أجل تطور الإنسان في جميع مراحل حياته، ويُعرّف هالوويل الوظيفية فيقول: هو النظر في ظاهرة على أساس ارتباطاتها في سياق معين أو بناء معين.

إن الوظيفية كانت موجودة باستمرار في الإثنولوجيا، وخاصة في الإثنولوجيا الوصفية، وهو لأن أي وصف موسّع وشامل لثقافة ما أو لعادة ما يكون وظيفيًا.

النظرية الوظيفية عند مالينوفسكي:

علم أنثروبولوجي بولوني درس علم النفس وعلم الاقتصاد، قام بالعديد من الأبحاث الميدانية بالعديد من الدول، واعتُبِر مالينوفسكي من أكبر مؤسسي الأنثروبولوجيا العلمية، من خلال الثورة التي قام بها في مجال البحث الميداني. واستعمل نظام السؤال لتكون نتائجه أكثر علمية.

ومن وجهة نظره هو الذي ينطلق في عمله من خلال معطيات الواقع ويتدرّج في الأنثروبولوجيا بمثابة اللسان الناطق للنظرية الوظيفية التي لم تكن منسجمة كثيراً، ليقع بعد ذلك في الدوغمائية والكليانية، واعتبر من الشخصيات الأولى في الأنثروبولوجيا الاقتصادية.

النظرية الوظيفية عند راد كليف براون:

أنثروبولوجي بريطاني، ويُعتبر أول أنثروبولوجي في بلده وكانت أغلب أعماله لدراسة الشعوب غير الصناعية، كان رافض لنظريات التطورية والانتشارية، وقام بدراسة مكثفة ودقيقة للعلاقات في المجتمع أو البنية المجتمعية، تأثّر بالمدرسة الوضعية حيث اعتقد مثل دوركايم بقدرة المجتمع على إنتاج قوانين شاملة.

تُعتبر الوظيفة عند راد كليف براون هي مساهمة العضو في المجتمع الواحد وانشغال الأعضاء الآخريين في المجتمع في الحفاظ على حياة المجتمع كامل، وهذا يعني أن كل مؤسسة وكل جماعة تُساهم في الحفاظ على استمرارية المجتمع.

تأثّر براون بتعريف دوركايم لوظيفة البناء المجتمعي ورأى في نفس الوقت ضرورة إجراء تعديل على تعريف دوركايم لتوضيح رأيه، وقام باستبدال كلمة حاجات المستعملة في تعريف دوركايم بمصطلح الشروط الظرورية للوجود.

قصد براون بالبناء الواقعي مجموعة العلاقات بين الأفراد والجماعات، فينضم أعضاء جدد بعدة طرق بالولادة أو الهجرة ويخرج آخرون عن طريق الموت، وبتصور براون البناء الواقعي في هذه الصورة المتغيرة، تبقى الصورة البنائية العامة بشكل ثابت نسبياً لفترة قد تكون طويلة أو قصيرة، لأن ( الصورة البنائية) قد يطرأ عليها تغيّر بشكل تدريجي أو فجائي مثل حالات الحروب، وحتى مع هذه الحالات يبقى البناء الاجتماعي ثابتاً، في الواقع لا يمكن فهم البناء الاجتماعي إلا من خلال فهم العلاقات الاجتماعية التي تظهر في السلوك المتبادل بين الأشخاص.

العلم الطبيعي من وجهة نظر براون هو البحث المنهجي في بناء الكون، ويتفرع العلم إلى عدد من العلوم المستقلة التي يدرس فيها كل علم فئة معينة أو نوع معين من الأبنية، بهدف معرفة الخصائص المهمة لهذا البناء المصنّف ضمن هذا النوع، ومثال ذلك الكمياء، حيث تدرس بناء الجزئيات وعندها اعتقد براون أن ثمة أنواع أخرى من العلوم الطبيعية ستكتشف الخصائص العامة لذلك البناء الاجتماعي الجديد، الذي يتكون من الكائنات الحيَة، وهذا يعني أن علم الإنسان اهتم بالحياة الاجتماعية باعتبارها علم طبيعي يهتم بدراسة البناء الاجتماعي أو علم الإنسان.
الحياة الاجتماعية هي دراسة المجتمع الإنساني بطريقة منهجية مرتبة تقوم على مقارنة الأشكال المختلفة للمجتمعات والتركيز على الأشكال البدائية أو الأولية. و براون يرى أن الإنسان كشخص هو المجتمع الذي ينطلق منه علم الإنسان. فهو اللبنة الأساسية التي يتكون منها المجتمع.

المجتمع هو كائن بيولوجي في البداية قبل كل شيء، وإن التشابه بين المجتمعات إذا دلّ على شئ يدل على وجود علاقة في البناء العضوي والبناء الاجتماعي، على الباحث أن يدرس عناصر البناء الاجتماعي بهدف الكشف عن العلاقات الداخلية التي تكون نسق اجتماعي جديد، ومن ثم يتوصّل إلى اكتشاف القوانين الوضعية لمجتمع ما أو مجتمعات معينة، يتوصل منها فيما بعد إلى تعميمات عن طبيعة المجتمعات الإنسانية مع التركيز على أن هذه التعميمات قد ابتدأ استنتاجها بناء على حالات فردية.

الإنسان هو كائن بيولوجي يتكوّن من مجموعة كبيرة من وحدات وعمليات عضوية ونفسية وبيولوجية، بالتالي كان محور لدراسة علم النفس وعلم الإنسان، والإنسان هو مجموعة من العلاقات الاجتماعية وفقاً لمكانته الاجتماعية سواء كان مواطن، زوج، أو أب، هو في النهاية عضو في مجتمع ما، له دور في هذا المجتمع أو المكان الذي يعيش فيه، وعندها يصبح الإنسان الشخص لا الفرد، هو أساس البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية التى تستمد استمراريتها في النظام الاجتماعي الذي يحدد أدوار الأشخاص ويحدد علاقتهم ببعضهم.
يرى براون أن استمرارية العشيرة والقبيلة، ترجع لتنظيم المجتمعات لأنفسهم على الرغم من التغيّرات التي تحدث في المكونات الأساسية لها. ويقصد براون بالبنية الاجتماعية ما يلي:

أولاً: الجماعات الاجتماعية الموجودة لفترة طويلة، هى الأشكال للمجتمع الإنساني والتي تمثّل تجمّع الأنساق في وحدات اجتماعية مختلفة الأحجام.

ثانياً: الاختلافات الموجودة بين الأفراد والجماعات في مجتمع ما، هي التي تحدد هذا الاختلاف في الأدوار الاجتماعية التى يقوم بها الأفراد في المجتمع الواحد، مثل اختلاف المكانة الاجتماعية بين الرجل والمرأة، وبين الكبار والشباب والأطفال، وبين الرئيس والمرؤوس، وبين صاحب العمل والعمال.

ثالثاً: كل العلاقات الاجتماعية التى تقوم بين الأشخاص في البناء الاجتماعي المكوّن من العلاقات الثنائية، مثل العلاقات بين الأب والأبن، ونظام القرابى في المجتمعات البسيطة من أهم النظم الاجتماعية وهو الذي يحدد شكل العلاقات الاجتماعية.


شارك المقالة: