قال ابن خلدون: “ولى كلثوم بن عياض على المغرب عام ثلاث وعشرين ومائة سرحه فِي اثني عشر ألفا من أهل الشَّام وَكتب إِلَى ثغور مصر وبرقة وطرابلس أَن يمدوه فزحف إِلى إفريقيا ثمَّ إِلى المغرب حتى بلغ وادي سبو، فبرز إِليه خالد بن حميد الزناتي فيمن معه من البربر وكانوا خلقا لا يحصون، فلقوا كلْثوم بن عياض بعد أن هزموا مقدمته، فاشتدّ القتال بينهم وقتل كلثُوم وحبيب بن أبي عبيدَة وكثير”.
الوالي كلثوم بن عياض القشيري:
كلثوم بن عياض بن وحوح بن قيس بن الأعور بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، كان كلثوم أحد ولاة أفريقيا لعدة أشهر فقط، قام الخليفة هشام بن عبد الملك بتعيين كلثوم بن عياض وهو أرستقراطي عربي من سلالة قيسيد على أفريقيا، مع السلطة على كل المغرب العربي (شمال إفريقيا) والأندلس (شبه الجزيرة الإيبيرية).
كان من المقرر أن يحل محل عبيد الله بن الحباب الذي أثار سوء حكمه ثورة البربر الكبرى في المغرب، كما أدى إلى هزيمة الجيش العربي في معركة النبلاء في نهاية عام 740 ميلادي، أُعطي كلثوم جيش جديد من العرب في 30 ألف جندي، كما أُعطيت القيادة العسكرية لجيش النخبة السوري لابن أخ كلثوم وخليفته المعين بلج بن بشر القشيري ونائب القيادة للخليفة الثاني المعين، ثلابة بن سلامة العميلي.
وصل كلثوم بن عياض إلى ضواحي القيروان في عام 741 ميلادي ولم يدخل المدينة إلا أنّه أوفد رسولاً، عيّنت حكومة المدينة عبد الرحمن بن عقبة الغفارى القاضي على أفريقيا، ثم سارع كلثوم على طول الساحل ليتقاطع مع القوات الأفريقية المتبقية للحبيب بن أبي عبيدة، ثمّ صمد ضد التمرد الأمازيغي حول تلمسان.
لم يسير المفترق بين القوات السورية والأفريقية بشكل سلس، فالقادة السوريون ولا سيما بلج بن بشر عاملوا نظرائهم الإفريقيين بأسلوب راقي ومحتقر، كادت الجيوش أن تشن ضرباتها، إلا أنّ كلثوم بن عياض غطى الخلافات وحافظ على تماسك الجيوش، تحركت الجيوش أسفل نهر سبو إلى وسط المغرب، حيث واجهوا جيش المتمردين الأمازيغ لخالد بن حميد الزناتي.
ارتكب الوالي كلثوم بن عياض عدة أخطاء تكتيكية أدت إلى هزيمة كارثية للجيش العربي في معركة بغدورة في أكتوبر 741 ميلادي، قُتل كلثوم بن عياض في الميدان، ونجح ابن أخيه بلج بن بشر القشيري في إنقاذ ما تبقى من الجيش السوري ونقلهم إلى الأندلس.