تاريخ استقلال اليمن الجنوبي

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن استقلال الدولة اليمنية:

لقد تطور الوضع السياسي بشكل كبير في السنوات الأخيرة في اليمن، فالثورة اليمنية بشكل خاص كانت طور جديد من أطوار التاريخ اليمني، وأصبح وجود الإنجليز بسبب تلك الثورة مهدداً أكثر من أي وقت آخر؛ لأنهم وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام نظام أكثر تطور من السابق.

إنّ اتساع وشمول الحركة المدافعة عن اليمن والتي تقف بوجه الإنجليز، قد أثرت بشكل كبير في الرأي العام الدولي، الذي أخذ يطالب في تحرير اليمن الجنوبي من الاحتلال الاستعماري البريطاني في تلك الفترة.

إنّ السلطة الاستعمارية ونتيجة لذلك قامت البدء بالتخطيط؛ لتتمكن من الحصول على الاستقلال التام لها، ثم إنّ الأمراء بدورهم حاولوا الضغط على السلطة الاستعمارية من أجل التسجيل في خطوات التحرير، ظناً منهم أنّ استقلال الاتحاد سيجعل منهم ورثة السلطة البريطانية، وقد اختلفت وجهت نظر وزارة الخارجية البريطانية ووزارة المستعمرات حول ذلك الموضوع.

فوزارة المستعمرات اعتبرت اليمن الجنوبي مركزاً استراتيجياً مهم، لذلك فهي رفضت عملية التسريع في إنهاء الاستعمار وبقيت تدعي حتى وقت قريب بأنّ شعب اليمن الجنوبي لم يصل بشكل كافِ إلى درجة النضج السياسي اللازمة حتى يتمكن من أن يحكم البلاد بنفيه، إلا إنّ هذه الآراء فقدت كل مبرراتها بعد عملية تحرر السودانوالصومال، البلدين المجاورين لها، بحيث يتشابه تركيبهما الاجتماعي مع محمية عدن بشكل كبير.

أما وزارة الخارجية فقد كانت تفضل عدم استمرارها في النظام الاستعماري؛ وذلك من أجل وجود قاعدة أو مجموعة قواعد وامتيازات اقتصادية متعددة، وقد نجحت وجهة النظر الثانية؛ لأن مبدأ إزالة الطابع الاستعماري بشكل سريع أصبح منطلقاً رسمياً للسياسة البريطانية التي فكرت في احتمالية انضمام دولة اليمن الجنوبي المستقلة في المستقبل إلى الكومنولث.

وقد ورد في هذا الشأن بأنّ صحيفة الغارديان علقت على هذا الاحتمال بقولها: إنّ فكرة وجود دولة عربية مستقلة داخل الكومنولث هي فكرة جيدة جداً، إلا أننا يجب أن نجعلها كذلك في نظر سكانها. إنّ ذلك القرار يزيد في توتر الوضع الذي كان قد وصل إلى حدود خطرة لذلك تحولت الأنظار عنه إلى حل على الطراز الكويتي أو السوداني، يتضمن الاستقلال والانضمام إلى الجامعة العربية.

وفي تلك الفترة قام البريطانيون بالاعتراف بأنّ الاتحاد دولة مستقلة، بالإضافة إلى اعتراف معظم أعضاء الأمم المتحدة بالاتحاد، وذلك سينتهي بالدول العربية نفسها إلى اقتراح إدخالها في جامعة الدول العربية، لذلك بدأت المساعي تتوجه إلى المنظمة الدولية، وبدأت أولى المفاوضات من أجل إنهاء النظام الاستعماري وتحديد تاريخ الاستقلال.

إعلان الاستقلال الفعلي لليمن:

إنّ الاستقلال أصبح أمراً حتمياً لا غنى عنه؛ وذلك بسبب عدم رغبة اليمن والجمهورية العربية بوجود الإنجليز في هذه المنطقة من الوطن العربي، وفي عام 1969 تم وضع مجموعة من الخطط لتتم عملية دمج عدن مع الدولة الاتحادية، وكان ذلك الموعد المحدد لإعلان استقلال اليمن بشكل نهائي.

إلا أنّ تسارع الأحداث في المنطقة وتدخل الأمم المتحدة ورغبة بريطانيا نفسها بعقد مجموعة اتفاقات جديدة بخصوص استثمار البترول الذي اكتشف في الحمية الشرقية، أدى إلى تعجيل الموعد وفي دفع بريطانيا إلى الالتزام بإعلان الاستقلال في نهاية عام 1967.

اتفاقيات عام 1962 وعام 1959:

وفي عام 1962 وعام 1959 تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات، تنص على ‏وضع مسؤولية الدفاع والتمثيل الخارجي وحق التدخل لتحقيق الأمن في بعض المسائل تقع تحت مسؤولية بريطانيا، بالإضافة إلى الاستمرار بمنح امتيازات كبيرة للمفوض السامي، إلا إنّ جميع تلك الامتيازات حالت إلى حكومة الاتحاد بعد الاستقلال باستثناء القواعد.

إنّ قاعدة عدن تم تأجيرها للمملكة المتحدة بما يقدر بحوالي 20 إلى 25 مليون ليرة إسترلينية في كل عام، أما فيما يتعلق بمسألة الدفاع فقد تم عقد اتفاق مساعدة متبادلة، جاء بموجبها القيام بإقامة مجلس دفاع يتبع المفوض السامي ويمنح الجيوش البريطانية حق المرابطة في الأراضي التابعة للاتحاد، بالإضافة إلى منح إنجلترا حق استخدام سلطتها في سنّ عمل عسكري منطلق من قواعدها في اليمن الجنوبي وحق استعراض قواتها دون حاجة لاستشارة مسبقة للحكومة الاتحادية.

لم توضع حدود زمنية لتلك الاتفاقيات التي لا يقتصر مفعولها على الاتحاد، بل ضم جميع المحمية وفي مقابل ذلك منحت المملكة المتحدة الاتحاد مساعدات اقتصادية وساهمت في تنظيم الجيش والحرس الاتحادي اللذان يقعان تحت تصرف إنجلترا عندما تدعو الحاجة لذلك، وتستخدمهما داخل البلاد وخارجها.


شارك المقالة: