تاريخ الأوضاع الاقتصادية في دولة قطر

الحياة الاقتصادية في دولة قطر:

كانت دولة قطر تعتبر قديماً من الأسواق النشطة في منطقة الخليج العربي؛ وذلك بسبب موقعها الجغرافي الذي يتميز بكونه نقطة مركزية في الخليج وثغراً من ثغور شبه الجزيرة العربية، وفي تلك الفترة كانت موانىء دولة قطر تحتوي على مئات السفن وآلاف البحارة، وفي أثناء موسم الغوص توجهوا البحارة بواسطة سفنهم إلى الغواصات القريبة من سواحل دولة قطر، فقد قطعوا صلتهم بالبر بعد أن تزودوا بما يلزمهم من مؤونة والماء ما يكفي رحلتهم المستمرة مدة أربعة أشهر.

كانت مدينة الزبارة أبرز موانيء دولة قطر، حيث يأتي إليها تجار اللؤلؤ ليشتروا منها ذلك اللؤلؤ، ثم يذهبون به إلى أسواق الهند وأوربا، فكانوا يبيعوه بأسعار قليلة جداً، وبعد الانتهاء من موسم الغوص يستخدم الأسطول الشراعي القطري الذي كان يحتوي على 500 سفينة، تقوم بحمل المواد الغذائية والتوابل والأخشاب والمنسوجات وغيرها من الهند وسواحل أفريقيا إلى أسواق دولة قطر.

وفي تلك الفترة كانت قبائل شبه الجزيرة العربية تقوم بعملية شراء السلع والمؤن، وبعدها يتوجهون عائدين إلى بلادهم، بحيث كانت أعمال القرصنة متواجدة في منطقة الخليج العربي وتعتبر من الأعمال المشروعة وتعد واحدة من طرق الكسب والربح، إلا إنّ القطريين كانوا أقل سكان المنطقة اندفاعاً في هذا الشأن؛ وذلك بسبب انکشاف سواحل دولة قطر وعدم وجود حصون وملاجيء يتحصن فيها القراصنة بعد قيامهم بعمليات السلب والنهب التي قاموا بها.

كان السمك المجفف من أبرز أنواع التجارة التي تحقق مرابح كبيرة في دولة قطر؛ لأن مياهها غنية بأنواع السمك الذي يتم تصديره بكميات كبيرة إلى إمارات الخليج العربي وسواحل أفريقيا، وفي القرن التاسع عشر تأثرت التجارة في دولة قطر كما تأثرت أسواق الإمارات العربية الأُخرى في الخليج؛ بسبب نفوذ الدول الأجنبية مثل البرتغاليين والفرنسيين والهولنديين والإنكليز.

الأوضاع الاقتصادية في دولة قطر بعد الحرب العالمية الأولى:

بعد فترة الحرب العالمية الأولى حدث في دولة قطر ركود اقتصادي وجمود في الحركة التجارية من جديد، فأخذ ذلك الركود يسيطر على المنطقة ويسود أسواقها الكساد والفقر، وزاد في تدهور أهم مقومات الكيان الاقتصادى وهو سوق اللؤلؤ، فقد ظهر منافس قوي له في الأسواق وهو اللؤلؤ الاصطناعي الذي قامت اليابان بعملية تصنيعه وعرضه في الأسواق العالمية بأسعار قليلة جداً، وفتي تلك الفترة عانت إمارات الخليج من ضائقة مالية.

فقد رجعت بريطانيا التي حصلت على منافع كبيرة من مخلفات الحرب العالمية الأولى النظر إلى إمارات الخليج نظرتها الخاصة، فأسرعت إلى تحسين العلاقات مع رؤساء وشيوخ المنطقة، فأقامت القواعد العسكرية والمطارات الجوية في أكثر مناطق الخليج واستأجرت الأراضي بدخل معين تقدمه للشيخ أو الأمير لكي يستعين به على شؤونه وإنقاذه من سوء الحالة الاقتصادية التي حلت على الإمارة.

ثم جاء بعد ذلك نشاط شركات النفط التي قامت ببحثها عن الذهب الأسود، فأصبحت تدفع مبالغ كبيرة إلى الإمارات مقابل بحثها في أراضيها إلى أن ظهر البترول في بعضها، فقد حصلت دولة قطر على أول حصة لها من البترول في عام 1949 الذي أصبح عاملاً مهماً في كيانها الاقتصادي.

التجارة وعلاقتها بالأوضاع الاقتصادية في دولة قطر:

إنّ القطاع الاقتصادي قبل ظهور البترول في دولة قطر، كان يعتمد بشكل أساسي ومنذ سنوات قليلة على التجارة واستخراج اللؤلؤ، فقد ساعد على على ذلك موقع قطر الجغرافي، فساعد على تنمية الحالة الاقتصادية وازدهارها في شتى القطاعات، فموقعها المركزي المطل على الخليج العربي جعل منها مرتكز أساسي لطرق المواصلات البحرية والبرية، بحيث أصبحت جميع السفن الداخلة إلى الخليج والخارجة منها لا بد منها أن ترسو على سواحل قطر؛ ليتم تزويدها بما تحتاج إليه من الماء والمأكل وغيره، بالإضافة إلى قيامها في عرض ما لديها من سلع تجارية في أسواق قطر.

وكانت دولة قطر ترتبط براً بطرق مواصلات تبدأ من شمال الخليج حتی جنوب شبه الجزيرة العربية، فطريق الأحساء والقطيف يؤخذها إلى قلب الجزيرة العربية والطريق الساحلي يصلها بدولة الكويتوالعراق، وفي الجنوب طريق ساحلي يربطها بإمارات ساحل عُمان، وإنّ جميع تلك الطرق كانت ولا تزال مرتكز أساسي لحركة القبائل وطرقاً من أبرز الطرق التي تسلكها ليتم تزويدها بما تحتاج إليه من أسواق الخليج، وبذلك ازدهرت الحياة الاقتصادية في قطر بسبب تلك الأسواق.

إنّ أسواق دولة قطر تعتبر من أهم العوائد الاقتصادية في البلاد، حيث كانت تقوم باستيراد العديد من السلع أبرزها: الرز والتوابل والأخشاب والأقمشة والشاي والسكر والقهوة من أسواق الهند، كما تستورد التمور والحبوب وعلف الحيوانات والسمن من العراق والجزيرة العربية، وكانت السفن الشراعية وقوافل الإبل في حركة مستمرة بين موانىء الخليج والأسواق الخارجية.