التقسيم الإداري في فلسطين:
لقد استمرت البنية الإدارية القديمة في كل من سورياوفلسطين على ما هي عليه لفترة دخولهما تحت سيطرة الدولة العثمانية، وانقسمت منطقة فلسطين إلى ثلاثة أقسام تتبع ولاية الشام، هي القدس/ غزة، نابلس/ الصفد، صالت/ عجلون.
وفي الفترة الأولى تم تولية منصب حكم القدس لشخص يدعى أورانوس أوغلو، وتولى على القسم الثاني وهي الصفد شخص يدعى منتصر أوغلو، وفي عام 1517 ميلادي تم تحويل حكم القدس وغزة والصفد إلى الجانبردي الغزالي وهو نائب المماليك السابق في الشام، وبعد فترة قليلة من الزمن تم القبض عليه أثناء ختم السلطان سليمان القانوني، وأعدم بتهمة العمل على استعادة حكم المماليك القديم في سوريا ومصر، مما أدى إلى تغير في البنية الإدارية لتلك المناطق.
وفي أثناء ذلك تم تسليم إدارة ولاية الشام لعياش باشا أمير أمراء الأناضول، بحيث فُصل كل من مدن الصفد وغزة والقدس عن ولاية الشام، وأصبحت كل منها ولاية مستقلة تابعة لولاية الشام، وتم تعين قره حسن بك حاكم على القدس، بحيث أسّست في عام 1614 ميلادي ولاية جديدة تحمل اسم اسم الصفد/ صيدا /بيروت، ودخلت ضمن إطار هذه الولاية مقاطعات نابلس وجبل عجلون وتدمر وكرك وشوبك التي تقع داخل حدود ولاية الشام، وأصبحت أراضي فلسطين مكونة من ولايتين بشكل مستقل.
وقد تم تعين الباشاوات الذين يرغبون في تسلم ولاية الشام بتولي زمام الأمور بها، بالإضافة إلى عملهم في مقاطعتين أو ثلاث، مثل نابلس وجبل عجلون التابعتين لولاية الصفد/ صيدا/ بيروت مع القدس الشريف، وأعلنت بإنّ كل من مناطق القدس الشريف ونابلس وغزة بشكل خاص من تابعات ولاية الشام، بحيث تم تبديل اسم ولاية الصفد/ صيدا/ بیروت ابتداء من وسط القرن السابع عشر، لتصبح ولاية صيدا.
وفي مطلع القرن التاسع عشر لم يحدث أي تتغير على البنية الإدارية لمنطقة فلسطين، بحيث خضعت لسيطرة حكم القوالليين ما بين عامي 1831/ 1840 ميلادي، ثم في عام 1840 ميلادي انتقلت إلى حكم الدولة العثمانية مرة أخرى، لتخضع بعد ذلك إلى حكم ولاية صيدا، وفي عام 1865 ميلادي دخلت مقاطعات القدس ونابلس وعكا في حدود ولاية سوريا، وارتبطت القدس من الجهة الإدارية أثناء القرم بحرب إسطنبول بوصفها إحدى الأماكن المقدسة، ولكن هذا الأمر لم يستمر لوقت طويل فسرعان ما عادت القدس مرة أخرى ضمن الحدود الإدارية لولاية سوريا.
وفي عام 1887 ميلادي أسست ولاية بيروت، بحيث انضم إلى هذه الولاية الجديدة من الجهة الإدارية نابلس وعكا، في أثناء انضمام القدس من جديد إلى إسطنبول دون تدخل الدول الغربية، فقد تم تسميتها باسم حامية القدس، واستمرت هذه البنية الإدارية على حالها إلى أن خرجت المنطقة بأكملها من سيطرة الحكم العثماني، وفي عام 1860 ميلادي أسست أول بلدية في فلسطين، وكان تأسيس أول بلدية في منطقة القدس مرتكز أساسي في تحويلها إلى مركز إداري مهم نتيجة للتدابير الإدارية المتواجدة بها.
التخطيط السكاني في فلسطين:
في عام 1488 ميلادي لم يتجاوز عدد السكان اليهود في القدس 70 عائلة، وكان عدد اليهود في القدس من الجنس الذكري ممن هم في سن البلوغ 115 نسمة بناءً على التقارير الصادرة من مركز الإحصاء الرسمي في أخر القرن السادس عشر، أمّا العدد الكلي فقدر بحوالي 500 إلى 600 نسمة، وفي عام 1942 ميلادي ارتفع العدد بسبب سماح الدولة العثمانية لليهود الذين هربوا من المذبحة في إسبانيا بالمجيء إلى فلسطين والاستقرار فيها.
وبناءً على المصادر التاريخية التي تشير إلى إنّ العدد التقريبي لسكان فلسطين في القرن السادس عشر قُدر بحوالي 200000 نسمة، كانوا أغلبهم ممّن يستقرون في القرى، في وقت يتراوح عدد السكان في مدن غزة والصد والقدس وهي أكبر ثلاث مدن في ذلك الوقت، بين 5000 إلى 6000 نسمة.
وعلى الرغم من التزايد الكبير في عدد اليهود في فلسطين في القرن السادس عشر بسبب قدوم اليهود من إسبانيا وزيادة النشاط التجاري الإقليمي، إلّا أنّ هذا العدد قد تراجع بشكل كبير القرن نفسه، وكذلك القرن السابع عشر، بحيث تراجعت أعداد اليهود القادمين من إسبانيا، وزادت أعداد السكان مع نشاط التجارة الإقليمية المحلية في القرن نفسه القرن السابع عشر. وفي بداية القرن التاسع عشر لم يتم تحديد بشكل دقيق عدد السكان في فلسطين؛ وذلك بسبب عدم إجراء إي تخطيط دقيق يحيط بالعدد الصحيح في تلك الفترة.