أزمة لبنان عام 1958:
لقد تزعزعت الأوضاع الداخلية في الجمهورية اللبنانية في بداية عام 1952م، حيث قامت المعارضة بالوقوف في وجه رئيس الجمهورية والطلب منه التخلي عن منصبه، فقد كان الوضع في لبنان بحاجة إلى ثورة تسعى إلى تحقيق اصلاح في أداة الحكم، حتى تتمكن من مواجهة مسؤولياتها في الإطار الداخلي والخارجي، وفي تلك الفترة وبسبب تطور الظروف في البلاد، أدى إلى قيام ثورة بشكل مفاجئ، لذلك لم يكن هناك مخطط عام لقادة الثورة، مما جعل كل منطقة تعمل بتوجيه من قائدها.
إلا إنّ بداية الثورة بشكل مفاجئ، لا يعني أنها جاءت من فراغ، بل كان السبب وراء اندلاعها مجموعة من الظروف، وخاصة الظروف التي نشأت بمحيط الحياة السياسية الداخلية والخارجية في لبنان بعد 15 عاماً من استقلاله، وهي التي ساعدت على قيام تلك الثورة، وذلك بسبب عدم توافر منهج الاستقرار في الحكم، بحيث تولى حكم رئاسة الوزارة في لبنان ما يقارب 30 رئيساً خلال تلك الفترة، في وقت كانت رئاسة الجمهورية لم يتولاها سوى شخصين.
وفي عام 1952، قام الرئيس الشيخ بشارة الخوري بالاستقالة من منصبه، فتفاجئت المعارضة بخلو مقعد الرئاسة الأولى في البلاد، بحيث لم تكن تتوقع ذلك الأمر، ولذلك اضطرت إلى ترشيح السيد كميل شمعون، والذي قام بوعد المعارضة بتنفيذ برنامج إصلاحي شامل على الصعيد الداخلي والخارجي، وبالأخص بالنسبة للتكتلات الدولية أو الدولة العربية، وبعد تولي السيد شمعون رئاسة الجمهورية ومباشرته لسلطاته الدستورية، بدأت تظهر أسباب الثورة ما بين مباشرة وغير مباشرة، ثم أخذت هذه الأسباب تتجمع وتتراكم، حتى وجدت الفرصة أمامها فنشبت بشكل مفاجئ عام 1958م.
المؤتمر الصحفي الأول لرئيس الجمهورية اللبنانية في عام 1958:
فی عام 1958م، عقد رئيس الجمهورية أول مؤتمر صحفي، قام بحضوره مراسلي الصحف الأجنبية، بحيث وضح من خلاله موقفه من الأزمة القائمة شارحاً أسبابها. وكانت أهم النقاط التي أشار إليها، هي أنّ القضية الحالية ليست قضية الحكومة أو قضية أشخاص أو رئاسة، بل هي قضية وجود لبنان بشكل مستقل في الشرق الأوسط، وأنه صراع يهدف فيه لبنان إلى حصوله على استقلاليته، وأنّ الجمهورية العربية المتحدة لا تزال تتدخل في شؤون لبنان الداخلية؛ بهدف خلق تغيير بشكل جذري في سياسة لبنان الوطنية، ولكن لبنان في ظل تلك الظروف ما زال مصمماً على عدم خضوعه لتلك السياسة.
