تأسيس دولة الكويت في العصر الحديث

اقرأ في هذا المقال


تاريخ دولة الكويت الحديث:

إنّ ما تم ذكره من فبل المؤرخين عن التاريخ القديم والمتوسط لدولة الكويت، كان يُقصد به منطقة الكويت بالشكل العام؛ لأن الكويت الحالي تعتبر حديثة العهد لم تتأسس إلا منذ ثلاثة قرون على الأكثر، فقد عُرف عن شاطئ دولة الكويت أيام  البرتغاليين باسم القرين، فقد قام بتسميته البرتغاليين، وذكر عنهم بأنهم وصلوا إلى جزيرة فيلكا، وفي ذلك الوقت قاموا بإنشاء حصناً لهم في الجزيرة الواقعة في الجون أمام ميناء الشويخ الحالية.

فقد كان متعارف في عدد من الدولة مثل: العراقونجد وبعض الأقطار العربية بأنّ كلمة الكويت تصغيراً لكوت، حيث تطلق تلك  على المنازل ذات الارتفاع العالي مثل: الحصن والقلعة وسميت بذلك الاسم نسبة إلى حصن صغير كان موجوداً فيها قبل محمد بن عريعر زعيم بني خالد، بحيث جعله مخزناً للزاد والذخيرة وما يلزمه، فلا نستطيع في ذلك السياق القيام بكل دقة تحديد تاريخ تأسيس وظهور دولة الكويت، بسبب عدم وجدو أدلة تاريخية تشير إلى ذلك.

تأسيس دولة الكويت الحديثة:

إنّ دولة الكويت الحديثة تأسست في منتصف القرن السابع عشر الميلادي حول الكوت المذكور، فقد كانت في بداية الأمر قرية صغيرة سكنها جماعة من البدو وصيادي السمك وبعض العشائر التابعة لابن عريعر، بحيث لم تشتهر وتعرف إلا في أثناء قيام العديد من الأسر ذات المكانة الكبيرة في السكن فيها مثل أسرة: آل الصباح وآل خليفة والجلاهمة والمعاودة، حيث جاءوا مهاجرين إليها من نجد، وفي ذلك الوقت كانوا آل صباح أول من قام بإنشاء البيوت الحجرية فيها، بحيث اتخذوها مقراً لهم.

كانت آل صباح من الأسر ذات المكانة المرموقة في ذلك الوقت، بحيث ينتسبون إلى قبيلة عنيزة التي كانت من أكبر قبائل نجد، فقد أشار لها الجغرافي العربي الحمداني في كتابه، وقال: بأنّها كانت توجد في نجد في القرن العاشر الميلادي. وكانت القبائل تقسم إلى أفخاذ وعشائر فيها فخذ جميلة التي بسطت نفوذها على الافلاج في نجد، ومن جميلة خرجت قبائل العتوب التي تفرع منها آل صباح وآل خليفة.

وفي سنة 1710 ميلادي قاموا كل من أسرة آل الصباح وآل خليفة بالهجرة من نجد؛ بسبب الحروب القائمة بين القبائل هناك، وكذلك بسبب الجفاف الذي أخذ يشتد يوم بعد يوم، وبعد استقر آل الصباح في دولة الكويت بدأت تنمو وتتقدم في الكثير من القطاعات، حيث تمكن آل الصباح وحلفاؤه ومن يقوم بمساعدتهم من القبائل المجاورة من تثبیت مرکزهم وتقويته هناك، فقد كانوا بني خالد يسيطرون على جميع الشاطىء الشرقي للجزيرة.

وكان أقدم من زار المنطقة من الأوروبيين سائح دانمركي اسمه كارستن نيبور الذي مر بمنطقة الخليج العربي في عام 1764 وزار الكويت في عام 1765، حيث ذكر أنّ دولة الكويت كانت مدينة تجارية نشطة، حيث جاء إليها الكثير من أهل البصرة واتخذوها موطناً لهم في عام 1776، بعد هروبهم من الفرس الذين استولوا على البصرة في ذلك العام، فقد رحب بهم أهل الكويت.

بداية النهضة الحديثة لدولة الكويت:

وفي عام 1776/1779 احتلت الفرس البصرة، وفي ذلك الوقت تحولت تجارة البصرة مع بغداد وحلب وأزمير والأستانة إلى دولة الكويت، ثم أخذت تحسن علاقتها التجارية بالموانئ العربية، وذلك أدى إلى زيادة ثروتها بشكل ملحوظ، حيث زارها الكثير من الرحالة الأوروبيين والأجانب مثل الرحالة الإنكليزي مستوکلر، الذي وصفها بأنها أكثر موانئ الخليج العري نشاطاً وحرکةً، فقد أشار إلى أخلاق سكانها وقال: إنهم في المكانة الأفضل من بين سكان الموانئ الأخرى، فقد كانوا يتميزون بالشجاعة والمهارة والمسالمة والخلق، وإنّ الرسوم الجمركية في تلك الموانئ كانت قليلة.

وفي تلك الفترة أخذت موانئ دولة الكويت تزدهر وتتطور؛ بسبب صلاحية الميناء، فقد تحولت إليها تجارة البصرة، وكان السكان يعملون إلى جانب التجارة والرعي بالغوص وصيد اللؤلؤ، والمعروف أنّ اللؤلؤ الذي يقومون باستخراجه من الخليج العربي من أفضل أنواع اللؤلؤ في العالم، وصيده من أتعب الحرف وأكثرها جهداً، حيث تمضي جماعة الغوص بما يقدر في 100 يوم في عرض البحر في جو حار وشمس شديدة، ولا يتناول الغواص خلالها من الزاد إلا ما يحتاج إليه، وهو عرضة لهجوم الأسماك المتوحشة عليه في أثناء عمله.

وبذلك اعتبرت دولة الكويت من الدولة المتطورة، بحيث أخذت عملية استخراج اللؤلؤ تتطور وتعود بمنافع كثيرة على اقتصاد الدولة، وبعد اكتشاف البترول دخلت الكويت في عصر نهضتها الحديث والمتطور.


شارك المقالة: