تاريخ مدينة قونية

اقرأ في هذا المقال


أين تقع مدينة قونية؟

قونية هي مدينة في وسط تركيا، تقع المدينة على ارتفاع حوالي (3370) قدمًا (1،027 مترًا) على الحافة الجنوبيّة الغربيّة لهضبة الأناضول الوسطى ويحيط بها سهل خصب ضيق، وهي مدعومة بجبل بوزكير في الغرب وتحيط بها الحواف الداخلية للسلاسل الوسطى لجبال طوروس في أقصى الجنوب.

تاريخ مدينة قونية:

قونية هي واحدة من أقدم المراكز الحضريّة في العالم، تُشير الحفريات في تل علاء الدين في وسط المدينة إلى مستوطنة تعود إلى الألفيّة الثالثة قبل الميلاد على الأقل، وفقًا لأسطورة فريجية عن الفيضان العظيم.

كانت قونية أول مدينة نشأت بعد الطوفان الذي دمر البشريّة، لا تزال هناك أسطورة أُخرى تنسب اسمها القديم إلى eikon (الصورة)، أو رأس Gorgon، الذي هزم به المحارب الأسطوري (Perseus)، وبيرسيوس هو بطل إغريقي، وهو ملك أرغوس السكان الأصليين قبل تأسيس المدينة اليونانيّة.

بعد انهيار الإمبراطورية الحيثيّة، أسس الفريجيون مستوطنة كبيرة هناك، تمً تحويلها إلى هيلين تدريجيًا من القرن الثالث قبل الميلاد وأصبحت مدينة تتمتع بالحكم الذاتي، إلى حد كبير اليونانيّة في اللغة والتعليم والثقافة ومع ذلك، فقد احتفظ بعض المواطنين بثقافتهم الفريجيّة، وربما كان من بينهم أنّ المجتمع اليهودي أثار معارضة القديس بولس الرسول في زيارته الأولى في (47 أو 48) م، عاد في (50 و 53)، تمّ رفع قونية التي أُدرجت في مقاطعة غلاطية الرومانية بحلول (25) قبل الميلاد، إلى مرتبة مستعمرة من قبل الإمبراطور هادريان في عام (130) م وأصبحت عاصمة مقاطعة ليكاونيا حوالي (372).

تقع بالقرب من الحدود، كانت قونية عرضة للتوغلات العربيّة من القرن السابع إلى القرن التاسع، تمّ أخذها من الإمبراطورية البيزنطية من قبل السلاجقة الأتراك في عام (1072 أو 1081) وسرعان ما أصبحت عاصمة سلطنة الروم السلجوقية.

تم تغيير اسمها إلى قونية، ووصلت إلى أعظم ازدهار في ظل حكمهم واعتبرت واحدة من أكثر المدن إشراقًا في العالم، كان حكامها المستنيرون بناة عظماء ورعاة الفن الذين ساهموا ببناء العديد من المباني في المدينة، بما في ذلك بعض أروع الأمثلة الموجودة للفن السلجوقي.

تستخدم هذه الأبنية القديمة الآن كمتاحف، وتشمل هذه المتاحف (İnce Minare) (بنيت عام 1258)، وهي كلية لاهوتيّة سابقة تضم متحف السلجوق، مدرسة (Karatay Medrese) (1251) الغنية بالزخارف، وهي مدرسة لاهوتيّة سابقة تضم الآن متحفًا للسيراميك و Sirçali Medrese) (1242)، والتي تحتوي الآن على متحف للآثار السلجوقيّة والعثمانيّة.

يقف قصر السلاطين على تل الأكروبوليس، يوجد بالقرب من مسجد وقبر السلطان علاء الدين كاي قباد الأول، الذي استقر بدعوة من الصوفى المسلم الرومي في قونية وأسّس فيما بعد رتبة المولوية (المولوية) للصوفيين، والمعروفة في الغرب باسم “الدوران” أو الدراويش “.

تقع التكية (Tekke) (“دير”) رومي المعروف الآن بمتحف مولانا، الذي يتكون من عدد من المباني وضريح جلال الدين محمد رومي، جنوب وسط المدينة، منذ عام (1917) تمّ استخدامه كمتحف إسلامي، بعد انهيار السلاجقة، حكم المغول الخانيدون قونية، ثم لاحقًا من قبل الإمارة التركمانية كرمان حتى تمّ ضمها أخيرًا إلى الإمبراطوريّة العثمانيّة حوالي عام (1467).

كانت المدينة في حالة تدهور خلال الفترة العثمانيّة ولكن تمّ إحياؤها بعد عام (1896)، إلى حد كبير من خلال بناء خط سكة حديد بين اسطنبول وبغداد ، والذي يمر عبر قونية، أدت التحسينات في ري سهل كارسامبا إلى زيادة الإنتاجيّة الزراعيّة.

مدينة قونيا الحديثة:

حتى عام (1923) كانت قونية أهم مدينة في وسط الأناضول ، وطغت على أنقرة، تمّ إعادة تصميم الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، ويؤدي طريق واسع عبر الضواحي الغربية إلى محطة السكة الحديد، لكن المدينة القديمة لا تزال قائمة إلى الشرق من الأكروبوليس.

تشمل الصناعات الحاليّة مصنع بنجر السكر ومطاحن الدقيق ومصانع السجاد، تمّ استغلال رواسب البوكسيت بواسطة مجمع لتصنيع الألمنيوم تمّ إنشاؤه في أوائل السبعينيات.

مدينة قونية ترتبط عن طريق الجو بمدينة أنقرة، وعن طريق البر بالمراكز الحضريّة الرئيسيّة في تركيا. تتميز  قونية الحديثة، بالآثار والبساتين الرائعة، تمتاز مدينة قونية بالتجارة السياحيّة المتنامية. إنّ ارتباطها بالدراويش أكسبها مكانًا للحج للمسلمين الصوفيين.

تشمل الآثار المسيحيّة كنيسة أمفيلوتشيوس القديمة داخل المدينة والعديد من الأضرحة القريبة، قونية هي أيضا موقع لمدرسة لتدريب المعلمين، ومعهد يوكسيك الإسلام، ومعهد للتعليم الإسلامي تأسس عام (1962)، وجامعة سلجوق التي تأسّست عام (1975).

تضم المنطقة المحيطة، التي تتكون من سهول في قاعدة جبال طوروس، العديد من الواحات، وقد أدّت مخططات الري إلى زيادة مساحة الأراضي المزروعة. يُعتبر القمح والقطن من المحاصيل الرئيسيّة التي تزرع في السهول. شمال المدينة ، توفر سهول الأناضول العارية المراعي الربيعّية وتدعم بعض الزراعة الجافة، تشمل منتجات السهوب الصوف والماشية، كما يُستخرج الرصاص من المنطقة المجاورة.

معركة قونية:

في(21 ديسمبر 1832)، قام صراع بين الجيوش الإسلاميّة في مصر وتركيا، لقد كانت لحظة مهمة في صعود مصر، التي كانت في عهد نائب الملك محمد علي ، تعمل على تحديث قواتها المسلحة واقتصادها، وفي الانهيار الذي لا يرحم للإمبراطورية العثمانية.

حكم محمد علي باشا نظريًا مصر نيابة عن السلطان العثماني وأرسل ابنه إبراهيم باشا للقتال من أجل العثمانيين في حرب الاستقلال اليونانية في عشرينيات القرن التاسع عشر، في عام (1831)، بعد أنّ رأى إبراهيم باشا ضعف النظام العثماني وطلب تعويضات عن نفقات وخسائر الحملة في اليونان، قاد جيشًا من مصر إلى سوريا الخاضعة للحكم العثماني.

بحلول منتصف عام (1832)، كان إبراهيم قد سيطر على سوريا ولبنان، لكن السلطان العثماني محمود الثاني رفض منح المصريين السلطة على هذه المحافظات، لذا استأنف إبراهيم تقدمه، وعبر إلى تركيا.

أرسل محمود الثاني جيشا تحت قيادة وزيره الأكبر رشيد باشا لمواجهة الغزاة خارج قونية، كان الجيش العثماني أكبر بكثير، لكن القوات المصرية كانت بقيادة وتدريب وانضباط أفضل، دارت المعركة في ضباب الشتاء، فازت المدافع المصريّة في مبارزة افتتاحية بالمدفعيّة، حيث أطلقت بدقة باتجاه صوت مدفع العدو.

حركة تطويق بواسطة سلاح الفرسان والمشاة، بقيادة إبراهيم شخصيًا، لكمات في الجناح الأيسر العثماني، رشيد باشا تخبط في وسط الجنود المصريين وتمّ أسره فشلت محاولة تنظيم هجوم عثماني مضاد في مواجهة نيران المدافع المصريّة وفي الليل هربت القوات العثمانية.

كان الطريق إلى القسطنطينية مفتوحًا، لكن تدخل القوى الأوروبية منع إبراهيم من استكمال انتصاره، ومع ذلك أجبر العثمانيون على التنازل عن السيطرة المصرية على سوريا.


شارك المقالة: