نشأة دولة قطر:
لقد كان تاريخ دولة قطر منذ بداية العصر الحديث وحتى القرن التاسع عشر، وقبل تسلم آل ثاني الحكم بالدولة وبروزها كإمارة مستقلة، كان قسم مهماً من تاريخ منطقة الأحساء والمنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية، ومن ثم دخلت دولة قطر في طور التطورات، ويترتب على ذلك أنّ دولة قطر وبقية إمارات الخليج العربي لم يكن لها تاريخ مستقل کوحدة سياسية خاصة وإنما كانت رغم تميزها الجغرافي داخلة ضمن إقليم الأحساء.
فقد كان إقليم الأحساء يشكل الجزء الأكبر من إقليم ممتد على الساحل الغربي للخليج العربي، بحيث يمتد من البصرة من الجهة الشمالية حتى عُمان من الجهة الجنوبية، كذلك كان يطلق على هذا الإقليم اسم بلاد البحرين لفترة طويلة من الزمن مع بداية الفتح الإسلامي، وذلك بسبب عدم وجود فاصل حدودي واضح يفصل شبه جزيرة قطر عن باقي شبه الجزيرة العربية، فإنها مع جزر البحرين وساحل الأحساء.
تطور دولة قطر:
كانت دولة قطر تشكل تاريخ مهماً في الحقبة الزمنية الحديثة، حيث كانت تتمتع بكيان سياسي قائم بها لفترات كثيرة، وبشكل عام استمرت المنطقة جميعها تتبع مقر الخلافة الإسلامية، سواء في الحجاز أو في الشام أو بغداد، إلى الفترة التي استطاع القرامطة من الاستيلاء على عاصمتها هجر، حيث قاموا في تأسيس مدينة الأحساء التي أخذوها عاصمة جديدة للمنطقة.
تولى حكم منطقة الأحساء كل من العيونيين وآل زامل الجبري وآل مغامس، واستمر ذلك إلى أثناء قدوم البرتغاليين واحتلوها في عام 1517، واستمروا في حكمها حتى جاء الأتراك العثمانيون، وتمكنوا من السيطرة عليها وذلك في أواسط القرن السادس عشر، ومنذ سيطر العثمانيون على المنطقة، ارتبطت الأحساء مع القطيف بتاریخ سياسي واحد، ثم انفصلت عنها جزيرة أوال التي عرفت باسم البحرين.
وتشير المصادر التاريخية إلى فترة وصل الأتراك العثمانيون إلى البصرة في الخليج العربي بحدوث تطور في عملية سيطرتهم على المنطقة، بحيث كانوا يرغبون بضم العالم العربي لهم منذ بداية القرن السادس عشر، وفي تلك الفترة لم يتمكنوا من إنشاء قاعدة بحرية قوية في البصرة؛ يستطيعون من خلالها مدّ نفوذهم إلى الخليج.
ومع ذلك تمكن العثمانيون من غزو الأحساء وبسط نفوذهم عليها، خلال الفترة الأخيرة من القرن السادس، بحيث قام بتسليمها لفاتح باشا، فقد كان أول والي عليها بعد السيطرة على عشيرة أجود بن زامل الجبري، وبالرغم من ذلك فإنّ سلطة الأتراك في المنطقة كانت ليست قوية، ثم في عام 1670 تزعزعت على يد قبيلة آل حميد من بني خالد، التي بقيت تناضل الأتراك طوال ثمانين عاماً تقريباً.
لقد تولى الحكم منطقة الأحساء أربعة من الحكام العثمانيون، كان آخرهم عمر باشا، وهكذا قل نفوذ الأتراك في شبه الجزيرة العربية من جهة الشرق، ليتولى بعدهم حكم المنطقة بنو خالد، حيث تمكنوا من إنشاء سلطة قوية في إقليم الأحساء، امتدت من حدود ولاية البصرة من الجهة الشمالية، وضمت مناطق الكويت والأحساء وقطر والبحرين، وبالرغم من ذلك فضّل حكام بني خالد إعلان ولائهم للدولة العثمانية من خلال محافظتهم على علاقة طيبة بولاة البصرة العثمانيين.
استمر ذلك الوضع حتى أواخر القرن الثامن عشر، عندما نجحت الدولة السعودية الأولى التي أسسها محمد بن سعود، التي تقوم على قواعد الدعوة السلفية الوهابية، في ضم الأحساء والقضاء على سلطة بني خالد في عام 1973، وذلك في أثناء بداية وقوع المشاكل بين الدولة العثمانية وبين أوربا والبلقان.
نفوذ بني خالد في دولة قطر:
وفي تلك الفترة كانت شبه جزيرة قطر تقع تحت حكم بني خالد واستمر ذلك حتى آخر القرن الثامن عشر، قبل أن يقضي السعوديون على سلطتهم، ولم يكن بنو خالد يقومون في ممارسة سلطتهم بشكل مباشر على دولة قطر وقبائلها، وإنما كانوا يعتمدون على أصهارهم من أسرة آل مسلم، التي كانت تتخذ الحويلة مقراً لها في ذلك الوقت.
حيث تعهد لهم أمير الأحساء بجمع الخراج السنوي من سكان دولة قطر لإرساله إلى الأحساء، مما اقتضى قيامهم بتصريف شؤون دولة قطر، فاكتسبوا بذلك نفوذاً كبيراً على السكان لفترة من الزمن، بحيث لم يكن نفوذهم شاملاً جميع المناطق، فالمعروف إنّ الشيوخ المحليون في المناطق التي تقع تحت نفوذهم كانوا يمارسون جزءً من الاستقلال الذاتي في فترة وفاة سليمان بن محمد زعيم بني خالد عام 1752.