تحديات عالم الأنثروبولوجيا كمبتكر

اقرأ في هذا المقال


تحديات عالم الأنثروبولوجيا كمبتكر:

أدى إدراك قيمة المنظور الأنثروبولوجي إلى توسيع الخبرة الأنثروبولوجية في القطاع الخاص، وبالنسبة للعديد من غير علماء الأنثروبولوجيا، هناك سوء فهم بأن الإثنوغرافيا هي الابتكار، مما يقلل من قيمة الأنثروبولوجيا إلى مجموعة من الأساليب، وتبنى غير علماء الأنثروبولوجيا ما يسمى بالطرق الإثنوغرافية واستخدموا وأساءوا استخدامها، مما أدى إلى ما يصفه عالم الأنثروبولوجيا لوم باردي عام 2009 بأنه عمل إثنوغرافي مكتبي.

كما أوضح عالم الأنثروبولوجيا (Sunderland Denny) إن الانفجار في استخدام الإثنوغرافيا غالبًا ما يؤدي إلى فهم ضحل للثقافة، مما يؤدي إلى فصل الإثنوغرافيا عن أسسها ويؤدي إلى نتائج أقل ثاقبة، وبالتالي فإن العمل الذي يقوم به علماء الأنثروبولوجيا معرض لخطر التقليل من قيمته.

منظور الأنثروبولوجي على الابتكار يحتاج إلى التعاون:

يتطلب تطبيق المنظور الأنثروبولوجي على الابتكار تعاونًا، حيث من خلال العمل في فرق مكونة من علماء من مختلف التخصصات، يكون عالم الأنثروبولوجيا مسؤولاً عن الرؤى القائمة على الأبحاث التي تؤطر الأفكار الإبداعية وتوجهها أو تلهمها، واستنادًا إلى الخبرات الشخصية في العمل ضمن فرق، قام عدد من علماء الأنثروبولوجيا بتأليف نصائح لتصميم وتيسير التعاون الناجح وعكس التحديات التي واجهوها، حيث فكر البعض في التعاون مع العميل.

إذ يصف علماء الأنثروبولوجيا أمثال (McIntyre Dawson) و(Telek Ortiz) و(Mc Bride) عام 2008 فائدة مشاركة صور البيانات مع العميل، حيث يناقش العالم (McIntyre Dawson) عام 2002 استراتيجيات مفيدة للتواصل مع العملاء، وتنظر عالمة الأنثروبولوجيا (Telek Ortiz) عام 2009 إلى تجاربها الخاصة في فرق التصميم حيث كانت وظيفتها تقديم رؤى تؤدي إلى نتائج إيجابية وأحيانًا سلبية، وخلصت إلى أن تعليم التصميم يجب أن يشمل مبادئ البحث، فليس من غير المعتاد أن يكون لدى الشركات الدولية موظفين في جميع أنحاء العالم.

وهذا يمكن أن يكون تحدياً للتعاون، ويصف عالم الأنثروبولوجيا (Gluesing Gibson) عام 2004 كيف يمكن للفرق العالمية التي تعمل محليًا تحويل هذا التحدي إلى ميزة من خلال استخدام الخبرة الخاصة بالموقع لتلبية احتياجات العملاء العالميين، وفي مثال آخر يصف عالم الأنثروبولوجيا (Mack Mehta) عام 2005 كيف أن الفرق التي تتخذ من الهند والولايات المتحدة مقراً لها أنشأت أدوات اجتماعية مكنت كل فريق من فهم العمل الذي يقوم به الآخر، وبالتالي تسريع التعاون، وفي كلا المثالين تم تطوير حلول جديدة لمواجهة التحديات التي واجهتها هذه التعاون.

كان لعلماء الأنثروبولوجيا أنفسهم دور فعال في إنشاء مناهج مبتكرة للفرق التعاونية، ولفهم كيفية مساهمة التعاون في النتائج، حيث قامت عالمة الأنثروبولوجيا أندرسون كيمبي عام 2007 بمقارنة ثلاث فرق تعاونية بين العملاء والمستشارين ضمن ممارستها الخاصة، وتصف التحديات التي واجهها كل فريق في التعاون والنهج المحددة التي ابتكرها الفريق لمعالجتها، ومن خلال سرد قصص التعاون هذه، تأمل أن يتمكن الآخرون من استخدام الأفكار العملية التي تقدمها في مجموعة متنوعة من المواقف بما في ذلك المنتج أو الخدمة المقدمة إلى السوق، أو ابتكار الأساليب أو التحول في استراتيجية العمل.

وباستخدام نهج واسع لفهم دور التعاون من أجل الابتكار، قام عالم الأنثروبولوجيا (Briody Erickson) عام 2017 بمراجعة الأدبيات التعاونية لإنشاء تحليل شامل، حيث يحدد مجموعة من العوامل المهمة لكسر الصوامع، وتشجيع التفاعل والدعم عبر الأنظمة التنظيمية، وضمان نشر الابتكار، ولقد اكتشفوا خمسة عناصر مرتبطة بالابتكار الناجح، أحدها هو التعاون والعناصر الأربعة الأخرى هي قبول القيادة، وتغيير ممارسة العمل، والتغيير الهيكلي، وإثبات الفائدة.

تنويع الابتكار والأنثروبولوجيا:

مع بلوغ الأنثروبولوجيا التطبيقية سن الرشد ظهر التخصص، مع تزايد أعداد علماء الأنثروبولوجيا العاملين في المنظمات، لم يقدم لقب عالم الأنثروبولوجيا التنظيمي أو التجاري دائمًا مستوى مناسبًا أو كافيًا من الوصف للكثيرين، وعلى الرغم من استمرار استخدام كلا العنوانين، فقد تمت إضافة تسميات جديدة، مثل التصميم وتجربة المستخدم والتسويق والأنثروبولوجيا الرقمية، للتمييز بين علماء الأنثروبولوجيا التطبيقية العاملين في قطاعات مختلفة من الصناعات، ومع ذلك فهم في الأساس علماء أنثروبولوجيا يستخدمون الأنثروبولوجيا.

نضوج الأنثروبولوجيا التنظيمية:

ظلت الأنثروبولوجيا التنظيمية دعامة أساسية للأنثروبولوجيا التطبيقية مع نضوجها، حيث استمر العديد من علماء الأنثروبولوجيا التنظيمية الرائدين في المساهمة في فهم العلاقة بين الثقافة التنظيمية والابتكار التكنولوجين وحتى بعد تقاعدها، استمرت عالمة الأنثروبولوجيا ماريتا بابا وزملاؤها في النشر عن الثقافة التنظيمية للشركات والشركات الأمريكية، وكان الهدف من تحقيقاتهم دائمًا هو فهم تأثيرات الثقافة على المنظمة، ومن إعادة هندسة العمليات التجارية إلى مشاركة المعلومات، لا سيما كيف تؤثر الثقافة على الابتكار التكنولوجي.

وقام رائد آخر، وهو عالم الأنثروبولوجيا جان إنجليش-لوك، باتباع نهج أوسع للسياق الذي يتم فيه إنشاء التكنولوجيا وتطويرها، واستنادًا إلى عقدين من العمل الميداني في شركات من (Apple) إلى (Yahoo)، قام جان إنجليش-لوك عام 1998 بتجميع مجموعة بيانات طولية غنية حول السياق الثقافي للحياة الأسرية ومنظمات العمل في وادي السيليكون، وبالشراكة مع عالم الأنثروبولوجيا فيرارو ميل، وسعت الرائدة وعالمة الأنثروبولوجيا إليزابيث بريودي الأنثروبولوجيا التنظيمية إلى المسرح العالمي من خلال كتابها البعد الثقافي للأعمال العالمية عام 2017.

وآخرون مثل عالم الأنثروبولوجيا كارمن بوينو عام 2013، نظر إلى كيفية تقاطع العمليات العالمية مع الاستجابة المحلية وعبر عن مناطق محددة وتأثيراتها على سبل عيش الناس، واستخدم عالما الأنثروبولوجيا (Hsain Ilahiane) و(Marcie Venter) عام 2016 السياق العالمي كمنصة لدراسة الممارسات التنظيمية والتجارية لتتبع العمليات المعقدة والمتعددة التي تولد من خلالها الشركات العالمية الابتكارات.

أنثروبولوجيا التصميم والتصميم المتمركز حول الإنسان:

ظهرت أنثروبولوجيا التصميم في التسعينيات، حيث كان المصممون يطلبون المساعدة في فهم سياق حياة الناس حتى يتمكنوا من الاستفادة من هذه المعرفة لإلهام إنشاء منتجات وخدمات جديدة، كما يوضح عالم الأنثروبولوجيا كين فريدمان عام 2002، كيف يحل المصممون المشكلات عن طريق إنشاء شيء جديد أو تحويل تصميمات المنتجات الحالية إلى تصميمات مفضلة، ولتحقيق هذه الأهداف يجب أن يعرف المصممون كيفية عمل الأشياء ولماذا، والأمر الذي يتطلب تحليلات وتفسيرات.

وتتكامل نظرية وأساليب الأنثروبولوجيا بشكل جيد مع مجال التصميم، حيث أن الافتراض الأساسي لتعاون الأنثروبولوجيا والتصميم هو أن المنتج أو الخدمة الناتجة سيتم تصميمها بمعرفة السياق الاجتماعي، مما يسمح للتصميم بأن يكون محوره الإنسان، ولقد جمع هذا الحقل الفرعي المصممين وعلماء الأنثروبولوجيا الذين يعملون بشكل تعاوني لتحقيق الأهداف المشتركة والمعرفة المفيدة للطرفين حول الأشياء، فبينما يساهم المصممون في مجموعة من التفاهمات حول المنتجات من منظور التصميم، يوفر علماء الأنثروبولوجيا السياق الثقافي لهذه الكائنات.

وتم ربط أنثروبولوجيا التصميم بمنتجات وتقنيات جديدة، ففي شركة (PARC) شرحت عالمة الأنثروبولوجيا جانيت بلومبيرج الرابط بين الممارسات اليومية وتصميم التكنولوجيا، ولفهم الروابط أوصت بثلاثة مجالات استقصائية لعالم الأنثروبولوجيا هي: التحليلات النقدية للخطابات والممارسات التقنية، والإثنوغرافيا للعمل والتكنولوجيات المستخدمة، وتدخلات التصميم من خلال الإثنوغرافيا للعالم الاجتماعي، كما تجادل إنه يمكن تجميع كل من المواصفات الاجتماعية والتقنية للمنتج لتتناسب مع التجربة اليومية.


شارك المقالة: