تحليل نظرية التنظيم في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


تحليل نظرية التنظيم في علم الاجتماع:

لكل علم رؤيته الخاصة لمجال دراسته، كما أن لكل علم أسلوب خاص في معالجة قضاياه وموضوعاته، وتختلف هذه الرؤية وذلك الأسلوب مع تقدم الدراسة في العلم ومع اقترابه من النضج، ويذهب بعض علماء المناهج وتاريخ العلوم إلى أن هناك اتجاهاً عاماً لتطور كل علم من العلوم يبدأ من الرؤية العامة، ثم يمر بالرؤية المحددة والمتخصصة، وأخيراً ينتهي برؤية أكثر شمولاً ولكن في إطار أكثر إحكاماً ومنهجية وعلمية ونضجاً.

ويقول آخر يبدأ العلم بالتحليلات الكبرى لمجال الدراسة، ثم يمر بمرحلة التحليلات الصغرى أو المحددة، لينتهي إلى نوع منم التحليلات الكبرى في شكل نظريات عامة، ويمكن أن نختبر هذا الفرض بالنسبة لبعض العلوم مثل علوم الطبيعة والاقتصاد والاجتماع والتنظيم.

فقد كانت أول نظرية عامة محققة إمبيريقياً في مجال علم الفيزياء، هي تلك التي قدمها الباحث إسحق نيوتن وقد تضمنت هذه النظرية مجموعة عامة من القوانين القادرة على تفسير مجموعة كبيرة من الظواهر الطبيعية والتنبؤ بها.

ويمكن القول بأن الطبيعة النيوتونية تقوم على أساس من التحليلات الكبرى، حيث أنها ركزت على الوقائع والأحداث الكبرى كالحركة والطاقة والفعل ورد الفعل والموجات، واستمرت مبادئ هذه الطبيعة سائدة لعدة سنوات طويلة على أساس أنها النموذج الممكن لتفسير جميع الظواهر الطبيعية، ثم طرأ تغير على هذا الوضع حيث ظهرت طائفة من العلماء لا يركزون على هذه الظواهر العامة التي ركزت عليها النظرية النيوتونية، ولكنهم حاولوا الاهتمام بفحص ظواهر أقل حجماً وأكثر تخصصاً على أساس أن البحث في الجزيئات يمكن أن يقودنا إلى فهم أكثر تخصصاً وتعمقاً للعالم الطبيعي.

هكذا اتجه علم الفيزياء نحو التحليل الأكثر تخصصاً وضيقاً، ولكنه ما لبث العلماء أن واجهوا مشكلة كبرى نجمت عن استخدام هذا النوع الأخير من التحليل، فقد وجد العلماء أن هناك مجموعة من الظواهر والوقائع الملاحظة لا يمكن فهمها وتفسيرها في ظل هذه التحليلات محدودة النطاق أو التحليلات الصغرى، ويذهب المفكر إدنجتون إلى أن أهم حدث في القرن التاسع عشر في مجال المناهج وفلسفة العلوم، يتمثل في رد الفعل المضاد تجاه الفكرة الذاهبة إلى أن أي شيء يمكن فهمه من خلال فحص وتحليل أجزائه المتفاعلة، مثل النسق الفلكي أو نسق الكائن العضوي أو النسق الذري، يتضمن مجموعة من الخصائص لا يمكن ردها إلى خصائص الأجزاء فحسب.


شارك المقالة: