توجيه عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة

اقرأ في هذا المقال


يوجد بعض القضايا الأساسية في علم السيميائية القائمة، حيث توضح كيف يمكن توجيه عملية استنباط المتطلبات، باستخدام السيميائية القائمة ومن إيجاد المفارقة من خلال اقتراح أن الرموز المميزة لا يمكن أن تكون ميكانيكية بالكامل.

توجيه عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة

اعتبر علماء الاجتماع أن توجيه عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة لا تحل بعد المفارقة الأساسية للعقل الميكانيكي حيث انتبه السيميائيون إلى ما تعنيه الرموز، فلا يمكن أن يكونوا ميكانيكيين بالكامل لأن المعاني لا تمارس أي قوى ميكانيكية.

لكن إذا تجاهلوا المعاني فلا يمكن أن تكون عملية استنباط المتطلبات حالات تفكير لأن المعقول يعتمد على ما تعنيه الرموز، حتى لو تم منح التوجيه يأتي في درجات فإن المعنى لا يزال كذلك؛ وهذا يعني إنه لا يمكن الهروب من المفارقة من خلال اقتراح أن الرموز المميزة تصبح أقل وأقل رمزية ومرحلة تلو الأخرى إما أنها مفسرة أو أنها ليست كذلك.

وصاحب توجيه عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة الاختراع البشري لجهاز الكمبيوتر المخزن تمييزًا ثوريًا في وظائف الرموز البيانات لتلك التي يمكنها فعل الأشياء وتلك التي تعني الأشياء، وهنا تم وضع مبدأين سيميائيين مهمين يوجهان المناقشة:

المبدأ الأول، العلامات الأولى لها شكل مادي فيزيائي محسوس لذلك عادة ما يأخذ الرموز على أنها أشياء في مجال واحد، وبحكم التشابه أو العرف يمثل شيئًا وأشياء في مجال آخر.

وعادةً ما يكون المجال الأول ملموسًا ويسهل رؤيته أو سماعه، في حين أن المجال الثاني قد يكون أقل واقعية، ويصعب الوصول إليه وأحيانًا يكون مجردًا، والعلامة هي الشيء الذي يعرف به شيئًا أكثر، وهنا العلامة هي الركيزة المادية والشيء الأكثر هو التجريد، وهو مجموعة أخرى من العلامات والرموز.

المبدأ الثاني، الحوار حيث قال السير هوبز إن الفكر البشري هو خطاب داخلي منطقي لأنه وفقًا للنظرية السيميائية المعنى هو حوار يتم تنشيطه بواسطة الرموز وقد تم أثبات بالفعل أن كل تفكير الإنسان موجود في الرموز.

ووفقًا لوجهة نظر تشارلز بيرس للسيميائية، هو أن معظم الحوار لعب دور هام في صيرورة العلامات وهو أن التي تجري وظيفة علائقية أو التوسط لإنتاج مجموعة أخرى من رموز أول علامة هذا هو التنشيط الرئيسي الذي يرسخ إدراك الكيان بالأفكار المشتركة والعالم الخارجي.

الإدراك الرمزي في السيميائية

نظرًا لأن نظام التشغيل البشري الأساسي الذي يظل مصدرًا للحساب وجميع الوكالات المعرفية الواقعية الأخرى، فإن هذا المفهوم يفترض أن الكليات المعرفية مثل التفكير واتخاذ القرار هي نتيجة للتلاعب التلقائي بالرموز.

ومع ذلك تعتمد هذه القدرة الرمزية البشرية الفريدة على تكوين المعنى على الرموز المشتركة داخل المجتمع، بدلاً من الحدوث في عقل الفرد، ويتعامل الإدراك الرمزي البشري مع الرموز لغرضين للتواصل لإرسال المعلومات وحل المشكلات والحساب، ومع ذلك في مجال التقنيات المعرفية كلا النشاطين مترابطان، معالجة المعلومات مطلوبة للاتصال عبر الوقت والمسافة، والتواصل للتحكم في تدفق المعلومات مطلوب لسحب البيانات الصحيحة أثناء الحساب.

والإدراك الرمزي يمكّن من تجاوز المعلومات المقدمة، ويرى تشارلز بيرس في أي حالة ملموسة للتعبير أو التمثيل، يتم تجاوز التصورات المادية لتفعيل المعاني والأفكار والمستويات الأعلى من التجريد والقيم والاستجابات التي ليست خصائص فيزيائية للأشكال الرمزية بل ارتباطات عقلية وجسدية يتم تعلم كيفية الارتباط بها وإخراج معانيها بشكل أكبر الرموز أو الأفعال أو العواطف، ويتمثل جوهر هذه الحجة في إنه من غير المحتمل إلى حد كبير أن يتم التمكن من بناء عقول مصطنعة لها القدرة على استيعاب طبيعتها.

بمعنى الإشارات والرموز التي يمكنها التلاعب بها كما يفعل البشر لأنها تتطلب مجتمعًا مشتركًا من المفاهيم والأفكار لإجراء تبادل، وليس فقط كيان واحد فائق الذكاء في عزلة، وإن عملية صنع المعنى بعبارة أخرى السميوزية لا تظهر حتى في العقل البشري بل في مجتمع العقول، ويمكن لتقنية السميوزية التوسط والتواصل ونقل وتخزين المعاني.

ولكن وفقًا للسيميائية من المستحيل على المصنوعات اليدوية أن تدركها بنفسها، مع تقدم البرمجة اللغوية اويمكن لأجهزة الكمبيوتر أن تبدأ في معالجة مجموعة واسعة من المعلومات على سيميائية الويب، ولكن النتائج ستشير فقط إلى المزيد من الإشارات والرموز عن طريق المسارات الحسابية.

وربما لا يوجد دليل آخر يؤكد هذا الانطباع بشكل أفضل، وتوضح التجربة الفكرية بوضوح إنه نظرًا لأن الرموز نفسها لا تحتوي على محتوى دلالي، فإن الآلة الحوسبة لها لن تكون قادرة أبدًا على فهم معنى الرموز في الوظيفة.

ومع ذلك فإن هذا يمثل سؤالًا أساسيًا آخر هل يتطلب توجيه عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة صنع المعنى، أو إذا كانت معالجة الرموز كافية؟ وبعد كل شيء فإن الحاجة إلى تطوير عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة هي لمساعدة البشر على حل المشكلات وليس التخلي عن مسؤولية الحضارة الإنسانية لمستعمرة من الروبوتات.

وكانت نظرية المعلومات تدور حول الحفاظ على الهياكل عبر الزمان والمسافة، وهذه هي عملية صنع المعنى المعروفة أيضًا باسم سيميوزيس، لكن هذا لا يعني أن الكهرباء بمفردها تفهم معنى المعلومات التي يتبادلها البشر بمساعدتها، فلا تملك آلة تورينج نفسها أي طريقة لتخمين الغرض من الرموز، أو في الواقع ما إذا كانت تمثل أي شيء.

فالعلامة أو التمثيل المكون المادي المحسوس هو الشيء الذي يمثل شخصًا ما لشيء ما في بعض النواحي أو القدرات، كما إنه يخاطب شخصًا ما، أي إنه يخلق في ذهن ذلك الشخص علامة معادلة أو ربما علامة أكثر تطورًا، لتلك العلامة التي تخلقها أسمي مترجم العلامة الأولى.

والنوع الوحيد من التفسير الذي ينخرط فيه النظام هو الإجراءات التي يقوم بها حيث يتم تعيينها برموز تقوم بأشياء، بدلاً من معنى الأشياء، ومن ثم فإن ما يفعله البشر بشكل طبيعي بالرموز كنتيجة للكفاءة السيميائية الفطرية للأنواع هو صنع المعنى.

ولكن أيضًا الحساب كوظيفة ثانوية في حين أن ما تفعله أجهزة الكمبيوتر بالرموز بشكل طبيعي هو مجرد حساب، ويتضمن التفسير شكلاً خاصًا من الإجراءات التابعة نظرًا للتعبير، ويمكن للنظام تنفيذ العملية المشار إليها، أي إنه يمكن أن يستحضر وينفذ عملياته الخاصة من التعبيرات التي تحددها.

وإن عرض عملية استنباط المتطلبات باستخدام السيميائية القائمة لا يعني الشيء الحقيقي، لذلك قد تكون الآلة قادرة على معالجة الرموز بدقة بناءً على أنظمة الرموز البشرية الأخرى، ومع ذلك نظرًا لأن المعاني ليست خصائص للعلامات أو الرموز نفسها، بل هي عملية تفسيرها، مما يجعل الحدث غير مرئي فلن يتم التمكن أبدًا من تمييز الآلة على أنها منخرطة في اتصال ذي معنى.

ويمكن لمثل هذه الآلة تمثيل المعنى فقط، وليس استيعابها لأن إدراك الرمز هو قدرة بشرية حصرية خاصة بالأنواع، ومن ثم فإن آلة ذكية مثل البشر لن تكون قادرة أبدًا على التعبير عن المعنى الذي يأتي من رغباتها أو قيمها أو أهدافها، ويمكن أن يمثل المعنى الذي يتم توصيله ونقله وتبادله بين البشر عبر المكان والزمان.

المصدر: السيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملسيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: