جهود علماء العرب في تأهيل علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


جهود علماء العرب في تأهيل علم الاجتماع الطبي:

نشأ الاعتناء منذ العهد السابع من هذا الزمن بعلم الاجتماع الطبي وازداد، وينمو كنوع حديث من أنواع بحوث العلوم الأدائية، ومع ذلك فما زال هذا النوع الحديث يمتاز بعدد من الاهتمامات والمداخل ووجهات النظر، وقد صار العلم في الأعوام العشر الأخيرة أكثراً تفاوتاً عن ذي قبل، بفعل الاحتياج الذي يزداد إليه، وزيادة تركيز المجتمع بعقبات الخدمات الصحية، وطريقة أدائها والسياسة الصحية.

واجبات الدولة عن الخدمات الصحية:

ونلاحظ أن تقدم المعرفة الطبية، وزدياد واجبات الدولة عن الخدمات الصحية، وتحمل مصاريفها المتزايدة، يشعل اهتمام المجتمعات الحضرية والجاهلة على السواء، بكيفية التخطيط الأمثل للقوى الإنسانية والمصادر الصحية المحصورة في المجتمع.

والحقيقة أن المراجع العربية تعود وتبيّن علم الاجتماع الطبي، كفرع متفوق من فروع علم الاجتماع العام، في كل من الولايات المتحدة وأوروبا إلى المدة القريبة من الحرب العالمية الثانية، وتثبت نفس المراجع على أن أساس ونشأة هذا الفرع تعود إلى سنة 1842 في إنجلترا، و1848 في ألمانيا، وأيضاً في سويسرا.

غير أن المراجع العربية الإسلامية تتضمن دلائل كثيرة إلى علم الاجتماع الطبي عند الحضارة العربية، مثل الباحثين القدمين وإخوان الصفا، وابن سينا، وابن قتيبة الدينوري، الذي كانوا موجودين في القرن التاسع عشر، وقد اندفع تركيزهم على دراسة النواحي الصحية والوقائية للحياة الاجتماعية وكشفوا أهميتها في حماية الفرد وتنظيم حياته اليومية، وتدريبه على مزاولة الأنماط السلوكية، والأعمال الاجتماعية اليومية ذات الأسلوب الصحي والوقائي.

فقد جاء المفكرون العرب إلى اتخاذ الموضوعات الأساسية ذات الصلة العميقة بما يطلق عليه الآن علم الاجتماع الطبي، فقد اتخذوا الشكل الاجتماعي للحكيم، وصحة جسم الفرد العامة، وتقسيم أمراض الجسم حسب فصول السنة، والاسلوب الاجتماعي للمزاولة الطبية، ودراسة التنظيم الاجتماعي للمستشفى، ونظام الصحة الوقائية.

وهكذا نرى أن علماء العرب قد تفوقوا على علماء الغرب في هذا المجال بحدود عشر قرون، حيث قام العرب في القرن التاسع الميلادي على حين لم يكترث علماء الغرب لهذه الدراسات إلا في القرن التاسع عشر، ونحن لا نتفاخر بذلك تحت طأة إفلاس فكري، أو تعويضاً عن تقديم العطاء العربي للحضارة الجديدة، كما يقال، وإنما نقوله داعين بإصرار إلى تفحص عراقتنا العربية الإسلامية والغوص في أعماقه لاستخلاص ﻵلئها، واستغلالها والاستفادة في إمداد العطاء العربي من جديد، وإصلاح الهوية العربية الراهنة.


شارك المقالة: