التعريف بالمختار بن أبي عبيد:
هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، من القائدين العسكريين، سيطر على الحكم بالكوفة وكانت خططه لبناء دولة علوية في دولة العراق، وتم قُتله في الكوفة عام 67 هـ من قِبَل رجال مصعب بن الزبير وقد قتله أخوان من بني حنيفة أحدهما طرفة والآخر طراف ابنا عبد الله بن دجاجة، دفن في قرب مسجد الكوفة.
وكان من أهل الطائف واسعي الشهرة من بينهم المختار بن أبي عبيد، وولد في السنة الأولى للهجرة، وكان لقبه كيسان؛ لأنه أخذ العلم على يد كيسان مولى علي بن أبي طالب، وزوجته بنت النعمان بن بشير الأنصاري، وقد قاد أبوه معركة البويب ضد الفرس في سنة 13هـ وتم قتله فيها، وعاش في صباه مع عمه سعد بن مسعود عامل علي بن أبي طالب على المدائن.
ولم يكن للمختار أي ظهور في المجال السياسي إلا بعد عمر الستين، عندما أتى في نفر من مواليه إلى الكوفة بعد أن اضطرب الأمن بعد أن توفي معاوية بن أبي سفيان، فقام بالاشتراك مع مسلم بن عقيل في حركته وفشل فيها، وبعد فشله أُخذ إلى عبيد الله بن زياد فقام بشتر عينه بقضيب من حديد.
وذهب المختار إلى الحجاز وقام بالإتصال بابن الزبير، وكان يعلم أن ابن الزبير لم يعلن ثورته بعد وأنه سيعلنها في الوقت المناسب، فطلب منه أن يعلن ثورته ويطلب من الناس المبايعة وقام بمبايعته علناً، فغضب ابن الزبير من ذلك لأنه لم يرد إعلانه للثورة حينها.
وبعد تردد وتفكير طويل وافق ابن الزبير على طلب المختار، فقام بمبايعته ومكثا سوياً حتى شاهدا حصار مكة الأول، وعندما أتى الحصين بن نمير السكوني إلى مكة لمقاتلة المختار في مستهل سنة 64هـ، وظلَّ صامداً بجانب ابن الزبير حتى انفك الحصار وهلك يزيد بن معاوية، وبعدها عاد أهل الشام للشام واجتمعوا على إمام يرتضونه وهو عامر بن مسعود.
ولم يبقَ عامر بن مسعود إلا شهراً، وبعدها بعث بيعته وبيعة أهل الكوفة لابن الزبير، وأقام معه خمسة أشهر بعد مقتل يزيد بن معاوية، وقرر المختار العودة إلى العراق؛ لأنه لم يجد في مكة ما يريده، وكان العراقيين قد قاموا بطرد عبيد الله بن الزبير، وعندما كان يسأل أهل الكوفة عن حالهم، كان جوابهم أنهم في صلاح واتساق على طاعة ابن الزبير.
وحاول المختار الاستيلاء على البصرة؛ لأن ذلك يسهل عمله في اليطرة على العراق بأكملها، وبالإضافة أنه سيمدَّه بالكثير من المؤيدين ممّا سيزيد من قوته العسكرية، وهكذا يستطيع أن يواجه الخلافة الأموية، وكانت الأوضاع حينها في البصرة من مصلحة المختار؛ فقد كان مركز الوالي ضعيفاً، وكانت البصرة مهددة من الخوارج.
ولكن رغم كل محاولاته لم ينجح المختار بالاستيلاء على البصرة، فقرر أن يتصرف سريعاً وبسرية تامة، فأرسل لابن الزبير طالباً صداقته، فكان رد ابن الزبير: فإن كنت على طاعتي فلست أكره أن تبعث الجيش إلى بلادي وتبايع لي الناس من قبلك فإذا أتتني بيعتك صدقت مقالتك وكففت جنودي عن بلادك وعجل علي بتسريع الجيش الذي أنت باعثه وسرّهم فليسيروا إلى من بوادي القرى من جند بن مروان فيقاتلوهم والسلام.
واستجاب المختار لاقتراح ابن الزبير، وقام بإرسال جيشه يقدر بعدد ثلاثة آلاف من الموالي، وقائده شرحبيل من ورس الحمداني، وكان أمره أن يذهب للمدينة ويستقر فيها، ثم يكتب المتخار من هنااك وينتظر الأمر منهم، ويبدو أنه كان يخطط لاحتلال المدينة، ومن بعدها يذهب لمحاصرة مكة، ولكن ابن الزبير كان يقظاً لذلك، فأرسل جيشاً ليواجه جيش المختار، وتقابل الطرفان في الرقيم قرب المدينة.
وخلال اللقاء الذي حصل بين الجيشان قتل شرحبيل قائد جيش المختار وهزم جيشه، وبعد خسارته كتب لمحمد بن الحنفية متأملاً بالحصول على اعتراف كامل منه لتكون حركته حركة شرعية، ولكنه لم يحصل عليه وخابت آماله، ومع كل هذا أخبر المختار زعماء الأحزاب المعارضة للأمويين أنه قد أُمر من قِبل من محمد بن الحنفية بأن يجمع بين البر والبسر ويصرع الكفر والقدر.
وفي عام 64هـ أعلن عبد الله بن الزبير نفسه كخليفة ولم يبايعة محمد بن حنفية و عبد الله بن العباس، فقرر ابن الزبير أخذها بالقوة، فأرسل محمد بن حنفية إلى المختار طالباً مساعدته، وقام ابن الزبير بإلقاء القبض على محمد ومن معه وهددهم بالقتل إن لم يبايعون، وبعد أن وصلت الرسالة للمختار قرأها علناً وهو مسرور، فأرسل جنوداً متطوعين إلى مكة وألحق بهم أفواجاً آخرين حتى صاروا ثلاثة آلاف.
وتعتبر حركة المختار الحركة الأولى التي يشترك بها الموالي تحت ستار الإسلام، وكانوا يحملون روحاً لإسلامية ويطلبون المساواة مع العرب في الإدارة والمجتمع، وتم اتهام المختار بأنه ساحر ودجال؛ لادعائه بأنه مكلَّف من الحنفية، وكان يقوم بسلوكيات وأعمال من شأنها أن تعطي عنه فكرة النبوءة، وكان يستخد الانفعالات الدينية لغايات سياسية، واستخدم كلَّ الوسائل لتحصيل ذلك.