قد يكون العالم زاخرًا بالخرافات، غير أن الذي يتحدث عنه الدارسون أن ما أطلق عليه علم النفس الشعبي، وما يوجد به من خرافات تعاملوا معها على أنها حقائق مُسلّم بها، على سبيل المثال ما نسمعه عن التنويم المغناطيسي أو تجربة الخروج من الجسد أو أجهزة كشف الكذب دون معرقة حقيقتها، وتاليًا سيتم في هذا المقال تقديم الخرافات الأكثر شهرة في علم النفس وما يقف خلفها من حقائق علمية.
ما هي أشهر خرافات علم النفس؟
- لعل أكثر الخرافات شهرة والمرتبطة بعلم النفس هي أن الشخص لا يستعمل إلا 10% فحسب من استطاعة المخ، فالبعض يحسب أن هذه حقيقة علمية لا شك فيها؛ وذلك لأن هذه الخرافة بشكل محدد تبث الأمل؛ إذ لو أدرك الإنسان قدرته فسيكون هذا الأمر عظيمًا، غير أن الحقيقة العلمية أتت مخيبة للآمال، فالإنسان يستخدم دماغه كاملًا في كل وقت؛ حيث أن الجهد الذي يلزم لإغلاق اليد وفتحها أو تنشيط الدماغ بالتفكير في أمر معين يستهلك مساحة تزيد على عشر الدماغ وقدرة المخ، وأصل الخرافة الذي ذكره أحد علماء النفس حين أشار في أحد مؤلفاته إلى أن الإنسان لا يستغل إلا جزءًا ضئيلًا جدا من قدرته العقلية والجسدية المحتملة.
- في عالم الأفلام شاهدنا حالات لفقدان الذاكرة، حين يصطدم رأس أحد الأبطال بشيء ما، وبعد ذلك ينسى ماضيه، فهل فقدان الذاكرة حقيقي أم أن لعلم النفس رأي آخر؟ تقول إحدى أخصائيات علم النفس أن فقد الذاكرة مختلف بشكل تام عن الذي نشاهده على الشاشات؛ إذ أن الصدمات على الرأس لا تتسبب في فقدان الذاكرة، إنما السبب في ذلك هو الالتهابات الفيروسية أو إدمان الكحول المزمن أوالعمليات الجراحية العصبية الناتج عنها إزالة مناطق معينة من المخ، إذ ورد عن ذلك: «مرضى فقدان الذاكرة الحقيقيون نادرًا ما يعانون من فقدان الهوية.
كما أن حالات فقدان الوعي والخروج من الجسد تنتج عن خضوع بعض المرضى للعمليات الجراحية وعند يقظتهم وصفوا تجربتهم بالقول أن أرواحهم كانت تجوب في سماء الغرفة، تلقي النظر على ذلك الجسد الممدد في غرفة الجراحة، وقد أطلق بعضهم على الحالة تلك: “تجربة الخروج من الجسد”، وصّف بعض الباحثين تلك التجارب بالوهمية؛ إذ فشلت حالات كثيرة في وصف ما تحتويه الأماكن التي حلوا بها بأرواحهم، كما ادعوا. - أما سمعتم بجهاز كشف الكذب؟ إنه جهاز سحري، يقوم بإخراج مشاعر المرء على هيئة بيانات بإمكانها إخبار المخصصين هل أنت كاذب أم لا؟ ويحسب البعض أن الجهاز هذا لا يمكن أن يخطئ، ويقول الدارسون إلى أن هذه الأجهزة تعتمد على بعض المؤشرات الحيوية للإنسان كقياس معدل نبضات القلب والتعرق وضغط الدم والقدرة على التنفس بشكل ثابت، إلّا أن أجهزة كشف الكذب لا تقدم تلك أي دليل قاطع على الكذب؛ إذ قد تشير بعض النتائج خلال الخضوع للاختبار إلى التوتر، بدلًا من الكذب، فلا يمكن أن تكون دليلًا يمكن استخدامه في كشف الكذب.
- لا يفهم الرجال والنساء بعضهم بعضًا، وهذا الاعتقاد الشائع ألهم أحد الُكتاب لتأليف كتاب: “الرجال من المريخ، والنساء من الزهرة” قدم فيه الدليل على صعوبة التواصل بين الرجل والمرأة، ولكن كيف ذكر علم النفس أسباب الخلاف بين الرجال والنساء؟
يتواصل النساء والرجال بطرق مختلفة، الأمر الذي يؤدي إلى سوء فهم دائم، وهذا الاعتقاد يشيع في الموروث والمعتقد الشعبي، غير أن الدارسين اعتمدوا على دحض تلك المزاعم التي تدل على الخلاف ما بين الرجال والنساء، فمن المعروف بناءاً على العديد من الآراء أن النساء تكرر بطرق أكثر من الرجال وصولًا إلى الاعتقاد بأن النساء يكشفن أشياء عن أنفسهن أثناء الحديث أكثر مما يفعله الرجال، وقد توصل الباحثون إلى أن النساء والرجال تقريبًا يثرثرون بالقدر ذاته مع بعض الاختلافات التي لا تذكر، في حين تكشف النساء عن الأمور الخاصة أكثر من الرجال بمقدار ضئيل. - المرضى العقليون يتصفون بالعنفِ في المصحات والمستشفيات النفسية والعقلية هذا خرافة، وأمر يشيع إلى درجة كبيرة أجبرت كثير من الأشخاص على أن يعتقدوا بأن المريض العقلي لا بد أن يتصف بالعنفِ، فما هي حقيقة الأمر؟
توصل العلماء والباحثون إلى إن الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية ليسوا الأكثر ممارسة للسلوكات العدائية، أو العنيفة من الأشخاص العاديين، بل أن غالبيتهم أشخاص لا يتسمون بالعنف، ويمكن حصر نسبة المرضى العقليين الذين يسلكون أساليب عنيفة من ثلاثة إلى خمسة بالمئة فقط من إجمالي المرضى؛ وهي نسبة ضئيلة جدًا وتقتصر على بعض الأمراض العقلية الخطيرة، في حين يندمج المرضى العقليون في المجتمع ويصبحون أشخاصًا منتجين ونشطين.”