اقرأ في هذا المقال
على الرغم من ذلك التقدم العلمي الكبير الذي أخذ البشرية من بدايتها إذ كانت آكلة للحوم النيئة إلى عصور البخار والكهرباء، وعلى الرغم من انتقال البشرية من إيمانها بالميتافيزيقا إلى إيمانها بالعقل، مع هذا كله إلا أن العالم بما في ذلك أوروبا، لم يتخلص بعد من تأثير الخرافات.
هل الخرافة فى أوروبا مثل خرافة العرب والمسلمين؟
في مقارنة سريعة بين استمرارية تأثر العرب والمسلمين والأوربيين بالخرافات، يرى كثير من الباحثين في هذه المقارنة مغالطة كبرى؛ إذ أن الخرافات في مجتمعاتنا تتخذ هيئة من العداء المتأصل للعلم والمعرفة والعقل، بينما كان العلم في المجتمع الأوروبي يجاهد ويحارب كي يرسّخ وجوده.
إن شيوع الخرافات في مجتمعنا ما هو إلا تعبير عن توقفه وتصلبه وجموده عند حالات قديمة، ومحاربة للتطور والتقدم المتسارع الخطى الذي يحيطه من كل اتجاه، لكي تبقى عقولنا منغلقة لا ترى التطور العظيم الذي أجراه العلم في عصرنا الحديث.
الخرافات في أوروبا في العصور الوسطى:
في العصور الوسطى حاول المتدينون في الكنائس أن يسلكوا سبيلًا مليئًا بالمخاطر، بمعاداتهم العلم ومحاولاتهم لإشاعة الخرافات، إلا أن المفكرين والباحثين في الحقيقة خلال الأربعمئة سنة الماضية وبعد كفاح طويل، استطاعوا الانتصار بالعلم والعقل، والدليل أن انصرف الشعب الأوروبي عن المعتقدات الدينية بأعداد هائلة، مع العلم أن العلماء قد خاضوا صراعًا مرًّا مع الكنائس والمتدينين، كانت نتيجته خضوع المجتمع للتطور والتقدم الطبيعي، سواء كان ذلك في العلوم، أو في الحياة والسلوكات اليومية.
بينما كانت أوروبا تتخلص من الميتافيزيقا وما أحدثته من آثار مدمرة على المجتمع من إشاعة وصنع الخرافات، إلا أن مجتمعاتنا لا تزال في أغلبها تقف عند تلك العصور المظلمة، ولا تريد أن تتحرك أو تنتقل إلى العصر الحديث، ولا تزال عقولهم متصلبة متجمدة؛ لذلك يبدو جليًّا أن السير نحو تقدم علمي فكري يشبه السراب وخداع للذات يروج له الكثيرون ممن حولنا.
إن عملية إقناع العقول- في وطننا العربي الكبير- بأن الكثيرمن الأشياء ستضيع من بين أيدينا لو خضعنا للاتجاهات التي تعادي العلم والتقدم، وإن فكرة البقاء في المستقبل من دون وجود نظرة علمية وأسلوب علمي في التفكير، سيكون أمرا مليئًا بالشك.