لقد شكلت الخرافات والأساطير جزءًا من فلكلور الشعوب وموروثها منذ أن قامت البشرية حتى يومنا، على سبيل المثال الاعتقاد العالمي بنحس يوم الجمعة إذا توافق في الـثالث عشر من كل شهر، أو التحذير من أن توضع القبّعة على السرير، وذلك في اعتقاد الإيطاليين؛ إذ يعتبرون ذلك إشارةً للموت، أو خرافة أبو رجل مسلوخة، الذي يعود إلى أصول مصرية، والذي تربطه علاقة آثمة مع الغولة، والتي تشتهر بإخافة الصغار.
خرافات فلسطينية شائعة:
للشعب الفلسطيني كذلك مخزون وافر من تلك المعتقدات والموروثات الخرافية؛ إذ ارتبط تأويل بعضًأ منها بتلك القوى الخفيّة للجن ومردة الشياطين، وخرافات أخرى مرتبطة بالطبيعة كالشمس والقمر، وكذلك تلك التي تناقلوها عن القدماء كالبابليين والمصريين والكنعانيين الذين قطنوا أرضهم منذ مئات السنين.
إذا حدث وأصيب طفل بحالة تشنج، فيعتقد أهله أنه قد أصيب بالعين، فيجيئون بأحد الأشخاص ليتواصل مع الجن فيتمتم بعبارات خرافية، وهي: “دستور دستور، بخ بخ”،ثم يتم كلامه قائلًا: إن فلان بن فلان ولد من أولادكم، ويحلف عليهم بحياة أولادهم ألا يؤذوا أهل الدار ولا يؤذوا الولد المصاب بالعين، وأن يرفعوا عنه أي مكروه.
يعود أصل العبارة الخرافية “دستور يا أسيادنا” إلى زمن هيمنة الفراعنة على بلاد الشام؛ إذ عبد أهل فلسطين الشمس في ذلك الوقت ظنًّا أنه بمغربها تسافر إلى أسفل الأرض لدى آلهة جبابرة يتحاربون مع آلهة أخرى فوقها، وينتصر آلهة العالم السفلي بتمكنهم من سحب الشمس والقمر إلى عالمهم، فهذا المصطلح إذن يُشير إلى أهل ذلك العالم الذين قضوا وهلكوا وتركوا العالم العلويّ.
ولم يسلم مأكل الفلسطينيين من تلك الخرافات؛ إذ وصلت إلى طعامهم وشرابهم كذلك؛ فإذا طفر العجين في وجه من تعجنه فهذا ضيق قادم لا شك على صاحبته، وأما إذا حكّ أحدهم أنفه، فهذا يعني أنه سيأكل السمك قريبًا.
خرافة أخرى مفادها أن العطس يمنع الموت لثلاثة أيام، وإذا كنتم من الذين يهتمون بشعرهم بشكل دائم فاحذروا من تمشيط شعركم أو قصّه في الليل كذلك، وإلا فلن تروا السعادة بعد الليلة تلك، وكذلك للأظافر نصيب من تلك الخرافات، حيث أن ظهور بقع صغيرة عليها معناه أن صاحبها يكذب، وعدد النقاط إشارة إلى عدد الكذبات، إلا أن العلم فسر هذه النقاط على الأظافر بنقص الكالسيوم.
خرافة تتعلق بالأثرياء؛ إذ أن كسر سنّ من أسنانهم خلال الأكل؛ فإن ذلك نذير شؤم بخسارة المال، وتشيع خرافة بأن برودة الظهر تشير إلى أن أحدهم سيمشي فوق قبر من يشعر ببرودة ظهره؛ لذا كان حتمًا عليه تدفئته، وأما جلوس الفتاة فوق الوسادة فخرافة تحذر من السمعة السيئة.
وإذا كنت ممن يحبون حمل الأطفال الرضّع ومداعبتهم فلا تفعل ذلك إذا لم تكن قد قدّمت له هدية يوم ميلاده أو نقوطًا مناسبًا، وإلا فستشعر بدفء بوله يتسرب إلى يديك وحجرك وثيابك.
من المعتقدات والموروثات التي حظيت بها الطيور؛ فقالوا أن حمامة ذات سلالة جيّدة كانت في منطقة ما فقاموا بنقلها إلى مكان آخر لتقوم بتحسين النسل هناك، إلا أنها رجعت إلى مكان إقامتها الأول فقالوا على لسانها: “البيت اللي ربّاني ما هرب وخلّاني”، وغير بعيد عن طيور المزرعة، فالويل للدجاجة إذا صاحت، فتُذبح لاعتقاد مربيها أن شرًا قادم إلى البيت قريبًا، إلا أن الإوزّ أكثر حظًا؛ فهي الحارس الأمين من السرقة أو زحف الثعابين في الجوار.
خرافة سقوط روث طير طائر على الرأس، تعني أنه إذا كان من سقط الروث على رأسه من التوّاقين لزيارة بيت الله الحرام وطال انتظاره لسنوات، فالفرح واجب عليه؛ فبشارة بالحج ستطاله قريبًا، وأصل هذه الخرافة يرجع إلى زمن الحجّاج لما مرّ بعجوز طلبت الله أن تحظى بالحج، فما كان من الناس إلا السخرية منها فجاء طير وأسقط روثه عليها، فقال الناس لها ساخرين: لعل ذلك الطير يرزقك بحجة إلى الحجاز، فحفرت في الأرض وعثرت على كنز وأنفقت منه لأداء فرضها.
أما للطاووس المحتال فله قصة خرافية مع الديك صاحب الريش المذهل، لما طلب من الأخير ريشه البهي الجميل ليغطي به ريشه العادي قبل سفره ليلتقي محبوبته في الهند لمدة شهرين فحسب، إلا أن سنينًا مرّت ولم يرجع الطاووس، ومن ذلك اليوم يقوم الديك بالقفز فوق مكان عال ويأخذ بالصياح من طلوع الشمس إلى غروبها لعلّ صاحبه الغائب المحتال يسمعه ويعيد له ريشه.