الرجل يتفاءل بانسكاب فنجان القهوة، والمرأة تبتلي بتنظيف الزجاج المكسور ولمّه، والخرافة تنصر حكة اليد اليسرى، إن الذين يسعدون عند شعوره بحكة في يده اليسرى، ويترقبون بعدها مالًا لابد وأن يجد طريقه إليهم بحكم الخرافات، والذين يستبشرون خيراً من انسكاب فنجان قهوة على الأرض، فأسرعوا ينظفونه وهم سعداء، باعتبار ذلك فألًا حسنًا.
يؤمن كثير من السوريين بالخرافة، لدرجة أن عددًا لا بأس به من المثقفين والأكاديميين لم يفلتوا من قبضة الإيمان بها، وإن بدا أن الأمر ليس عن قناعة وتصديق، فهو قد تحول لعادة اجتماعية تمارس بعفوية في كل منزل وكل حي وبلدة.
خرافات شائعة لا يزال السوريون يتداولونها:
في دراسة أجراها موقع إلكتروني مختص بالشأن السوري، تم من خلالها رصد أكثر الخرافات شيوعًا يتداولها أبناء المجتمع السوري بشكل كبير ومنها:
تعليق الخرزة الزرقاء:
تُعدّ هذه من أكثر الخرافات انتشارًا في سوريا، وكثير من بلدان الوطن العربي، إذ يسود الاعتقاد في القرى والمدن السورية أن الخرزة الزرقاء ترد عيون الحساد؛ لذلك تجد أعناق الفتيات تتزين بارتداء قلائد عُلّق فيها خرزة زرقاء، كذلك السيارات، وكما تُعلّق على ثياب المواليد الجدد.
لصق العروس قطعة من العجين أو الطين:
هذا الموروث المنتشرة في الريف والمدن السورية وكذلك باقي دول بلاد الشام، إذ إن العروس تقوم بلصق قطعة من العجين أو الطين على مدخل بيت زوجها، فإن التصقت كان فألًا حسنًا، وإن سقطت كان فألاً سيئًا، بالتأكيد الأمر بالحالة الثانية لن ينتهي بإلغاء الزواج، ربما قد يعكر صفوه فقط، وهذا فأل سيء.
حك اليد:
يتشائم كثير ممن يعتقدون بالخرافات من السوريين حين تحكهم يدهم اليمنى؛ وذلك لإيمانهم أنهم بذلك سوف يخسرون مالًا لأحدهم، فبالمقابل نجدهم يستبشرون عندما تحكهم اليد اليسرى، لأن في ذلك إشارة أنهم سوف يقبضون مالًا.
طرفة العين:
خرافة طرفة العين منتشرة كثيرًا، ففي المجتمع السوري حين تطرف عين أحدهم، فإنه يبادر إلى ترتيب منزله، ذلك أن ضيفًا ذو مكانة وأهمية عنده سيقوم بزيارته، بالمقابل يقوم البعض بترتيب نفسه لسماع أخبار جيدة، في حال طرفت عينه اليمنى، ويعدّ نفسه لخبر سيء في حال طرفت عينه اليسرى.
طنين الأذن:
يرى السوريون أن طنين الأذن أقرب ما يكون إلى عارض ديني أو علمي أكثر منه خرافة، لذلك يكررون مقولة: “اليسار مسرّة، واليمين مضرّة”، والمقصود بذلك أنه عند طنين أذن الشخص اليمنى، فإن أحدهم قد تكلم عليه بسوء، وحين يحدث ذلك لأذنه اليسرى فإن أحدهم تكلم عنه برضا، لهذا ومع هذه الظاهرة يدعو السوري على من تناوله في غيابه بعد أن يضغط على إحدى أذنيه بالقول: “اللهم اذكر من ذكرني بخير، وسامح من ذكرني بشر”.
سكب فنجان القهوة على الأرض أو كسر أحدهم كأسًا فارغة:
تتغلغل هذه الخرافة في الثقافة العربية عامة والسورية خاصة، إذ اعتبر السوريون أن سكب القهوة هو فأل خير، وأن كسر كأس فارغ هو كسر للشر، اذ أن الذي يتعرض لمثل هذا الحادث يردد عبارة مشهورة حيث يقول:”انكب الشر” أو “انكسر الشر”، في حين تتلقى المرأة نصيبها من التعب، إذ تضطر إلى مسح القهوة وتنظيف الزجاج المكسور عن الأرض”.
سكب المياه خلف الضيوف:
إذا أراد أحدهم أن يمنع أحد الضيوف ثقيلي الظل غير المرغوب بزيارتهم من زيارته، فهو يسارع إلى سكب دلو من الماء عقب مغادرة ذلك الضيف منزله، ففي عرف الخرافة فإن ذلك سيمنع عودته لزيارته مرة أخرى.
ختان الأولاد:
يتشاءم كثير من السوريين وبشكل خاص في مناطق الريف من ختان أولادهم في المنزل، لذا يتم تبادل الختان في منازل الجيران أوالأقارب أو في العراء، إذ يعتقدون بأن الختان إذا وقع في منزل أهل الولد، فذلك فأل شؤم قد يؤدي بحياة أحد أفراد العائلة، لهذا يمنع كثر من البدو في مناطق من البادية السورية أو ريف حماة والقنيطرة الختان في منازلهم، للأسف هذه الخرافة أثبتت كذبها.
حين يبتلع الحوت القمر:
يفسر البعض من جيل الستينيات والسبعينيات ظاهرة خسوف القمر بقيام الحوت بابتلاع القمر؛ لهذا يبادر من يؤمن بهذه الخرافة، بحمل الصحون والطناجر والتصفيق بها، ويطلبون من الحوت ترك القمر، ويرددون: “يا حوت اترك قمرنا”، وتستمر تلك الطقوس الى أن يترك الحوت القمر، “أي حين ينحسر ظل الأرض عن القمر معلنًا نهاية الخسوف”، ولا يزال ذاك التشاؤم من الخسوف شائعًا لدى فئات كثيرة من البدو في شمال شرق وجنوب غرب البلاد بشكل كبير.
حماتك بتحبك:
صارت هذه الخرافة مع الوقت نوعًا من الترحيب أكثر من كونها خرافة، فغالبًا حين يستقبل صاحب المنزل من يأتيه زائرًا في وقت الطعام بهذه العبارة: “حماتك بتحبك”.