خرافة القبح والجمال وجنس الجنين

اقرأ في هذا المقال


خرافات الحمل والولادة الشائعة في الموروث الشعبي في المجتمعات العربية أغلبها يكسوه الطابع التحذيري، الأمر الذي يجعل حياة الحوامل طوال تسعة شهور أقرب ما تكون إلى حقل ألغام تقريبًا.

أغرب خرافات الحمل لدى العرب:

تتغير حياة المرأة الحامل بالتأكيد، وتنقلب رأسًا على عقب، بشكل خاص أثناء تجربة الحمل الأولى، ولعل لائحة التحولات والتغيرات الفيسيولوجية والهرمونية التي تصيبها كثيرة على نحو جليّ، غير أن الخرافات الشعبية العربية التي تحيط بالحمل والولادة تدل على وجود مفارقة، وهي التي تستأثر بالنصيب الأكبر في سير الحياة الطبيعية للنساء العرب الحوامل.

المعتقدات الخاطئة والخرافات الغريبة حول الحمل والولادة في مجتمعاتنا، بعضها قد يكون طريفًا، فيما بعضها الآخر لا يخلو من الصحة، إلا أنها في أغلبها تشترك في نقطة تحول الحياة الطبيعية للحامل إلى حياة تملؤها الاعتقادات الخاطئة والخرافات عبر نصائح الجدات والأمهات والأكبر سنًّا.

تأتي الملاحظات للحامل فيقال لها إذا اشتهيتِ مذاقًا معيّنًا، فسوف يكون المولود هكذا، وإذا نظرتِ إلى شيء معين فلن تُرزقي بطفل طبيعي، وإذا صارت هيئتك كذا فسوف يكون مولودك ذكرًا، وكل هذه تحذيرات غريبة تُشهر في وجه النساء الحوامل، وتستقر في نسيج الموروث العربي الشعبي، وتدخل المرأة الحامل بسببها في قفص من الهواجس والمخاوف والاستنفار، مع قليل من المرح كذلك.

إليكم لائحة بأكثر التحذيرات والخرافات شهرة، ولتي تُقذف في وجه النساء الحوامل بشكل تلقائي دون أساس علمي، وما هي إلا معتقدات وخرافات توارثتها الحفيدات عن الجدات والأمهات، ولا تقوم إلا على نظريات غير مشيدة إلا على رمال المعتقدات الشعبية للمجتمعات العربية.

أيتها الحامل تجنبي النظر إلى الوجوه القبيحة:

لقد حسم الطب الحديث الجدل حول صفات المواليد منذ وقت ليس بالقصير، فهذه المسألة ترتبط في الأساس بالصبغة الجينية والوراثة قبل أي شيء، غير أن المعتقدات الشعبية العربية التي ترتبط بالحمل والولادة تمتلك آراءً مختلفةً، والخرافة تقول أن على النساء الحوامل تجنّب النظر إلى الوجوه القبيحة والمصابين بالتشوهات الخلقية، وتأويل هذا المعتقد كي لا ينجبن أطفالًا مشوّهين مثلهم، وبالمقابل تتلقى المرأة الحامل وصية بإطالة النظر في وجوه الأطفال الذين يتصفون بالجمال، كأطفال مجلات الملابس الخاصة بالصغار، أملًا في إنجاب مولود جميل.

خرافة “صرتِ أجمل مع الحمل.. تنتظرين مولوداً ذكراً”:

من الطبيعي أن تتعرض المرأة الحامل إلى تغيرات عديدة في مظاهر مختلفة من جسدها كالبشرة، فما الحمل إلا انتقال من وضع إلى آخر من ناحية النشاط الهرموني والفيسيولوجي، لكن هل من الممكن أن تكون التغيرات التي تطرأ على جسم المرأة وبشرتها دليلًا على جنس جنينها؟ والإجابة الطريفة تملكها المعتقدات الشعبية، إذ يُعتقد أنه كلما ازدادت المرأة الحامل جمالاً، كان مولودها ذكراً، وعلى العكس لو ظهرت عليها علامات تصنفها بغير الجميلة كالسمنة أو تغير لون البشرة، فإن الجنين أنثى تستحوذ على جمال أمها، كما تقول الخرافة.

اشتهاء الطعام حلوالمذاق يعني: بنت في الطريق:

لا يتوقف تحديد جنس الجنين في الثقافة الشعبية العربية على جمال المرأة الحامل فحسب، فالخرافة تقودنا إلى ما تشتهيه الحامل من الأطعمة المشتهاة، والتفسيرات الشعبية تجدها حاضرة من المحيط، إذ يعتقدون أن اشتهاء الحامل الطعام ذا المذاقات الحامضة بشكل عام، تعني أن المولود المرتقب سيكون صبيًا ذكرًا، وأما إذا اشتهت الحامل أطعمة حلوة المذاق، فالمولود القادو سيكون بنتًا، حسب التفسير الذي قد تقدمه الجدة أو الخالة وفق ما يعتقدن من خرافات وموروثات شعبية.

الحموضة والشعر الكثيف:

خرافة غريبة حقًّا إذ تُلقى على الحُرقة وحموضة المعدة التي تصيب الحوامل تأويلات أكثر غرابة، حيث تشير هذه الحموضة وفق المعتقدات الشعبية العربية إلى أن الجنين سوف يكون كثيف الشعر، وهذه الخرافة لا أساس لها من الصحة، ولم يقرّها العلم والطب الحديث.

الطلبات أوامر: خرافة شبح “الوحمة”:

علميًّا يعود السبب في الوحم عند الحامل إلى نقص غذائي عند الحامل، كالحديد مثلاً، وكما أنه يُعزى كذلك إلى التغيرات الهرمونية التي تجدُّ على جسد الحامل، بل أن هناك من يفسر هذا الأمر نفسيًّا، وهو رغبة الحامل اللاشعورية في أن تكون محط اهتمام بشكل أكبر؛ لأنها مقبلة على مرحلة صعبة من حياتها، لكن كيف تعتبر المعتقدات الشعبية العربية أن طلبات الحامل أثناء فترة وحمها ترتفع إلى مرتبة الأوامر؟ لعل هذا الأمر كما تقول الخرافة، يمس خوفًا عميقًا من احتمالية أن يتعرض المولود إلى تشوه خلقي يتمثل في شبح “الوحمة” السوداء التي تشبه في شكلها الطعام الذي اشتهته الحامل ولم تأكله.

خرافات لا أساس لها:

إن حضور تلك الخرافات الغريبة والمستهجنة حول الحمل والولادة في المجتمعات العربية كتفسيرات خاطئة، فعلى الرغم من التحولات التي عرفتها الشعوب في المنطقة العربية على مختلف المستويات، يطرح علامات استفهام كثيرة حول كيف لم تجد المعلومات الطبية العلمية المرتبطة بالحمل طريقها نحو معظم العقول العربية حتى الآن.

يرى بعض الباحثين أن استمرار تلك الخرافات المستهجنة والمعتقدات غير الصحيحة حول الحمل والولادة يرجع إلى أنها جزء من مراسيم اجتماعية تصاحبها طقوس ثقافية ذات خلفية شعبية سحرية، ويجري إعداد المرأة وتهيئتها بشكل جيد للإنجاب في ضوء هذه الخريطة الثقافية منذ مرحلة الزواج، لعل الخرافات التي تخص الإنجاب في المعتقدات الشعبية العربية، تكون قبل الوصول إلى مرحلة استشارة الطبيب، ولا يُلجأ إلى الطب إلا من باب الاستئناس، وفي حالات أخرى من باب البحث عن أمل فُقد في تجارب تقليدية سابقة.

إن استمرار هذه الخرافات في مجتمع متحول “يتجه نحو نزع السحر عن العالم، يعني وجود بنية ذهنية ثقافية تستمد شرعيتها من تجربة الأسلاف”، ومن جهة أخرى وهي الأهم، في حال بقاء هذه الأنساق الثقافية في المستقبل لن تكون إلا دليلًا قاطعًا على فشل في توجه الناس نحو التطبيب والعناية الطبية.


شارك المقالة: