اقرأ في هذا المقال
كثير من الناس يحملون بين ضلوعهم حبًّا شديدًا للاستطلاع عن المستقبل والتنبؤ به، إذ نجد الكثيرين يبحثون عن أي طريقة لمعرفة ما الذي يخبئ لهم القدر، ومن ضمن هذه الطرق قراءة الفنجان، ولكن هل من الصحيح استخدام هذه الطرق أم لا، وهل لقراءة الفنجان مخاطر وأضرار؟
خرافة لها أصول وحكايات:
كثيرًا ما تشغل الأمور الغيبية والمجهول وما سيأتي في المستقبل عقول الناس وتفكيرهم، وهم يتشوقون بشكل كبير كي يعرفوا ما يخبئه لهم المستقبل من زواج أو وظائف منتظرة، فيسعون ليجربوا كل الوسائل والطرق لمعرفة المستقبل، على سبيل المثال ” قراءة الفنجان”، والتى تنتشر بشكل لافت بين النساء، وكما أصبح لقراءة الفنجان مجالس خاصة وأشخاص يدعون التخصص بها، وذلك دون معرفة أصلها أو تاريخها.
ربما ترجع أصول هذه الطريقة منذ عصور وأزمنة قديمة قبل أن يظهر الإسلام، أما بدايتها كانت في “معابد الكهنة” في تركيا، إذ كان هناك أشخاص يتخصصون بقراءة الفنجان ومعرفة الطالع، إذ أن من يريد أن يعرف ما الذي يخبئه له المستقبل والقدر، يقوم بالذهاب إلى المعبد، وقبل أن يؤدي الصلاة يقوم بتناول فنجان من القهوة، ويتركه ثم يذهب للصلاة، وعندما ينتهى يذهب للقارئ ليخبره بطالعه.
يتساءل كثير من الناس عن حقيقة هذه العادة هل هي حقيقة أم خرافة؟ يوجد هناك من يدعي ويزعم أنها “هبة” منحها الله لبعض الأفراد وقد اختصهم بها دون غيرهم من البشر، وهناك آخرون يقولون بأنها علم يُدرس له قوانينه وشروطه الخاصة، غير أنه بالبحث عن حقيقة الأمر، سنجد أن قراءة الفنجان ومحاولة معرفة المستقبل والطالع ما هي إلا محض خرافة أُبتدعت فيما مضى في مجالس النساء لمجرد التسلية والمتعة، فقامت بعض النساء باستغلالها لكسب الرزق فزعمن معرفتهن للغيب، فكيف تكون هذه “هبة” من الله وقد حرّمها فى جميع الأديان ولُعن من يُمارسها؟
في الحقيقة إن قارئة الفنجان “لا تقوم بقراءة الفنجان بل هي في الحقيقة تقوم بسبر أعماق الشخص الذي يمثُل أمامها، وتحاول الوصول إلى الوتر الحساس الذي ستضرب عليه للتأثير فيه”، فمن خلال وجهه وتصرفاته تستطيع معرفة ما الذي يؤرقه، فقد يكون يبحث عن وظيفة أو ربما هو محبّ لفتاة يريد أن يتزوجها، أو قد تكون امرأة تعاني في زواجها، إذن هي تقول لكل شخص ما يريد أن يسمعه، فما تقوله وما تقرؤه في الفنجان ما هو إلا مجرد تخمينات وليس اطلاع على الغيب.
أضرار ومخاطر قراءة الفنجان:
مما لا شك فيه أن لقراءة الفنجان الكثير من المخاطر والأضرار، هي الطبيعة البشرية في الرغبة لمعرفة الأمور غير المعلومة، مع علم البشر أن كل الأمور الغيبية بيد الله وحده، ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل باللجوء إلى المنجمين، وحتى لو صدقوا في بعض الأشياء مصادفة فهم من وجهة نظر الدين والعلم والمنطق كاذبون، غير أن هناك أشخاص يضعفون أمام هذا الشيء بل إنهم يشربون القهوة خصيصًا من أجل قراءة الفنجان، ومع أن أغلبهم يعرفون أنه محرم عليهم البحث في أشياء لا يعلمها إلا الله إلا أنهم يصرون على البحث عمّن يتنبأ لهم بالغيب.
المنجمون بالتأكيد على معرفة بنقاط ضعف الشخص الذي يجالسونه وهو يرغب بالتنبؤ بمستقبله، وحتى إن لم نجد من يقرأ الفنجان غير أن هناك من يحرص على أن يتعلم قراءته، لأنه في داخله يريد معرفة ما الذي سيحلّ له، فربما يرتاح ولكنه لا يعرف أنه بذلك يغضب الخالق، وأما عن أضرار قراءة الفنجان على الإنسان فكثيرون من الذين يسعون لقراءة الفنجان يدقون ناقوس الخطر في حياتهم، فبمجرد معرفتهم أي شيء سيحدث لهم يعيشون في حالة من القلق والتوتر، ويجلسون ينتظرون مصيرهم الذي أخبرهم به الفنجان على الرغم من أن مصيرهم مكتوب منذ أن ولدوا، ولكنهم بذلك يتجهون للشرك بالله فهم يخسرون الدنيا والآخرة.
ممّا لا شك فيه أن القلق الذي يصيب أولئك الذين يقرؤون طالعهم، والذي يتربص بهم في بقايا فنجان القهوة في كل وقت يجعلهم يعيشون في حالة من الحزن الشديد، وهم بذلك يعترضون على قضاء الله، وكذلك يجلسون منتظرين ما أخبرهم به الفنجان، ولربما وجد الكثيرون أن بعض أقاويل الفنجان تحدث لهم بالفعل في حياتهم اليومية، وبعد قراءة الفنجان يصبح الشخص مترقبًا الأحداث، وهو بذلك يُهلك نفسه ويسبب لها التعب والحيرة، ومن الممكن أن يصل به الأمر إلى الذهاب إلى الطبيب النفسي فهذه الأشياء تدمر نفسية الشخص تمامًا.
ما الأسباب التي تدفع البعض إلى قراءة الفنجان:
القلق والخوف من المستقبل:
لعل من أهم الأسباب التي تدفع الكثير من الأشخاص إلى قراءة الفنجان هو القلق والخوف ممّا سيأتي به الغيب، إذ يصبح المرء شديد القلق ممّا يخبئه له القدر، لذلك يحرص على البحث عن أي طريقة كي يعرف ماذا سيحدث في المستقبل، فربما يسمع أحدهم خبرًا يجعله سعيدًا، ولأن أغلب الناس يريدون أن يعرفوا ماذا سيحدث لهم، فهم يسعون خلف الأوهام عبر هذه الوسائل، والتي لا تعدو كونها مجرد خرافات ومعتقدات لا أساس لها من الصحة.
في أغلب الأحيان فإن من يبحثون عن هذه الوسائل يعانون بالفعل من مرض نفسي، أو أنهم مصابون بحالة عدم اتزان، لذلك هم يفتشون عن أي مخدر لهم لكي يعيشوا دون ألم، غير أنهم في واقع الأمر يزيدون قلقهم، فربما يسمعون أشياء وأمورًا لا تعجبهم، وربما يكون الذي يقرأ الفنجان لا يمتلك ذكاءً كافيًا ليعلم ماذا يريد، ولكن في معظم الأحيان الذي يقرأ الفنجان يكون بمستوى ذكاء عالٍ جدًا، ذلك أنه يعرف من خلال المحادثة مع الشخص ماذا يريد من عينيه، فعلى الغالب يظهر على الشخص ما يريد من علامات وجهه، لذلك نجد أن من يقرأ الفنجان يستخدم ذكاءه في ذلك.
الجهل بالدين:
يُعدّ الجهل بالدين من الأسباب الهامّة التي جعلت الكثيرين يلجؤون إلى قراءة الفنجان لمعرفة الغيب والطالع، إذ لو أن كل فردعرف دينه، ما سعى وراء وهم معرفة المستقبل والاطلاع على الغيب، فمعرفته بأمور دينه تجعله أكثر وعيًا وإدراكًا لكل ما يضره في الدنيا والآخرة، وكما أنها تجعله بمنأىً عن القلق والأذى النفسي.
الفراغ:
لا شك أنه عندما يشعر بعض الأشخاص بالفراغ، وبشكل خاص النساء اللواتي يقمن بقراءة الفنجان بهدف التسلية وملء وقت الفراغ، إذ حين يذهبن إلى زيارة صديقاتهن وقريباتهن في المناسبات، وعلى سبيل التسلية تصبح الحاضرات منتظرات شرب فنجان القهوة، وما إن ينهينه حتى تبدأ إحداهن بقراءة الفنجان لمعرفة ماذا سيحدث لهن في المستقبل.