خصائص الأيديولوجيا في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


خصائص الأيديولوجيا في علم الاجتماع:

إذا ما حاولنا أن نوضح الخصائص الأساسية للأيديولوجيا من منظور علم الاجتماع، والتي تجعل منها مؤثراً قوياً، فإننا نستطيع أن نوجز هذه الخصائص فيما يلي:

1- العقلانية:

الأيديولوجيا بحكم تعريفها هي نظام من الأفكار والأحكام والمعلنة من جانب طبقة أو مهنة أو دولة، وهي لهذا تحاول أن تلبس ثوب العقلانية أو المنطقية، أو العلمية في بعض الأحيان، وتحاول الأيديولوجيا باستمرار أن تقدم توضيحاً للواقع المعقد، وغالباً ما تحاول أن يتخذ هذا التفسير طابع المنطقية والاتساق.

2- التوعية:

نظام الأفكار والأحكام يحاول مساعدة المؤمنين بها على فهم واقعهم وتفسيره بطريقة معينة، فالأيديولوجيا تحاول أن توضح على سبيل المثال مَن الذي يستغل الفرد ولماذا؟ كما توضح سبب تفوق الرجل الأبيض، أو سبب حتمية قيام الثورة.

3- خدمة مصالح معينة:

الأيديولوجيا ليست أمراً مجرداً منفصلاً عن الواقع، ﻷنها تشير إلى المصالح المباشرة للفرد والجماعة، فالأيديولوجيا توجه دائماً إلى جماعات المصلحة، فقد توجه أيديولوجية معينة إلى أولئك الذين يحاولون الاحتفاظ بمصالحهم القائمة لتبرير الوضع القائم، وقد توجه أيديولوجية أخرى إلى أولئك الراغبين في تغيير أوضاعهم سعياً وراء تحقيق مصالح خاصة.

4- استغلال الحالات السيكولوجية أو الانفعالية القوية:

سواء الظاهرة أو الكامنة وترتبط هذه الخاصية بالسابقة، فالأيديولوجيا ترتبط بالمصالح الخاصة، وبالتالي بجوانب ترتبط بسيكولوجية الفرد، وعندما توجه الأيديولوجيا إلى فرد أو جماعة معينة تحاول أن تستغل بعض المواقف النفسية المعينة لديه.

وهناك نوعان أساسيان لهذه المواقف، النوع الأول حالات القلق والتوتر والخوف والارتياب، وهذه الحالات في الغالب أو تتلاءم مع الأيديولوجيات المحافظة أو الرجعية، أما النوع الثاني فهو حالات العدوان الناجم عن إحباطات كثيرة ومتعاقبة، وهذه الحالات يكون العدوان منصبّاً على العدو أو على كبش الفداء، وهذه الحالات تخلق وتنشأ في الغالب أو تتلاءم مع الأيديولوجيات الإصلاحية أو الثورية.

5- دفع الجماعة إلى أسلوب معين للفعل:

فالأيديولوجيا تسعى نحو إشباع المتطلبات السيكولوجية للجماعة، من خلال نموذج معين ويحقق أهداف أولئك الذين يعانون من الإحباط والاتجاهات العدوانية القوية، وهذا يعني أن الأيديولوجيا توجه باستمرار إلى جماعة لا إلى فرد، ويحاول أن ترسم ﻷعضائها طريقة معينة في السلوك.

ويمكن لهذه الجماعة أن تكون طبقة محددة أو مهنة أو حزباً سياسياً أو أمه بأسرها أو حركية اجتماعية، حيث تحاول الأيديولوجيا تنمية الشعور والإحساس بالقوة والفاعلية عند الفرد، من خلال ربطه عضوياً بجماعة أو بمجتمع يؤمن بنفس الأفكار والأحكام وأساليب العمل والأهداف.

6- تقترن الأيديولوجيا بسلسلة محددة من القيم أو الأهداف المرغوب في تحقيقها:

وهذا الاقتران هو الذي يفرّق الأيديولوجيا عن العلم، فالأيديولوجيا تتمثل أحكاماً قيمية محددة، فهي تريد أن تعطي ليس فقط تفسيراً وتوضيحاً للحقيقة ولكن تقييماً له وحكماً عليه.

7- الطابع الطوعي للأيديولوجية:

فمن شأن الأيديولوجيات أن تحاول اجتذاب أفراد المجتمع أو أعضاء جماعات معينة إلى الإيمان بها طوعاً لا كرهاً، وهي تفعل ذلك من خلال بيان الأهداف ووسائل تحقيقها وتقديم تفسيرات وتوضيحات مغلفة بطابع عقلي أو منطقي للواقع، وعرض حلول واقعية التي تقبل للتحقيق أو في صورة تجعل المستقبِل يظن كذلك.

8- الأيديولوجيا كظاهرة نفسية اجتماعية:

ويتضح من كل الخصائص السابقة أنها ظاهرة سيكو اجتماعية فهي تهمنا في علم الاجتماع من حيث ما تقدمه من محاولات لتفسير وتوضيح الواقع أو تبريره، وما تطرحه من أحكام وما تحتويه من قيم ورموز تدعمها، فنحن يهمنا دراسة ومعرفة هذه التغيرات من حيث تأثيرها وفعّاليتها في الجماعة التي توجه الأيديولوجية إليها، ومن هذا المنظور تعد الأيديولوجيا إحدى أبنيتها الأساسية.

وقد أجرى العديد والكثير من الدراسات السوسيولوجية حول الأيديولوجيات، تحت تأثير بعض الكتاب مثل ماركس وكارل مانهايم، وقد تمت أغلب هذه الدراسات والمعارف من مدخل علم اجتماع المعرفة، كذلك فقد احتلت قضية الأيديولوجيا أهمية كبرى وعظمى في دراسات العلوم السياسية والسيكولوجية.

فهناك ارتباط واتصال قوي بين الأيديولوجيا وبين الظروف أو المواقف النفسية للجماعة، خاصة مواقف القلق أو العدوان أو الخوف أو الشعور والإحساس بالاستغلال أو الإحباط، وتحاول الأيديولوجيا التخفيف والتقليل من هذه الحالات، من خلال مساعدة ومساندة الفرد على التوحد مع جماعات المصلحة، ومع المبادئ الأيديولوجيا، وقد ظهرت محاولة لتطبيق التحليل النفسي على الأيديولوجيات، ولكنها محاولات قليلة لم يتضح نتائجها حتى الآن.


شارك المقالة: