دراسة التطبيق العملي للمسؤولية الاجتماعية في علم الاجتماع:
تعتبر دراسة التطبيق العملي للمسؤولية الاجتماعية ذات أهمية خاصة لفهم الأبعاد الحقيقة لمضمونها ذلك لأن النظرية وحدها لا تكفي، وإنما يعطيها الاحتكاك بالواقع أصالتها، مما يجب عليه من أسئلة حول نوعية المشكلات وطبيعتها ومدى قدرتها على تأمين وجودها واستمرارها، إن أي فكرة جديدة شأنها شأن أي بذرة جديدة، ولا تنمو إلا إذا وجدت التربة الصالحة والمناخ الملائم واليد التي تتولاها بالرعاية.
ثم إن الأيديولوجية كإطار للتفكير ليست قيداً على الأشخاص الذين يعتنقونها، إنها تمثل الخطوط العامة التي تميز أفكارهم وآرائهم وقيمهم وأنماط سلوكهم، ولكن إلى جانب هذه الخطوط العامة توجد الشخصية المتميزة لكل شخص والتي يتصرف فكراً وعملاً بوحي منها.
فإذا كانت الأيديولوجية نظرية فكرية عامة، فإن التطبيق ذا طبيعة شخصية ذاتية، أي أن التطبيق يمثل الرؤية الخاصة لكل فرد لكيفية نقل هذا الفكر النظري إلى الحياة العملية، وهذه الذاتية في التطبيق تسمح باختلاف بين الأشخاص الذين يعتنقون أيديولوجية معينة، ولكن اختلافاتهم دائماً تكون داخل حدود الخطوط العامة التي يتفقون عليها.
تحليل المفهوم النظري للمسؤولية الاجتماعية:
وهذا هو ما يحدث في مجال الصناعة، فالأنماط الأيديولوجية التي تحدثنا عنها تمثل الإطار الفكري، أي تمثل الخطوط الفكرية العامة للمشروعات الصناعية كلها، ولكن هناك داخل هذا الإطار الفكري توجد عقائد أساسية ومعتقدات رئيسية ومواقف وأفكار ثابتة وواضحة وجلية لكل مشروع صناعي منها، وأنها ليست أيديولوجيات كاملة، على الرغم من أن كل مشروع صناعي يلتزم بها كأنظمة للقيم.
ويقول جورج استاينز أنه نظراً لأن لكل مشروع صناعي شخصيته التي تختلف عن الشخصيات الأخرى للمشروعات الصناعية الأخرى، فإن أنظمة القيم تختلف وتتفاوت لكي تعطي لكل مشروع صناعي قوة دافعة لا تقل في أهميتها لنجاحه عن رأسماله المادي ذاته.
ولقد تبين من تحليل المفهوم النظري للمسؤولية الاجتماعية، أنها جزء من الأنماط الأيديولوجية التي تشكل الإطار الأيديولوجي للصناعة، والتي دعت إلى كل منها ظروف اجتماعية معينة، فجاء استجابة لها ومحاولة لمواجهتها.
ومن هنا يكتسب التطبيق العملي للمسؤولية الاجتماعية أهميته، حيث يوضح لنا نظرة هذه المشروعات إليها والتزامها بها ومدى فهمها للضرورات التي دعت إليها ومدى استجابتها لها ونوعيتها، وهذه الجوانب العملية وغيرها أساسية لفهم مضمون المسؤولية الاجتماعية كتجربة متكاملة فكراً وعملاً بل أنها أساسية أيضاً لرؤية مستقبل هذه التجربة في المجتمع.