يرى كل من الطبيب والمريض إلى المرض بأساليب متباينة حتى ولو كانوا يشتركون في خلفية ثقافية واحدة، حيث لكل من الطرفين وجهة نظر مختلفة ويستخدمون نظاماً متابيناً ﻷثبات وتقييم فعالية المعالجات بالوسائل المتنوعة، حيث لكل من وجهتي النظر لها حدتها ولها نقاط لضعفها، والمشكلة هي كيفية التفاعل بين كل من الطبيب والمريض وتبادل المعلومات بينهما خلال المعالجة السريرية.
دراسة المرض من المنظور العلمي والمنظور العامي
1- وجهة النظر الطبية للمرض
يكوّن هؤلاء الذين يزاولون الطب العلمي الجديد مجموعة منفردة طبقاً لقيمهم الشخصية ونظرياتهم عن المرض وأحكامهم السلوكية وتنظيمهم في مجموعة هرمية من الوظائف المختصة، كما يمكن أن ينظر إلى المهنة الطبية كثقافة ثانوية علاجية طبقاً لرؤيتها المنفرة للعالم، ويتخطى الطبيب أثناء عملية التعليم الطبي مرحلة تثقيفية يمتلك تدريجياً بواسطتها وجهة النظر بالنسبة للمرض والتي تتواصل طوال حياته المهنية، كما يمتلك أيضاً مكانة اجتماعية عالية وقدرة على إنجاز الدخل العالي، وكذلك الوضع القانوني والاجتماعي لدور المعالج والذي يتمثل حقوق والتزامات معينة.
فالطب يشبه العلم الغربي بصورة عامة ويستند على العقلانية العلمية بمعنى أن جميع فروضه وقضاياه ينبغي أن تكون قابلة للانتقاء والإثبات تحت الشروط الموضوعية والتجريبية، فالظواهر التي تتصل بالصحة والمرض تصبح ظواهر واقعية حينما يتم ملاحظتها وقياسها بموضوعية تحت هذه الظروف فقط، فإلى أن يتم ملاحظتها وقياسها تصبح حقائق علاجية، وبعد ذلك ينبغي أن يكتشف السبب والنتيجة، فجميع الحقائق لها سبب أن مهمة الطب العلاجي، هي الكشف عن المجموعة المنطقية للتأثيرات السببية التي مهدت إلى هذه الحقيقة.
2- النظرة العامية للمرض
يستخدم بعض الباحثين كلمة المرض ليشير يها إلى ما يشعر به المريض حينما يذهب إلى الطبيب، وكلمة المرض إلى ما يكون عليه المريض وهو في طريق عودته من عيادة الطبيب إلى بيته، فالمرض بمعنى Dis-ease، هو شيء يرتبط بجزء من أجزاء الجسم بينما المرض بمعنى Illness، يتصل بالشخص ذاته، وهو يعبر عن الاستجابة الشخصية للمريض ولكل الذين حوله لكونه مريضاً وخاصة الأسلوب الذي يوضح بها المريض وكل من حوله مصدر ومغزى هذا المرض، وكيف أنه يؤثر في سلوكه وفي علاقته مع المواطنين الآخرين وفي الخطوات المتنوعة التي سيتخذها لعلاجه.