دور الثقافة في تكوين الشخصية:
يرى الباحثون في علم الأنثروبولوجيا أن ثقافة المجتمع هي الأساس التي يبنى عليه كيفية تشكل شخصية الفرد، وذلك بواسطة أساليب التنشئة الاجتماعية المتعددة والمتنوعة، أي أن الشخصية انعكاس لثقافة المجتمع. لهذا نجد بنيديكت تستخلص أن الثقافة والشخصية عبارة عن جانبين اثنين لحقيقة واحدة.
وبالانطلاق من أن طبيعة الترابط بينهما تسير في اتجاه واحد: من الثقافة والمجتمع إلى الشخصية، وهذه المشاركة تمكن الفرد من تقديم برهان فيها الثقافة، وهي بدورها تجعل كل مجتمع ينتج على عملية التنشئة الاجتماعية التي يعتبر نموذجا متميزاً من الشخصية، والنموذج عبارة عن إطار نظري من ترتيب عقلي متوافق يستطيع التعايش مع متطلبات المجتمع الوظيفية والبنائية.
ويرى كل من العلماء والباحثين أن العلاقة بين الثقافة والشخصية تضم، من جهة التراث الذي يحتص بالاجتماع الذي يشمل المحتوى الذي يلتف بالفرد، ومن جهة أخرى السمة الكاملة لكل إنسان، والشخصية على حد تعبيرهما، هي كل ما مر بالفرد من تجارب في الماضي والحاضر، بشرط أن يفهم هذا الكل كوحدة.
وهذا يعني أن الشخصية أوسع حظوراً من الفردية، لأن الشخصية تستطيع استوعاب الكل والمنظم من العمليات الاطرادية والحالات النفسية التي تتعلق بالشخص، ولهذا من الواجب أن توضع الرابطة بين الثقافة والشخصية في المحل الأول عند جميع الأنثروبولوجيين وعلماء الاجتماع والنفس الاجتماعي.
وكما يلاحظ أن مصطلح الشخصية في رأي أحد العلماء بمكانة المحتوى السيكولوجي لمصطلح الثقافة، مما يجعل متوسط هذا المفهوم يحتل وضع بين مفهوم الثقافة ومصطلح المجتمع. ويساعد هذا المصطلح على الالتزام بالترابط بين معطيين يشرحان الظواهر الاجتماعية التي يطلق عليها الباحث تالكوت بارسونز اسم محافظ نمط النسق الفرعي للمجتمع.
وقد ذهب باحث آخر إلى إدخال الثقافة بالشخصية، إذ يرى أن عملية التكوين من لعب دور ودمج ذلك الدور مع أدوار أخرى مختلفة تمثل أنساق متعددة اجتماعية تتكون أساس الثقافية، ليصل إلى تعريف للشخصية على أنها مجموعة من الأدوار.
إن تنوع تصاميم الشخصية الأساسية لا يمكن فهمه إلا بالرجوع إلى الثقافات التي تتعلق بها النماذج المختلفة، وإذن فعالم الاجتماع يواجه فكرة إمكان دراسة ثقافة معينة بتركيز بحثه فيمن تغمرهم هذه الثقافة.
وذلك بأن يمنح لهذا البحث، كأساس أولي، ما يبدو من أشخاص المجتمع من مظاهر الشخصية، أو بمعنى آخر فإن المركب المكون من الشخصية والثقافة وما يخصها من علاقة متبادلة، يمكن أن ينفذ إليه عن طريق الشخصية.