هناك دور للمنهج القائم على السيميائية في تعزيز التعاطف وسيميائية التعاطف في رعاية المرضى والهدف من السيميائية الطبية.
دور المنهج القائم على السيميائية في تعزيز التعاطف
يُعرَّف التعاطف في سياق رعاية المرضى بأنه سمة معرفية في الغالب تتضمن فهمًا لتجارب المريض ومخاوفه ووجهات نظره، جنبًا إلى جنب مع القدرة على إيصال هذا الفهم ونية المساعدة، وفي التعليم الطبي من المسلم به أن التعاطف يمكن تحسينه من خلال الأساليب التدخلية.
بهذا المعنى يمكن أن يكون المنهج القائم على السيميائية أداة تعليمية مهمة لتحسين التعاطف الطبي، وكان الغرض الرئيسي من هذه الدراسة هو تحديد ما إذا كان التوجه التعاطفي لطلاب الطب يتحسن في دراسات الطب التي يتم فيها تقديم منهج سيميائي، نتيجة لاكتساب مهارات الاتصال لدى الطلاب وتنميتها المطلوبة في لقاءات الطبيب والمريض.
وأجريت هذه الدراسة شبه التجريبية في ثلاث دراسات طبية تقدم ثلاثة مناهج طبية مختلفة هي:
1- منهج علمي نظري وعملي.
2- منهج علمي نظري.
3- منهج بدون دورات سيميائية.
وتم تطبيق مقياس جيفرسون للتعاطف في لحظتين مختلفتين وخضعت البيانات للتحليل الإحصائي المقارن وتحليل الانحدار اللوجستي، ومن حيث النتائج أظهر تحليل المقارنة فروق ذات دلالة إحصائية في تنمية التعاطف بين المجموعات، وأكد الانحدار اللوجستي أن الجنس والعمر والمنهج القائم على السيميائية ساهم في تعزيز التعاطف.
والخلاصة توضح هذه النتائج أهمية السيميائية الطبية كأسلوب تعليمي لتحسين التوجه التعاطفي للمبتدئين في رعاية المرضى، ويشير المنهج القائم على السيميائية في تعزيز التعاطف على الاحتراف إلى مجموعة المهارات والقيم التي في حالة الطب، وتميز جوهر الإنسانية في العمل المهني.
وينشأ هذا المفهوم كهيئة مفصلية تتكون من السمات والمهارات المهنية التي تشكل العمل المهني للأطباء بغض النظر عن الأماكن الجغرافية أو الاجتماعية والثقافية التي يتم تنفيذها، ويتم تشجيع المعلمين الطبيين حاليًا على بذل كل جهد ممكن لتعزيز الاحتراف في الطب من خلال تقديم برامج على مستوى الدراسات والتعليم المستمر.
ومع ذلك لا يوجد حتى الآن إجماع واضح بشأن عدد وطبيعة الصفات الشخصية المطلوبة لذلك، وكثيرًا ما يُشار إلى المهارات الشخصية مثل الرعاية الوجدانية والتعاطف كمكونات رئيسية للاحتراف الطبي.
لماذا المنهج القائم على السيميائية في تعزيز التعاطف مهم في مجال الرعاية الصحية؟ يرتبط التفسير المعقول بالأهمية التي يعنيها فهم الأطباء لاحتياجات مرضاهم الجسدية والعقلية والاجتماعية، وبالتالي عندما يقيم الأطباء علاقات تعاطفية مع مرضاهم.
يتم تلبية تلك الاحتياجات البشرية الأساسية، وإن توصيل المنهج القائم على السيميائية لهذا الفهم هو في الواقع جانب سلوكي لهذا الارتباط التعاطفي، علاوة على ذلك فإن الجانب العلاجي المركزي للعلاقات بين الطبيب والمريض لا يعتمد فقط على قدرة الأطباء على فهم مرضاهم ولكن أيضًا على قدرتهم على توصيل هذا الفهم إلى مريضهم.
لسوء الحظ فإن قلة الاهتمام بهذه المهارات في بعض الدراسات ناتجة جزئيًا عن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا التشخيصية والعلاجية القائمة على الكمبيوتر، ففي جو رعاية المرضى المتقدم تقنيًا وحيويًا، يبدو أن ما تنتجه أجهزة الكمبيوتر يحظى باهتمام أكبر من بعض الممارسين الذين يثقون في الآلات أكثر من مهاراتهم في اكتشاف العلامات السريرية أو أعراض مرضاهم، وفي هذا الصدد أظهرت دراسة حديثة كيف أن تصورات المرضى عن تعاطف الأطباء تتنبأ بنتائجهم الصحية.
سيميائية التعاطف في رعاية المرضى
وفقًا لعلماء الاجتماع سيميائية التعاطف في الأوساط الطبية هو سمة معرفية في الغالب وليست عاطفية، وتتضمن فهمًا بدلاً من الشعور لتجارب ومخاوف ووجهات نظر المريض، جنبًا إلى جنب مع القدرة على إيصال هذا الفهم، ونية المساعدة بناءً على هذا الإطار النظري، وحاول الباحثون والمعلمون في مهن الرعاية الصحية تعزيز سيميائية التعاطف من خلال تقديم برامج تعليمية.
ويتناول معظمهم الهدف الأوسع المتمثل في تحسين مهارات التعامل مع الآخرين وفهم أي منهم يربط ضمنيًا تعزيز القدرة على التعاطف، ومن المفترض أن هذه القدرة هي شرط أساسي مسبق لإظهار السلوك التعاطفي لاحقًا.
اقترح العلماء نموذجًا شخصيًا للتواصل التعاطفي في اللقاءات الطبية، ويتم التركيز في هذا النموذج التربوي على تطوير ثلاث مهارات اتصال أساسية في التعرف على احتياجات المرضى في سيميائية التعاطف هي العواطف والمخاوف والتجارب الداخلية؛ واستكشاف لهم و الاعتراف بهم لخلق جو إيجابي بين الممارس والمريض أثناء العلاج الطبي، وتتوافق هذه المهارات الثلاث وفقًا مقياس جيفرسون للتعاطف، مع الكلمات الرئيسية الإدراك والفهم والتواصل التي تشكل جزءًا من تعريف سيميائية التعاطف في سياق رعاية المرضى.
وباتباع هذا الافتراض فإن أحد أهداف اختصاصيي التوعية الطبية هو تطوير المشاركة التعاطفية لدى طلابهم من المراحل الأولى لتدريبهم المهني من خلال تنمية قدراتهم على التعرف على فرص سيميائية التعاطف عندما يعبر المرضى عن مشاعرهم أو احتياجاتهم أو مخاوفهم، وفي العمل السريري يستجيب أخصائيو الرعاية الصحية المتعاطفون لهذه الفرص التعاطفية التي يقدمها مرضاهم من خلال التعبير عن احتياجات مرضاهم والتواصل معها.
الهدف من السيميائية الطبية
علم الطب في علاج الأمراض وفن الطب في علاج الأمراض ليسا كيانات مستقلة، بل إنهما يكمل كل منهما الآخر، وبالتالي يجب أن تنتمي الأعراض والعروض التقديمية إلى العلامات الطبية، وبغض النظر عن الانقسام الذاتي والموضوعي وبغض النظر عن نتائج الاختبار السلبية الطب البشري هو مشروع يكون موضوع الدراسة فيه فردًا أو إنسانًا وليس كائنًا بيولوجيًا فقط، وفهم البشر يعني فهم البشر القادرين على فهم أنفسهم والقدرة على إيصال هذا الفهم، ونتيجة لذلك يتطلب هذا الإقرار من الممارسين ليس فقط امتلاك المعرفة السريرية.
ولكن أيضًا فهم القدرات والتواصل التعاطفي والمهارات الشخصية، وكلها ضرورية لإقامة اتصال مثالي مع المريض، وبهذا المعنى فإن الهدف من السيميائية الطبية هو تضييق فجوة عدم اليقين وإعطاء فهم أكثر شمولية لعملية العلاج الطبي حيث تتطلب الأعراض والعلامات السريرية تفسيرًا، وهذه الخطوة الأولى حاسمة من أجل تحسين التواصل بين الطبيب والمريض في اللقاءات السريرية، ولقد أدرك علماء اجتماع مختلفون أهمية السيميائية الطبية في الشؤون الطبية، نظرًا لدورها في التفسير على طول العملية السريرية بأكملها.
وتقدم السيميائية الطبية للأطباء سيناريو أوسع وأكثر اكتمالًا لتحليل الظروف الصحية لمرضاهم، ولا يشمل هذا النطاق التكاملي العوامل البيولوجية فحسب، بل تشمل أيضًا العوامل الأخرى التي تؤثر على التصورات الصحية لمرضاهم، وبحلول نهاية عام 2015 أعادت جميع دراسات الطب هيكلة مناهجها الأكاديمية وفقًا للمعايير المقدمة من السيميائية الطبية وسيميائية التعاطف، وتنص هذه المعايير على أن الدراسات والبرنامج الطبي يجب أن يعكس المحتويات اللازمة لتوفير التدريب المهني الذي يشمل تطوير الاحتراف في فهم العلامات والرموز وفقًا للمعايير الدولية.
ومع ذلك فإن التصميم الهيكلي للبرنامج الطبي مهمة متروكة لها نفسها، وحددت المعايير ثلاث مراحل تدريب رئيسية هي:
1- مرحلة ما قبل الطب التي تركز على تعزيز وتوسيع المعرفة العامة ومتعددة التخصصات.
2- ومرحلة ما قبل السريرية لاكتساب المعرفة البيولوجية والطبية الحيوية، وكذلك لتطوير الكفاءات الإنسانية والسيميائية المطلوبة للممارسة المهنية والتعامل مع المرضى.
3- وأخيرًا مرحلة سريرية حيث يتم توفير التدريب في بيئة سريرية أو مستشفى.