اقرأ في هذا المقال
- ما هو علم الجريمة النفسي؟
- نظام العدالة الجنائية ونظرية الجريمة النفسية
- العامل النفسي ودوافع ارتكاب الجريمة
- تطبيقات نظرية الجريمة النفسية في علم الجريمة
- التطبيقات الاجتماعية لنظرية الجريمة النفسية
نظرية الجريمة النفسية أو النظرية النفسية في علم الجريمة أو علم الجريمة النفسي هي نظرية اجتماعية تشرح سبب وجود السلوك الإجرامي والمنحرف، وكان علماء الإجرام الأوائل الذين طوروا هذه النظرية مجموعة من علماء الاجتماع الألمان في أواخر القرن التاسع عشر، وتم وصف مفهوم الجريمة في كتاب إدوين ساذرلاند (Edwin Sutherland) عام 1949 والد علم الإجرام الحديث تقول: “بدون شك الجريمة هي أكثر السمات إثارة للدهشة في الحياة الاجتماعية، فهناك الملايين من الجرائم تُرتكب كل عام في الولايات المتحدة وحدها”.
ما هو علم الجريمة النفسي؟
تعد النظرية التي تشرح السلوك الإجرامي من منظور الشخص الذي ارتكب الجريمة تسمى “علم الإجرام النفسي، وفي هذه النظرية يدرس الطبيب النفسي الحالة النفسية للمجرمين لفهم هذه الظاهرة بشكل أفضل، وتم استخدام هذه النظرية لأول مرة من قبل الأطباء الذين حاولوا مساعدة المجرمين على السيطرة على أنفسهم، ويدرس علم الإجرام النفسي السلوك الإجرامي من منظور بيولوجي ونفسي.
الخطوة الأولى من هذا البحث هي اختبار الحالة النفسية للمجرمين، والخطوة الثانية هي ملاحظة الظروف التي ظهر فيها هذا السلوك الإجرامي، ويحاول علماء الجريمة النفسية فهم سيكولوجية المجرم والعوامل التي أدت به إلى الانحراف، ومع ذلك فإنّ هذه النظرية غير مقبولة على نطاق واسع بين علماء الجريمة، وتدّعي أنّ جميع المجرمين يعانون من اضطراب عقلي يجعلهم يرتكبون جريمة، ويشير علم الإجرام النفسي إلى جميع المجرمين على أنّهم مرضى عقليًا وبالتالي لا يقبل العديد من علماء الجريمة هذه النظرية.
نظام العدالة الجنائية ونظرية الجريمة النفسية
ومع ظهور نظرية الجريمة النفسية ازداد تطبيق هذه النظرية في شرح الجرائم وحلها، وذلك لأنّها حاولت تفسير السلوك الإجرامي من منظور عقل المجرم، وبعبارة أخرى حاولت أن تشرح كيف يفكر المجرمون ويتصرفون في نفس الوقت، ويدعم نظام العدالة الجنائية القانون الأخلاقي من خلال العقاب، ومع ذلك لا يمكن لهذا النظام أن يفسر سبب ارتكاب الناس للجرائم، وهكذا ظهرت نظرية الجريمة النفسية لفهم السلوك الإجرامي بشكل أفضل وتطبيقه على العقول الإجرامية، ويحتاج المجتمع لحماية أعضائه من المجرمين، ولهذا السبب يحتاج نظام العدالة الجنائية إلى معاقبة المجرمين، وتحاول نظرية الجريمة النفسية مساعدة نظام العدالة الجنائية من خلال شرح السلوكيات الإجرامية والتنبؤ بها.
العامل النفسي ودوافع ارتكاب الجريمة
عندما يتم ارتكاب الجريمة فإنّ الأسئلة التي تتبادر إلى ذهن الجميع هي لماذا يرتكب الفرد الجريمة؟ ولماذا الجريمة موجودة في مجتمعنا؟ ولماذا فعل الجاني ذلك؟ فهذه هي أهم الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الجميع ولكن لا أحد يعتقد أنّه لماذا نشأت حاجة في عقل الجاني لفعل ذلك؟
فما هي العوامل أو الظروف التي دفعته إلى ذلك، وهنا يأتي جزء العوامل النفسية أو الجوانب النفسية، وفي هذا الجانب بالذات من العوامل النفسية تلعب عقلية الفرد والطريقة التي يفكر بها في أي جريمة معينة أو سلوكه تجاه المجتمع أو الفرد دورًا حيويًا، وهناك حاجة لفحص العوامل النفسية أثناء ارتكاب الجريمة، وقراءة عقل الجاني هو دور رئيسي للغاية يجب أن تلعبه أثناء سير الإجراءات، وفي هذا السياق يحاول معظم علماء الجريمة الإجابة على هذين السؤالين:
1- لهذا السبب يرتكب الفرد جريمة؟
2- لماذا الجريمة موجودة في مجتمعنا؟
بما أنّ كلمة الجريمة تشمل العنصر الموضوعي للجريمة أو العنصر الخارجي (Actus Reus) -وهي كلمة لاتينية تعني فعل المذنب- والعقل المذنب أو العنصر العقلي (Mens Rea)، وعندما يكون كلاهما معًا يشكلان المعنى الحقيقي للجريمة.
العنصر الموضوعي للجريمة يعني أي فعل جسديًا ضد أي شخص، بينما يعني العنصر العقلي العقل المذنب أو النية الإجرامية ومعرفة الحقيقة، وكلاهما عند الامتثال يجعل الجريمة، ولكن أي منهما لوحده لا يعتبر جريمة لأنّ الفعل وحده دون أي نية للقتل أو الأذى لا يمكن أن يكون جريمة حيث يجب أن يكون كل من جانب العنصر الخارجي والعنصر العقلي موجودًا في ذهن الجاني عندما يرتكب جريمة.
الجاني عندما يرتكب جريمة يكون على علم بما يفعله أو ما سيفعله للضحية، ويكون التركيز الأساسي للجانب النفسي على السبب الكامن وراء الفعل، وما سبب فعله أنّه ارتكب جريمة إذا ارتكب الإنسان السرقة فلماذا فعل ذلك؟ وهناك العديد من العوامل التي تجعله إما معتادًا على الإجرام أو يفعله من أجل عائلته أو أنّه يفعل ذلك من أجل نوع من الرهان (والذي غالبًا ما يكون لدى الشباب من باب الغرور وعدم خذلان نفسه ومن أجل هذه الأنا يمكنهم القيام به أي شيء إلى أي حد أو لمجرد التباهي)، أو أنّه ينتقم أو يسرق الشيء المعين الذي يمنحهم إشباعًا أو متعة فورية، فهناك العديد من العوامل التي ارتكب الجاني جريمة بسببها.
تطبيقات نظرية الجريمة النفسية في علم الجريمة
يمكن تطبيق نظرية الجريمة النفسية على المحكمة عندما يتم استخدامها لشرح سبب ارتكاب شخص لجريمة، ويساعد منفذي القانون على فهم ما يفكر فيه المجرم خلال لحظة ارتكاب الجريمة، فعلى سبيل المثال في بعض حالات القتل قد يدعي الجاني أنّه لم يقصد قتل الضحية، ووفقًا لنظرية الجريمة النفسية فإنّ المجرمين الذين يرتكبون جرائم القتل هذه يفترضون أنّهم لن يعاقبوا بشدة، ويعتقدون أنّ أفعالهم لن تسبب لهم عواقب وخيمة وأذى.
يمكن تطبيق نظرية الجريمة النفسية لإعادة تأهيل المجرمين، وهذا لأنّه يفسر السلوك الإجرامي من منظور علم النفس والعقل، وبالتالي يمكن أن يساعد الجناة في التركيز على أفكارهم وأفعالهم بدلاً من مجرد إطاعة القانون، وهذه النظرية قابلة للتطبيق أيضًا في أبحاث الجريمة، فنظرًا لأنّه يركز على العقل البشري يمكن استخدامه لدراسة كيف يفكر المجرم، ويمكن أن تساعد هذه الدراسة العلماء على فهم العقل والسلوك الإجرامي بشكل أفضل.
التطبيقات الاجتماعية لنظرية الجريمة النفسية
تلعب نظرية الجريمة النفسية دورًا مهمًا في علم الاجتماع لأنّها تركز على العقل الداخلي للمجرم، وبمعنى آخر يركز على علم النفس البشري ويحاول شرح كيف يفكر ويتصرف المجرمون، وتركز هذه النظرية على تفسير السلوك الإجرامي ولماذا يرتكب الناس الجرائم، ويحاول شرح عقول المجرمين بدلاً من منعهم من فعل ذلك، وبمعنى آخر يحاول شرح كيف يفكر المجرمون ويتصرفون في نفس الوقت، وتستكشف نظريات الجريمة مثل نظرية التعلم الاجتماعي أسبابًا مختلفة لارتكاب الأشخاص للجرائم، كما تنص نظرية التعلم الاجتماعي على أنّ الأطفال يراقبون الآخرين ويتعلمون منهم ثم يصبحون مثل أولئك الذين لاحظوه.
تشرح هذه النظرية الجريمة كنتيجة للتعلم الاجتماعي، وتدعي أنّ الناس يتعلمون ارتكاب جريمة من خلال مراقبة الآخرين والقيام بذلك، ويمكن استكشاف الظروف التي تجعل الناس يتبنون العنف من خلال نظرية الفوضى الاجتماعية، ووفقًا لهذه النظرية يمكن لضباط الشرطة حماية الناس من الجريمة من خلال ضمان تنظيم المجتمع جيدًا، ويجب أن يكون لدى المجتمع المحلي نظام تعليمي مناسب وأن يعمل أعضاؤه في وظائف جيدة، وعندما تحدث هذه الأشياء فإنّها ستساعد في منع السلوك الإجرامي وتعزيز بيئة آمنة.
حاليًا تحاول نظريات مختلفة تفسير الجريمة والانحراف من منظور السلوك البشري، ومع ذلك فإنّ المشكلة الرئيسية في هذه النظريات هي أنّه لا يمكن تطبيقها على مواقف حقيقية في المجتمع، وهذا لأنّها تستند إلى حقائق وأرقام دراسات قديمة، وبالتالي يجب إصلاح نظام العدالة الجنائية لفهم الجريمة من وجهة نظر نفسية، ويدرس كيف يفكر المجرمون في أنفسهم والمجتمع.