فتوحات الأمويون في بلاد المغرب:
كانت فتوحات المغرب من أهم الفتوحات التي حدثت في عهد عبد الملك بن مروان، وتُسمّى بلاد المغرب في وقتنا الحالي: ليبيا، تونس، الجزائر مرّاكش، أما في العصور القديمة كانت تُسمّى على نفس الترتيب: برقة وطرابلس، إفريقيا أو المغرب الأدنى، المغرب الأوسط، المغرب الأقصى.
وبدأ جهاد المسلمين في فتح بلاد المغرب وتحريرها من استعباد الروم وظلمهم في عهد الخلفاء الراشدين الخليفة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، واستطاع عثمان أن يصل إلى قلب تونس والإيقاع بملك الروم جريجوري وقتله في سبيطلة، واستطاع إبادة الجيش الرومي على يد عبد الله بن سعد بن أبي السرح، الذي كان والياً على مصر، ولم يكن للمسلمين أي نية في الإقامة بذلك الوقت، وكانوا قد اكتفوا بدفع الفدية لهم ثم عادوا إلى برقة، كوفي ظل الحروب الأهلية التي نشأت توقفت هذه الفتوحات.
وبعد أن توحدت الدولة الأموية أكمل معاوية بن أبي سفيان الفتوحات في بلاد المغرب بعزيمة عالية، وكان يريد الحصول على نتائج دائمة، فكان عقبة بن نافع هو البطل الذي حمل لواء الفتح، وكان قد حقق النصر ووصل إلى قلب تونس، وقام بتأسيس مدينة القيروان؛ حتى تكون مركزاً للدعوة إلى الإسلام ونشر اللغة العربية، وبعد أن أكمل مهمته عاد إلى الشام وأعطى القيادة من بعده لقائد آخر من مصر وهو أبو المهاجر دينار.
وفي عهد يزيد بن معاوية عاد عقبة بن نافع مرة أخرى، وأكمل جهاده واستمر في الفتوحات، فقام بهزيمة الروم وحلفائه عدة هزائم كبرى، حتى وصل إلى المغرب الأقصى، وعندما وصل إلى شاطئ المحيط وقف على ظهر حصانه وقال: يا رب لولا هذا البحر أمضيت مجاهداً في سبيلك، ثم عاد.
وعند عودته وهو قريب من القيروان سرّح البعض من جنوده وبقي معه القليل، فحاصره الروم بعد أن انتهزوا فرصة أن جيش عقبة قليل، وغدر به كسيله بعد أن ارتد عن إسلامه ومن معه من البيزنطيين، فحاربهم بشدة وقوة ومن معه من المسلمين بالرغم من قلة عددهم، حتى وقع شهيداً ومن معه.
وكان نائبه في القيروانزهير بن قيس البلوي يريد التأهب للقاء الروم ومحاربتهم، ولكن رفض الجنود الذين معه وعادوا إلى مصر، فاضطر زهير أن يعود إلى برقة، وبقي فيها لمدة ستة سنوات؛ وذلك بسبب الحرب الأهلية التي حدثت، فكانت الدولة الأموية منشغلة بإطفاء الفتن والثورات الداخلية بدلاً من أن تنشغل بالجهاد مع الأعداء في الخارج.