ذكر فتوحات حسان بن النعمان الغساني

اقرأ في هذا المقال


فتح حسان بن النعمان الغساني للقرطاجنه:

عندما انتهى عبد الملك بن مروان من معركته مع عبد الله بن الزبير، جهز جيشاً عظيماً بقيادة حسان بن النعمان وأرسله إلى أفريقيا وولاه عليها، وفي عام 74هـ ذهب حسان بجيشه ولم يجد أي مقاومة في طريقه، ودخل إلى أفريقيا وكان هدفه منازلة الروم أولاً؛ لأنهم الأعداء الحقيقيون للإسلام والمسلمين، ولأنهم كانوا يقفون في طريق الفتوحات، والذين هاجموا زهير بن قيس.
وبعد أن وصل حسان بن النعمان إلى القيروان، جعل جنوده يرتاحون فيها وتجهز منها للزحف إلى قرطاجنه؛ إذ كانت المعقل الأكبر للروم في أفريقيا، وتعتبر أيضاً القاعدة البحرية الكبرى، ولم يهاجمها أي من المسلمون قبله، فقام الروم بجمع كل قواتهم حتى يدافعوا عنها، ولكن حسان سبقهم وقام بمحاصرتها، وظل يقاتل حتى هزم الروم واستطاع الدخول إلى قرطاجنه رغماً عنهم.
وبعدها أسرع الروم وهربوا عن طريق البحر وساروا إلى الأندلس، فقام حسان بن النعمان بالاستيلاء على المدينة وهدم أسوارها؛ حتى لا يستطيعوا أن يتخذوها حصناً بعد ذلك، وبعدها ذهب إلى معقلين آخرين للروم على الساحل، وهما مدينتا بنزرت وسطفورة واستطاع بأن يستولي عليها بعد أن قاتل قتالاً عظيماً، وبهذا يكون قد انتصر على الروم انتصاراً عظيماً استطاع به أن يهدم معاقل الروم على الساحل الأفريقي.
وكان لانتصار حسان بن النعمان دوي شديد، ورفع به من هيبة الدولة الإسلامية، وأصبح الروم يحسبون لها الحساب ويخافون منها، وكان عندهم شعور بقرب نهايتهم.

خروج حسان بن النعمان ضد الكاهنه:

بعد مقتل كسيلة زعيم البربر عمَّ الفوضى ونشبت ثورة بين البرابرة، وإذ ظهرت امرأة تُدعى الكاهنه من بيت ملكهم، فالتففوا حولها ولجأوا إلى جبال أوراس، وتعتبر هذه المنطقة شديدة التحصين، فأراد حسان بن النعمان أن يهاجمهم لكن الخسائر التي كانت في جيشه كبيرة؛ بسبب المواقع العديدة التي خاضوها مع الروم، ولكن بالرغم من ذلك خرج للقائها.
وعندما التقى حسان مع الكاهنه لاقى مقاومة عنيفة جداً وتم أسر بعض من رجاله، فكان من الأولى أن يعود حتى تصله المساعدات، فذهب إلى طرابلس وأقام فيها، واتخذها قاعدة له ولجنوده؛ لأنها قريبة من البحر والبر، وبقيت القيروان قاعدة حربية إسلامية في قلب أفريقيا، ولكن الكاهنه لم تكن لديها الجرأة بأن تقترب منها.
فقد أرسل حسان بن النعمان إلى عبد الملك بن مروان ليطلب الإمدادات، لكنه كان مشغولاً بحربه مع الخوارج، وأعطى أمره بأن يكتفي بفتوحاته حتى يصله الأمر بالاستمرار، وبعد أن أكمل عبد الملك جميع أموره أرسل لحسان يخبره أن يستأنف الزحف، فأرسل له المال والإمدادات؛ حتى يقوم بالقضاء على الكاهنه، وفي نفس الوقت لاقى البربر والروم اسوأ معاملة منها فكرهوها وتمنوا الخلاص منها.
وبعد المعاملة السيئة التي لاقاها البرب والروم من الكاهنه أرسلوا للمسلمين يطلبون العون منهم، وعندما زحف حسان إليها تعمدت أن تستخدم خطة التخريب، حيث بدأت بتخريب المدن ونقل الأموال وحرق المزارع التي أمامه، ولكن كل محاولاتها كانت فاشلة، وزاد ذلك من كره الناس لها وسخطهم عليها، فاستمر حسان بتقدمه ورحب به أهل المدن حتى الروم منهم، وقدموا الطاعة له.
حيث التقى الجيشان وحصل قتال عنيف بين الطرفين، وانتهت بهزيمة جيش الكاهنه وقتل الكثير منهم، وهربت الكاهنه إلى الجبال ولحقوا بها وقتلوها، وبهذا يكون حسان بن النعمان أنهى أمر الكاهنه وكان ذلك سنة 81هـ، وكانت هذه ثورة البربر الأخيرة ضد الحكم الإسلامي، وبدأوا بالدخول إلى الإسلام بأعداد هائلة.
وكان الوقت الذي خرجت فيه الكاهنه فرصة للروم في الظهور مرةً أُخرى؛ إذ انتهزوا فرصة خروجها والأحداث التي حصلت مع حسان بن النعمان، فقد عادوا بقوة أكبر من التي كانوا عليها وقاموا باحتلال قرطاجنه، حيث قام حسان بتركهم حتى يقضي على الكاهنه، وعندما انتهى منها اتجه إلى الروم فقاتلهم وأخرجهم من قرطاجنه مرة أُخرى، وكان الأُسطول الإسلامي الذي قدم من مصر والشام معيناً له هذه المرة.
وفي لقائهم هذا قتل الكثير من الروم، وهرب من تبقى منهم وكانت هذه آخر مرة يرون فيها قرطاجنه، إذ أنه هذا القضاء النهائي على الروم فيها، وأيضاً تمام تحرير أفريقيا والمغرب من حكم الروم وتجبرهم وظلمهم.

المصدر: كتاب عبد الملك بن مروان والدولة الأموية، محمد ضياء الدين الريسكتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار، علي محمد صلابيكتاب الدولة الأموية والأحداث التي سبقتها ومهدت لها ابتداء من فتنة عثمان، يوسف العشكتاب العصر الأموي، صلاح طهبوب


شارك المقالة: