مقتل أبي مسلم

اقرأ في هذا المقال


حركة سنباذ:

نجح أبو جعفر المنصور في القضاءِ على أبي مسلم والتسبب في موته، إلا أن ذكراه بقيت مرسوخه بين الفرس في خراسان والترك في بلاد ما وراء النهر. وظهر في خراسان بعد مقتله حركات دينية وقومية وسياسية غريبة عن الإسلام، حيث كان أصحابها يظهرون الإسلام بالزيف ويبطنون أهدافهم الدينية المجوسية والسياسية الهدّامة والعنصرية الفارسية واتخذوا من أبي مسلم رمزاً ووسيلةً للتعبير عن معارضتهم للسلطة العباسية والترويح عما في نفوسهم، ثم منقذاً منتظراً لتحقيق آمالهم وأهدافهم التي لم يحققها العباسيون.

لقد تشكّلت حركة سنباذ وكانت أول حركة لمقتل الزعيم الفارسي وكان غاضباً حيث خرج لقتله وقام بطلب أخذ ثأره. التف حوله الأتباع ونجح في التغلب على نيسابور وقومس والري وأطلق عليها اسم (فيروز أصبهذا) وقد استولى على خزائن أبي مسلم وأعلن أنه سوف يهاجم مكة ويهدم الكعبة انتقاماً. والواقع أن هذه الحركة اتسمت بثلاثة دوافع أهمها: سياسية، عقدية، وعنصرية.

من حيث الدافع السياسي والأساسي، فقد عَزِمَ هذا الرجل على الأخذ بثأر أبي مسلم من قاتله الخليفة العباسي المنصور، فكانت انتفاضته موجهة ضد هذا الخليفة، وضد النظام العباسي، وما يمثله من اتجاه سياسي نحو التقليل من نفوذ الخراسانية. ومن حيث الدافع العقدي فقد تجزّئة هذه الحركة مبادئها من الخرّمية والمزدكية القديمة. واعتقد أتباعها بإمامة أبي مسلم وأزليته وأنه لم يمت. والحقيقة ما وراء هذا أنها تعتبر حركة مجوسية موجهة ضد المسلمين بسبب انتحاله للإسم الفارسي (فيروز‏ أصبهذ) وإظهاره العزم على هدم الكعبة.

أما من حيث الدافع العنصري فقد تطلع سنباذ إلى إعادة تطوير إحياء الدولة الفارسية وتقوية العنصر الفارسي ضد الدولة العربية: بالرغم من أن العباسيين خالفوا الأمويين في سياستهم تجاه الموالي؛ إلا أنهم (الفرس) اعتبروا دولة هؤلاء استمراراً للدولة الأموية باعتبارهم ممثلين للعنصر العربي.

وعندما تفاقم أمر سنباذ أرسل إليه أبو جعفر جيشاً بقيادة جهور بن مرّار العجلي اصطدم به بين همذان والري وقضى عليه. وهكذا انتهت هذه الحركة في عام (137 هجري)/(755 ميلادي)، بعد سبعين يوماً من قيامها.


حركات أخرى:

لم يختفِ أنصار أبي مسلم تماماً بعد القضاء على حركة سنباذ. والحقيقة أنه كان الخليفة العباسي وإن نجح في القضاء على هذه الحركة إلا أنه لم يتمكن من القضاء على الأفكار التى دفعت سنباذ إلى الانتفاضة. لذلك شهدت بلاد فارس وما وراء النهر قيام عدة حركات مناهضة للحكم العباسي، اقترنت باسم أبي مسلم على نحو أو آخر، والتزمت بالأهداف نفسها، ومن حيث أنها تعد خارجة على الدين الإسلامي والدولة العباسية. وكانت السمة البارزة والمميزة لأنصارها عند خروجهم هي ارتداء ألباس البياض وحمل الأعلام البيضاء لذلك أطلق على هذه الجماعات اسم (المبيضة).

من هذه الحركات:


  1. الحركة الراوندية التي قامت في عام (141 هجري)/(758 ميلادي).
  2. حركة أستاذسيس التي انطلقت من خراسان في عام 150‏ هجري/(767 ميلادي).

وقد جهد المنصور في القضاء عليها فحاربها دون هوادة ونجح في ذلك.


شارك المقالة: