تشير السيميائية إلى دراسة معنى العلامات وهو يقابل مفهوم التوليد للغة والتي تتضمن كل من التحليل الدلالي والتحليل النحوي للجمل.
السيميائية مقابل مفهوم التوليد للغة
نعوم تشومسكي مؤسس نظرية لغوية تسمى النحو التحولي التوليدي، وعرف اللغة وأعتبر اللغة مجموعة محدودة أو لانهائية من الجمل، وكل منها محدود في الطول ومبني من مجموعة محدودة من العناصر، وفي تحديد أهداف النظرية اللغوية كتب أن الهدف الأساسي في التحليل اللغوي للغة هو فصل التسلسلات النحوية التي هي جمل من المتواليات غير النحوية التي ليست جمل ودراسة بنية الجمل النحوية.
علاوة على ذلك حدد تشومسكي قواعد اللغة وبالتالي فإن القواعد النحوية ستكون جهازًا يولد جميع التسلسلات النحوية وليس أي من المتواليات غير النحوية، ما يلفت النظر في هذه التعريفات للغة والقواعد هو تجاهل تشومسكي الكامل لحقيقة أن اللغة هي نظام الإشارات.
كبديل يُفترض إنه أفضل من المفهوم السيميائي للغة كنظام إشارة، واقترح تشومسكي مفهوم اللغة كمجموعة من الجمل، وكبديل لمفهوم القواعد كنظام للقواعد التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من اللغة، واقترح تشومسكي فكرة القواعد التي ليست جزءًا من اللغة ولكنها أداة خارجية لتوليد لغة وتُفهم على أنها مجموعة من الجمل،
وبعد كل شيء كل لغوي مثل أي عالم آخر له الحق في تحديد مصطلحاته بطريقته الخاصة، وما يهم ليس التعاريف في حد ذاتها ولكن العواقب التجريبية لمثل هذه التعريفات، لذا لابد من التفكير في النتائج التجريبية لمفاهيم تشومسكي عن اللغة والقواعد.
فإذا تم قبول فكرة اللغة كنظام إشارة، فلا يمكن التحقيق في القواعد بشكل مستقل عن المعنى، لأن الوحدات اللغوية هي علامات، ولا يمكن فصل العلامة كعضو في علامة العلاقة الثنائية عن معناها، ولم تعد الإشارة المنفصلة عن معناها علامة بل مجرد سلسلة من الأصوات كظاهرة فيزيائية بحتة.
ومن ناحية أخرى إذا لم يتم القيام بتضمين مفهوم الإشارة في تعريف اللغة وتم تأسيس هذا التعريف على مجموعة أخرى من المفاهيم كما اعتاد تشومسكي أن يفعل إذن فالبشر أحرار في اعتبار القواعد مستقلة عن المعنى، ووفقًا لتشومسكي القواعد مستقلة ومستقلة عن المعنى، وكحالة خاصة اعتبر بناء الجملة مكونًا مستقلاً للقواعد المتميزة عن الدلالات.
ولدعم ادعائه بأن المفهوم النحوي لا يمكن تحديده مع المعنى، ابتكر تشومسكي مثالاً على جملة يُزعم أنها غير منطقية ولكنها صحيحة نحويًا: الأفكار الخضراء عديمة اللون تنام بشراسة، في واقع الأمر فإن المحتوى غير المنطقي لهذه الجملة ليس له أي تأثير على مسألة ما إذا كان هيكلها النحوي ذا معنى أم لا.
وخلط تشومسكي مفهوم المعنى النحوي بمفهوم المعنى المعجمي، لكن يجب أن يفرق بين المعنى المعجمي والمعنى النحوي، بغض النظر عما إذا كانت الجملة غير منطقية من وجهة نظر المعنى المعجمي أم لا، إذا كانت الجملة صحيحة نحويًا فهي ذات معنى نحويًا.
لذلك تحتوي الجملة أعلاه على المعاني النحوية التالية: تشير أفكار الاسم إلى مجموعة من الأشياء، ويشير فعل النوم إلى حالة الأفكار الموجودة، والظرف يشير بقوة إلى خاصية النوم، والصفات عديم اللون والأخضر تدل على خاصيتين مختلفتين للأفكار، والمعاني النحوية قاطعة المعاني أي المعاني الأكثر عمومية التي تميز فئات الكلمات والوحدات اللغوية الأخرى.
وإذا لم يكن لهذه الجملة معاني نحوية، فلن يتم التمكن حتى من تحديد ما إذا كانت غير منطقية أم لا، ويعتبر هذه الجملة غير منطقية بسبب التعارض بين المعاني النحوية والمعجمية، فالمعاني النحوية للصفات عديم اللون والأخضر، وفعل النوم يعطيان خصائص متناقضة وحالة غير محتملة للغاية للكائن الذي تدل عليه الأفكار الاسمية؛ ويخصص الظرف بشراسة خاصية غريبة إلى حالة يرمز إليها فعل النوم.
وقارن بين التعبيرات التالية:
1- طاوله دائريه الشكل.
2- رباعي الزوايا.
حيث معنى 2 غير منطقي لأن المعاني النحوية أي الفئوية لكلماتها تتعارض مع المعاني المعجمية: والمعنى النحوي للجولة يعين خاصية متناقضة للكائن الذي يشير إليه الاسم رباعي الزوايا، ويعتبر التعبير 1 منطقيًا، لأن معانيه المعجمية والنحوية تتماشى مع بعضها البعض.
إذن ما هي المعاني النحوية؟ المعاني النحوية هي فئات صرفية ونحوية، يتم تمثيل هذه الفئات في ملحق الجمع وحرف الجر في والأفعال المساعدة كانت وما كانت والعطف وترتيب الكلمات والألقاب وحروف الجر وحروف العطف وما إلى ذلك كلها لها معنى لأنها إشارات، والعلامات تفترض مسبقًا معنى، وإن فكرة العلامة التي لا معنى لها ليست أفضل من فكرة المربع الدائري.
التحليل الدلالي والتحليل النحوي
ومن المستحيل تحليل جملة في مكوناتها المباشرة بدون تحليل المعنى، وإن تحليل جملة في مكوناتها المباشرة دون تحليل لمعنى الجملة يسمح بأي وضع بين قوسين تعسفيًا، فلماذا لا يتم القيام بتحليل الجملة في هذا السياق؟ لأن هذا التحليل يتعارض مع الروابط الدلالية بين الكلمات.
فأي تحليل للعبارات في المكونات المباشرة يفترض مسبقًا تحليل الروابط الدلالية بين الكلمات، ويفترض التحليل النحوي مسبقًا التحليل الدلالي، ويتضح مما سبق أن القواعد المستقلة للنحو المستقل عن التحليل الدلالي مستحيلة ما لم نستسلم للقيام بنوع من اللسانيات الخادعة.
وهنا يطرح سؤال آخر كيف تمكن تشومسكي من تجنب المكونات غير المقبولة فلقد فعل الحيلة عن طريق تهريب ضمني لتحليل المعنى إلى تحليل المكونات المباشرة، لكن تهريب التحليل الدلالي إلى بناء الجملة لا يمكن أن يكون بديلاً مناسبًا لتحليل مباشر ومتسق للمعنى كجزء من النحو.
وتجدر الإشارة إلى إنه في القواعد النحوية التحويلية التوليدية لم يكن تشومسكي مهتمًا بدلالات الألفاظ على الإطلاق، ومع ذلك فقد أدخل مكونًا دلاليًا في النسخة الثانية من قواعده النحوية، وهذا لا يعني تغيير مفهومه لقواعد مستقلة عن المعنى.
وبقيت قواعده مستقلة ليتم تصور المكون الدلالي كمكون لتفسير الهياكل النحوية المنشأة بشكل مستقل عن المعنى، ومن الواضح أن الفكرة المنحرفة القائلة بإمكانية إنشاء الهياكل النحوية دون اللجوء إلى تحليل المعنى قد استمرت في جميع إصدارات القواعد النحوية التحويلية التوليدية.
وفي واقع الأمر ورث تشومسكي فكرة القواعد المستقلة من النوع الموجه التوزيعي للسيميائية البنيوية، ولا سيما من أعمال أستاذه زيليج س، لعناصر عمل هاريس دون الإشارة إلى المعنى، وكان هدفه تطوير طريقة لتمثيل التراكيب النحوية للجمل دون الرجوع إلى المعايير الدلالية، وكان من المفترض أن البيانات الدلالية ستتبع من بناء جملة رسمية بحته مبنية بشكل مستقل عن المعنى.
والقواعد النحوية التحويلية التوليدية هي في الأساس إعادة صياغة البنيوية التوزيعية في نظام رسمي، وكانت الفكرة الجديدة التي قدمها تشومسكي هي الجيل، وأعلن أن البنيوية وكانت مجرد تصنيفية، وعارض نظامه التوليدي كنموذج توضيحي.