صحة جسم الإنسان العامة عند العرب في علم الاجتماع الطبي:
كان العرب يركزون على علم الصحة العام ويهتمون بها اهتمام كبير، ولذلك وضعوا تصوراتهم وتفكيرهم الطبي وأرائهم فيما دونوه في الكتب، التي تدور أساساً بشأن التوازن على المسائل التي تختص بالصحة العامة، فكانت الحميات وهي التوازن في الأكل تشغل مكاناً هاماً في المعالجة، أما الأدوية فكانت تنشأ من أصل نباتي وكانت تأتيهم من كافة بلاد العالم.
وفي الحقيقة إن إصرار المجتمع العربي في علم الاجتماع الطبي، تكشف أيضاً الأهمية في الصحة العامة للفرد، وتجزئتها حسب المراحل العمرية بالتفصيل، من حيث تكوينه في بطن أمه إلى أن يصبح في مرحلة الشيخوخة، وفي كل مرحلة عمرية يعين المفكرون وأطباء العرب، وبرنامج لنوعية التغذية الملائمة له، والرياضة المطلوبة منه، والمناخ الصحي المناسب، والقوانين والأسس الصحية المفروضة وأسلوب التعايش المتبع.
ومن المعروف أن الحضارة العربية استندت على أسباب، منها كانت تضم بين حاجات بدن الإنسان والحاجة النفسية، وأن الاهتمام بالبدن والاعتناء فيه مطالبة مهمة للحصول على سعادة الفرد وإعطاء البهجة والسرور لروحه، ولذلك إن للجسم حق، وأيضاً تساهم العبادات الدينية لتحمي وتقي صحة الإنسان الجسمية والاجتماعية والفكرية، وهذا الفهم الكامل للصحة هو ما تتبناه في وقتنا الحالي منظمة الصحة العالمية، مما يثبت على عظمة إسهام الحضارة الإسلامية في هذا الأمر.
وقد ركز علماء العرب على الصحة العامة، وأنشأوا فيها كتباً كثيرة، لعل أبرز وأشهر الكتب ابن بطلان التي تحدث عن إصلاح الصحة بالأسباب الستة، التي لا بدّ لكل فرد يؤثر استمرار صحته من تصحيحها واستخدامها، ووضع ابن بطلان تحت كل طائفة في الكتاب، كالراحة وممارسة الرياضة والمأكل والأقوال النفسية، عدة تصنيفات حسب كل فرد ما يلائمه وبحسب العمر والجنس والمزاج.
فعلى سبيل المثال، أخذ ابن بطلان هذه القوانين الصحية العامة في شكل جدول يجمع بين اسم الشيء الملتمس وطبعه ومستواه والمتميز منه، ومنافعه واضراره، وما يطرد الضرر، وموافقة العلاج للعمر والأفعال والمزاج والخواص والفاكهة وأنواع البقوليات والتوابل، وغيرها من التصنيفات التي تعود على صحة الإنسان العامة، كذلك يخص ابن بطلان جزءاً من كتابه عن الأغاني وتأثير الموسيقى في استمرار الروح والأجسام.