صفات الظواهر الاجتماعية عند دور كايم في علم الاجتماع:
الظواهر الاجتماعية إنسانية: حيث يتميز بها المجتمع الإنساني عن الحيواني، فهذه الظواهر تختلف من مجتمع ﻵخر وفي نفس المجتمع الواحد من حقبة ﻷخرى، وفي تغيرها تخضع لظروف البيئة الجغرافية، والاجتماعية، وتتناقلها الأجيال المختلفة.
فهي إذن سمات مكتسبة أي يكتسبها الفرد من الحياة الاجتماعية وليست فطرية أو وراثية، أما الاستجابات التي تبديها الحيوانات في مجتمع حيواني فهي استجابات وراثية ولا تكتسب من الوسط الذي تعيش فيه، لذلك فإن هذه الظواهر لا تختلف من مكان ﻵخر أو من زمن ﻵخر. لذلك فالظواهر الاجتماعية لها قوانين شأنها في ذلك شأن ظواهر العلوم الأخرى، ودراستها تشكل موضوع علم مستقل هو علم الاجتماع، وهكذا فالظاهرة الاجتماعية إنسانية.
الظواهر الاجتماعية عامة: بمعنى أنها تلاحظ في معظم أجزاء المجتمع، وهي تحدث وتتكرر وفقاً لقوانين عامة، ويمكن إحصائها وقياسها ومقارنتها.
الظاهرة الاجتماعية إلزامية وجبرية: بمعنى أن الفرد يشعر بأنه مجبر على الالتزام بها، وإن كان الفرد لا يلمس هذا الشعور في معظم الحالات، فما ذلك إلا لكونه تعود عليها، وأصبحت عادية بالنسبة إليه وكثيراً ما يشعر الفرد بأنها محببة إليه لكثرة تعوده عليها، والجبر والإلزام هنا هو جبر وإلزام أخلاقي أو معنوي ويطلق عليه بعض العلماء الضغط الاجتماعي.
الظاهرة الاجتماعية تاريخية: توجد في فترة تاريخية من حياة المجتمع، فهي تعتبر سلسة ذات بداية ونهاية وتتوالى في أطوار متتابعة من تاريخ المجتمع وهي تتضمن تاريخاً طويلاً وعادات وتقاليد، ونوع الملابس وشكلها يخفى وراءه تطوراً تاريخياً مليئاً بالعادات والتقاليد التي أدت إلى سيادة هذا الشكل أو ذاك، ومعنى هذا أن الظواهر الاجتماعية تتصف بالتطور والتغير المستمر بشكل يتفاوت في سرعته.
الظاهرة الاجتماعية شيئية لها صفة الخارجية: أي أن الظاهرة الاجتماعية متواجدة في المجتمع خارج إحساس الفرد وهي حقيقة تكون بشكل موضوعي وبشكل دائم ويتم انتقالها من جيل لأجيال وتكون بشكل ثابت لا يحدث عليها تغير إلا في حدود ضيقة، وهي سابقة على الوجود الفردي، ﻷن الأفراد يولدون ويخضعون منذ البداية لنظم وظواهر اجتماعية سابقة على وجودهم في الحياة.
الظاهرة الاجتماعية ليست من وضع الفرد أو مجموعة أفراد: ولكنها من صنع المجتمع ومن تكوينه، وتبين فيه في صورة تلقائية بفعل العقل الجمعي، ومن هذه النقطة يتطرق دور كايم إلى القول بثلاث طبائع مختلفة للإنسان يجب ألا تختلط ببعضها البعض ﻷن كلاً منها يعبر عن ناحية تلقائية في الإنسان، ولكل طبيعة علم خاص بها، فالطبيعة النفسية يدرسها علم النفس، والطبيعة الحيوية يدرسها على الحياة، والطبيعة الاجتماعية يدرسها علم الاجتماع.
يؤكد دور كايم كثيراً على صفة القهر والإلزام في الظاهرة الاجتماعية: ﻷن هذه الصفة هي التي تؤكد موضوعيتها وهي بذلك تشبه الظواهر الأخرى التي تدرسها علوم غير علم الاجتماع، فهذه الصفة تجعل الظاهرة الاجتماعية عملية عامة.
وبعد أن ينتهي دور كايم من الإشارة إلى خواص الظاهرة الاجتماعية يعرفها بأنها عبارة عن نوع من السلوك العام والاتجاهات والأساليب والأوضاع التي يصب فيها الإنسان تفكيره وأعماله، وهي ليست من صنع الفرد أو مجموعة أفراد، ولكنها من صنع المجتمع وهي عاملة ولها كيان خاص مستقل عن الصور التي تتشكل بها في الحالات الفردية الحالات الفردية، وتتميز بقوة ملزمة جبرية.