إنّ موضوع النوع الاجتماعي والجريمة معقد ومتعدد الأوجه ويستحق بالتأكيد اهتمامًا علميًا جادًا، ومن أجل التماسك والتعليم العام تم التركيز على المرأة والجريمة، وعلى وجه التحديد فإنّه يوضح النقص التاريخي في التركيز المحدد على إجرام الإناث والمضاعفات التي أوجدها هذا النقص في الاهتمام للمجرمات.
طبيعة الجرائم لدى المرأة
كانت دراسة طبيعة ومدى الجريمة إلى حد كبير دراسة طبيعة ومدى جريمة الذكور، وتم استخدام نتائج الدراسات التي تستند إلى الذكور إلى حد كبير لصياغة البرامج والتدخلات والعقوبات التي يمكن تطبيقها على جميع الجناة، وتاريخيًا تم استخدام هذه التدخلات القائمة على الذكور فقط للرد على جرائم الفتيات والنساء على أساس افتراض أنّ نموذجًا واحدًا يناسب الجميع للجريمة والعقاب والنظرية والتدخل يصلح لكلا الجنسين.
ومع ذلك فقد طعن الباحثون في القرنين العشرين والحادي والعشرين في فكرة أنّ المجرمات هن نفس المجرمين الذكور، وأنّ الاثنين يرتكبان الجرائم لنفس الأسباب ويجب أن يعاملوا بنفس الطريقة تمامًا من قبل نظام العدالة الجنائية.
المرأة وجرائم العنف
الجنس هو أحد أفضل العوامل التي تنبئ بالجريمة وخاصة الجرائم العنيفة، فالذكور مسؤولون عن كمية غير متناسبة من الجرائم المبلغ عنها، فعلى سبيل المثال في عام 2006 شكل الذكور 82.8٪ من الأفراد المقبوض عليهم بسبب جرائم عنف (القتل العمد والاغتصاب الجسيم والسرقة والاعتداء المشدد) و 68.8٪ من الأفراد الذين تم القبض عليهم بسبب جرائم الممتلكات (السطو وسرقة السيارات والسرقة)، ومع ذلك شكلت النساء 64.2 ٪ من الزنا والاعتقالات التجارية، وكانت الفتيات يمثلن أكثر من نصف جميع الاعتقالات الهاربة.
على الرغم من أنّ الإناث يمثلن ما يقرب من ربع جميع الاعتقالات الرسمية فقد نمت مشاركتهن في نظام العدالة الجنائية بمعدل أسرع من مشاركة الرجال، ولا خلاف على أنّ النسبة الإجمالية للاعتقالات التي تمثلها النساء قد زادت، ولكن الأمر الأكثر إثارة للجدل هو ما تعنيه هذه الأرقام حقًا، فقد تكون النساء يرتكبن بالفعل جرائم أكثر مما كانت عليه قبل 30 عامًا، فتشير الأدبيات الحديثة إلى أنّه من المرجح على الرغم من ذلك أنّ مستوى الإجرام لم يرتفع بشكل كبير ولكن الاهتمام بسلوك الإناث قد زاد لا سيما في مجال الاعتداء.
ظلت جرائم العنف تاريخيًا ومستمرًا ظاهرة ذكورية إلى حد كبير، وهذا صحيح على الرغم من الجهود الإعلامية المعاصرة لتصوير مستويات متزايدة باستمرار من العنف الأنثوي والفتيات السيئات، وبالفعل فإنّ نسبة الإناث اللواتي تم القبض عليهن لارتكاب جرائم قتل قد انخفضت بشكل ملحوظ على مدى السنوات الأربعين الماضية.
كما زادت عمليات القبض على النساء بشكل كبير بسبب جرائم الملكية لا سيما السرقة والاحتيال وكذلك جرائم المخدرات، فمن المحتمل أن يكون كل من هذه التغييرات في إجرام الإناث نتيجة ليس فقط لبعض الجرائم المتزايدة ولكن أيضًا لزيادة الاهتمام بهذه السلوكيات من قبل إنفاذ القانون وعلى المستويين المحلي والفيدرالي.
العامل الاقتصادي والجرائم النسوية
إنّ النساء اللواتي غالبًا ما ينخرطن في الجريمة وينتهي بهن المطاف في نظام العدالة الجنائية تميل إلى أن تكون مهمشة اقتصاديًا ولديها نقص في الفرص التعليمية أو المهنية، فالوضع الاقتصادي للمرأة إلى جانب تاريخها الأكثر اتساعًا في الإساءة ويجعل من المفهوم أنّ الجرائم التي تميل إلى ارتكابها في كثير من الأحيان أو التي يتم تمثيلها فيها بشكل مفرط، وهي تلك التي يمكن اعتبارها جرائم البقاء على قيد الحياة، فعلى سبيل المثال جرائم الملكية مثل السرقة أو السطو وتزوير احتيال والجرائم الجنسية مثل الزنا هي طرق قابلة للتطبيق لبقاء النساء على الهوامش الاقتصادية.
إذا كانت الجانية متوسطة فهي شابة وأم عزباء وامرأة ملونة وغير متعلمة وغير ماهرة بشكل جيد ولها تاريخ من سوء المعاملة، فتشكل هذه العوامل طبيعة ومدى الجريمة بالنسبة للمرأة مقارنة بالرجل، ففي أي نقاش حول إجرام المرأة من الضروري فهم مشاركة المرأة في تعاطي المخدرات، وكما هو معروف من المرجح أن تلجأ النساء إلى المواد سواء كانت قانونية أو غير قانونية كوسيلة من وسائل العلاج الذاتي للصدمات العاطفية غير المعالجة، والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بتاريخ الإساءة.
لقد أصبح هذا الأمر أكثر إشكالية بالنسبة للنساء حيث فرضت الولايات المتحدة على سبيل المثال عقوبات أكثر صرامة على تعاطي المخدرات بشكل غير قانوني، كما يُعزى معدل نمو النساء الأسرع في السجون إلى حد كبير إلى قوانين إصدار الأحكام الإلزامية المتعلقة بالمخدرات.
كما أصبح من الصعب وغير القابل للدفاع بشكل متزايد جعل الفتيات والنساء غير مرئيات نظرًا لمشاركتهن المتزايدة في نظام العدالة الجنائية على مدى العقود القليلة الماضية، كما أنّ وجودهم المتزايد في السجلات الرسمية للاعتقال والإدانة له آثار على الطريقة التي ينبغي معالجتهم بها من خلال نظام العدالة الجنائية ومعاملتهم بطريقة أخرى والإشراف عليها داخل المجتمع.