يرى علماء الاجتماع أن ظاهرة الاستغلال الاجتماعي تعتبر من الظواهر الاجتماعية السلبية، وذلك من وجهة نظر أنها تنطوي على استغلال شخص لشخص آخر أما بسبب ضعف ذلك الشخص أو بسبب الاستفادة الشخصية.
ظاهرة الاستغلال الاجتماعي
من وجهة نظر علماء الاجتماع إن استغلال شخص ما هو استغلاله بشكل غير عادل، وهو استخدام ضعف شخص آخر لمنفعته الخاصة، وبطبيعة الحال فإن الاستفادة من ضعف الآخر ليس دائمًا أمرًا خاطئًا من الناحية الأخلاقية، فلا أحد يدين لاعب الشطرنج لاستغلاله نقطة ضعف في دفاع خصمه، على سبيل المثال، لكن يبدو أن بعض أشكال استغلال المزايا خاطئة بشكل واضح، وهذا الشعور المعياري بظاهرة الاستغلال الاجتماعي هو الذي يهم الفلاسفة الأخلاقيين وعلماء الاجتماع بشكل أساسي.
وظاهرة الاستغلال الاجتماعي يمكن أن تكون بشكلين الاستغلال الاجتماعي بالمعاملات أو الاستغلال الاجتماعي بالهياكل، ففي الحالة الأولى يكون الظلم خاصية لمعاملة منفصلة بين شخصين أو أكثر، على سبيل المثال قد يُقال إن الشركة المستغلة للأجور التي تدفع أجورًا منخفضة أو شركة أبحاث صيدلانية تختبر الأدوية على موضوعات فقيرة في العالم النامي تستغل الآخرين بهذا المعنى.
لكن الاستغلال يمكن أن يكون هيكليًا أيضًا باستغلال ممتلكات مؤسسات أو أنظمة تفيد فيها قواعد اللعبة بشكل غير عادل مجموعة من الناس على حساب مجموعة أخرى، وقد اعتقد عالم الاجتماع كارل ماركس أن المؤسسات الاقتصادية والسياسية للرأسمالية كانت استغلالية بهذا المعنى، وقد جادل بعض النسويات المعاصرات بأن مؤسسة الزواج التقليدي استغلالية بقدر ما تستغل وتعزز الأشكال الخبيثة من عدم المساواة بين الرجل والمرأة.
ويمكن أن يكون الاستغلال ضارًا أو مفيدًا للطرفين، حيث يتضمن الاستغلال الضار تفاعلًا يجعل الضحية في وضع أسوأ مما كانت عليه وما كان يحق لها أن تكون عليه، ونوع الاستغلال الذي ينطوي عليه الاتجار القسري بالجنس، على سبيل المثال ضار بهذا المعنى، وليس كل الاستغلال ضارًا إذ يمكن أن يكون الاستغلال مفيدًا للطرفين أيضًا حيث يبتعد الطرفان بشكل أفضل مما كان عليه في السابق ما يجعل مثل هذه التفاعلات المفيدة للطرفين مع ذلك استغلالية هو أنها بطريقة ما غير عادلة.
ومن السهل نسبيًا التوصل إلى حالات مقنعة بشكل بديهي للسلوك الاستغلالي غير العادل، ومع ذلك فقد ثبت أن تقديم تحليل فلسفي لدعم وتطوير تلك البديهيات أكثر صعوبة، وتكمن الصعوبة الأكثر وضوحًا في تحديد الشروط التي يمكن بموجبها القول بأن المعاملة أو المؤسسة غير عادلة، فهل الظلم الذي ينطوي عليه الاستغلال ينطوي بالضرورة على نوع من الأذى لضحيته؟
أم انتهاك لحقوقها الأدبية؟ هل الظلم الذي ينطوي عليه ظاهرة الاستغلال الاجتماعي مسألة إجرائية أم موضوعية أم كليهما؟ وكيف إن وجدت فهل تعتبر الحقائق المتعلقة بتاريخ العملاء المتورطين أو الظروف الخلفية التي يعملون في ظلها ذات صلة بتقييم تهم الاستغلال؟
الحسابات التاريخية للاستغلال
على الرغم من أن مصطلح استغلال يبدو إنه لم يستخدم لوصف الاستغلال غير العادل للمزايا قبل القرن التاسع عشر، إلا أن هناك مناقشات مستفيضة حول الموضوعات والمشكلات التي تميز المناقشات المعاصرة حول الاستغلال في تاريخ الفلسفة، وتشمل هذه الموضوعات مفهوم العدالة والظلم في التبادل الاقتصادي ودور العمل في خلق القيمة وتبرير وإساءة استخدام الملكية الخاصة لا سيما في رأس المال والأرض.
نظرية كارل ماركس في الاستغلال الاجتماعي
إلى حد بعيد كانت النظرية الأكثر تأثيرًا عن ظاهرة الاستغلال التي تم طرحها على الإطلاق هي نظرية كارل ماركس الذي رأى أن العمال في المجتمع الرأسمالي يتم استغلالهم بقدر ما يضطرون إلى بيع قوة عملهم للرأسماليين بأقل من القيمة الكاملة للبضائع التي ينتجونها مع عملهم، لكن بالنسبة لماركس كان الاستغلال ظاهرة تميز جميع المجتمعات الطبقية، وليس فقط الرأسمالية، وفي الواقع إن المجتمع الإقطاعي وليس الرأسمالية هو المكان الذي تتجلى فيه الطبيعة الاستغلالية للعلاقات الطبقية.
وفي الواقع اعتقد كارل ماركس أن عمل العمال في ظل الرأسمالية ليس طوعيًا حقًا ولا يصب بالكامل لصالح العمال أنفسهم، وإنه ليس طوعيًا حقًا لأن العمال يجبرون بسبب افتقارهم إلى ملكية وسائل الإنتاج.
ولفهم تهمة الاستغلال التي أطلقها كارل ماركس من الضروري أولاً فهم تحليل ماركس لأسعار السوق، والذي ورثه إلى حد كبير من الاقتصاديين الكلاسيكيين الأوائل مثل آدم سميث وديفيد ريكاردو.
الاستغلال الاجتماعي والإنصاف
بالمعنى الذي يتم استخدامه للمصطلح فإن ظاهرة الاستغلال بالضرورة من الناحية المفاهيمية ينطوي على الظلم، وبالتالي فإن الإحساس بالاستغلال هو مصطلح أخلاقي، للحكم على أن شخصًا ما متورطًا في الاستغلال هو بالفعل إصدار حكم أخلاقي عليه للقول إنه يتصرف على نحو خاطئ وعلى الأقل بمعنى مؤيد، ليست كل استخدامات الاستغلال أخلاقية بهذه الطريقة.
فإن بعض استخدامات اللغة العادية للمصطلح لا يعني ضمناً أي حكم أخلاقي على الإطلاق، ومن الممكن تطوير تفسير معقد فلسفيًا للاستغلال يكون وثيق الصلة بالحكم الأخلاقي دون أخلاق.
ومع ذلك حتى لو لم يكن الاستغلال غير عادل من الناحية المفاهيمية فهو كذلك بشكل مميز، في بعض الحالات يكون هذا الظلم نتيجة لبعض الخلل الإجرائي في المعاملة ويسمى هذا الظلم الإجرائي، وفي حالات أخرى يكون الظلم سمة لما تم الاتفاق عليه وليس كيفية التوصل إلى الاتفاق ويسمى هذا الظلم الجوهري .