ظاهرة حفلات معرفة جنس الجنين تعتبر ظاهرة اجتماعية فريدة من نوعها، يقوم بها أفراد الأسرة بالكشف عن جنس المولود بطرق مختلفة، كما أن هذه الظاهرة تحظى بقبول واسع في العديد من المجتمعات ويمكن ملاحظة ذلك عن طريق زيادة عدد المقبلين على مثل هذه الحفلات.
ظاهرة حفلات معرفة جنس الجنين
بدأت هذه الظاهرة في عام 2016 عندما قام شخص ما بتدبير لعمل حفلة لمفاجأة الجميع بجنس مولوده وذلك بالتخطيط مع والة زوجته التي كانت الوحيدة التي تعرف، حيث طلب منها كتابة جنس المولود سراً وطلب بالونات من متجر للحفلات، وكانت الخطة أن تبقى البالونات التي كانت كلها زرقاء مخبأة في حقيبة كبيرة من الكرتون عنه وعن زوجته حتى يتم استضافة الزوجان في الحفلة، وستَظهر البالونات وتكشف أن الطفل كان صبياً، ولكن المتجر وضعها في كيس شفاف مما أدى إلى رؤيتها عن غير قصد قبل أن يبدأ الحفل.
ويكشف هذا الخطأ أن تدبير ذلك الشخص لطفله الأول لم يكن جيدًا، وكانت هذه التجربة جزئيًا ما ألهمت ذاك الشخص وزوجته لبدء شركتهما الخاصة للكشف عن الجنس، وقامت هذه الشركة الخاصة بمساعدة الأشخاص على إنشاء حلمهم بالكشف عن جنس الجنين بأشياء مثل كرات القدم والمدافع والقنابل الدخانية التي تنفث سحبًا من اللون الفوشيا أو البط البري، وغالبًا ما تعمل الشركة بشكل مباشر مع طبيب التوليد الخاص بالأم، لذلك لا يعرف أحد في إحدى الحفلات النتيجة حتى وصول الحدث الكبير.
في السنوات الأخيرة انتعشت ظاهرة الاحتفال بمعرفة جنس الجنين حيث أصبح الكشف عن النوع الاجتماعي ظاهرة فيروسية، مع نشر عدد لا يحصى من مقاطع الفيديو والصور الخاصة والأزواج المبتهجين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وجهات النظر حول ظاهرة حفلات معرفة جنس الجنين
يعترف علماء الاجتماع بأن ظاهرة الاحتفال بمعرفة جنس الجنين قد لا تكون مناسبة للجميع، وبالفعل عانى الكشف عن النوع الاجتماعي رد فعل عنيف بسبب الخلط بين النوع الاجتماعي والجنس وفرض معايير ثقافية صارمة، لكن كان هناك رأي من بين المدافعين الذين يجادلون بأن التقليد الجديد يدور حول أكثر من مجرد ما إذا كان الطفل سيكبر ليصبح رجلاً مفتول العضلات أو سيدة لطيفة، ويقولون إنهم من المفترض أن يحتفلوا بالأم، وفي الواقع يتفق بعض الباحثين مع هذا التقييم ويقولون إن المناقشات حول الجنس البشري في العالم واليوم ربما ساعدت في ظهور هذه الظاهرة في المقام الأول.
ويرى علماء الاجتماع أن ظاهرة الاحتفال بمعرفة جنس الجنين قد اقتربت من الوصول إلى التشبع مما أدى إلى ظهور ردود الفعل العنيفة، فمع ازدياد شعبية حفلات الكشف عن الجنس، بدا أن كل والد فخور لاحقًا ويريد التفوق على الآخرين بابتكار طرق جديدة وغريبة وغير مألوفة للكشف عن جنس مولوده، ومن المؤكد أن بعض الردود كانت مفهومة وبعضها غير ذلك على الإطلاق، حيث انتقل بعض الأزواج من اللون الأزرق والوردي إلى موضوعات أكثر خطورة مثل البنادق، وملتزمين بحزم أكبر بالقوالب النمطية الجنسانية.
ويشير النقاد إلى أن الأطراف لا تترك مساحة كبيرة جدًا للأشخاص الذين لا يستطيعون أن يكون عندهم أطفال، كما أن بعض الحديث بين علماء الاجتماع والذين ينتقدون هذه الظاهرة تشير إلى أن تلك الممارسة لن تكسبهم درجة الدكتوراة، ويرى رواد النظرية النسوية أن الآباء يفضلون الأبناء والأمهات يفضلون البنات، علاوةً على ذلك تكشف بعض النقاشات أن ظاهرة الاحتفال بمعرفة جنس الجنين خطيرة تمامًا، فقد تسببت إحدى هذه الحفلات في حدوث صحراء بمعنى الكلمة مكان الاحتفال في منطقة معينة بسبب اندلاع حريق هائل تسبب في أضرار بقيمة 8 ملايين دولار.
كما يرى البعض أن هذه الظاهرة يمكن أن تحمل نفحة من الأداء المبتذل على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هل هناك حقًا أي شك في أن الوالدين سيكونان سعداء بأي من الجنسين، في الواقع الأشخاص الوحيدون المسموح لهم بإظهار خيبة الأمل هم الأطفال الحاليون للأزواج، إذ يتضح من العديد من مقاطع الفيديو التي تكشف عن الجنس والتي ينفجر فيها صبي صغير في البكاء عند رؤية كعكة وردية أو بالونات، وعلى الرغم من كل هذا فإن الطرق العديدة التي يُظهر بها الأشخاص الذين يُمارسون بالفعل هذه الظاهرة تقوض بعض هذه الانتقادات، ويُظهر أن الكشف يمكن أن يُقصد به أكثر من شهرة وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول بعض الأشخاص الذين يؤيدون ظاهرة حفلات معرفة جنس الجنين إن المشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي تساعد في نشر الكلمة لأفراد الأسرة الذين يعيشون بعيدًا، حيث قامت أحدى الأسر بتغليف صندوق كبير ومليء ببالونات الهيليوم من أجل الكشف عن جنس ابنتهم الصغرى، وقد قابلوا جميع الأجداد والعمات والأعمام البعيدين، ثم فتحوا الصندوق وفي هذه الحالة كان أطفالها الأكبر هم من أراد الكشف.
من خلال أسلوبهم المبهج والجماعي الملون يمكن أن يشعر الكشف عن الجنس وكأنه تطور جديد في طقوس قديمة، وقد تكون هذه الطقوس لصالح الأم أكثر من مصلحة الطفل، ويقول عالم الاجتماع نيك هوبسون وهو أيضاً عالم نفس ومستشار يدرس الطقوس، إن الطقوس غالبًا ما يتم إنشاؤها في أوقات التوتر الهائل، على سبيل المثال فصل الشتاء الذي يتم فيه رفع كآبة المحبط بالشموع والهدايا خلال الإجازات بالمثل يُعتبر الحمل والولادة هما في الأساس تمرين في إدارة كميات هائلة من التوتر وعدم اليقين، ويتم رفع التوتر بالحفلات التي تكشف الجنس، مما يساعد الآباء على إدارة ضغوطهم.
وشاهد علماء الاجتماع مئات مقاطع الفيديو للكشف عن النوع الاجتماعي في دراستهم حول هذا الموضوع، وتشير الدراسات إلى أن هناك نقصًا صارخًا في الطقوس المتعلقة بالحمل في الثقافة، إذ يتم الطلب من النساء الحوامل في الغالب ألا يشربن الخمر أو يأكلن الجبن الطري، ويُنصح كثيرًا بشراء مستلزمات الأطفال وقراءة كتب الأطفال لصالح الطفل، ومن المؤكد أن منتجات الكشف عن الجنس يمكن أن تلعب دورًا في هذه الصناعة من خلال منح النساء المزيد من الأشياء للشراء، ولكن الاحتفال الخاص بالحمل نفسه يمكن أن يساعد أيضًا في ملء هذا الفراغ.
كما يخبر بعض علماء الاجتماع أن الكشف عن الجنس يمكن أن يوفر لبعض الآباء وسيلة لإعادة إضفاء سحر الحمل، والأهم من ذلك أنها تلبي الحتمية الثقافية للمتعة، وربما هذا هو السبب في أنها مليئة بالبالونات والكعك، وهذا يتماشى مع مسار المجتمع الحديث، حيث تعد هذه الظاهرة من أسرع الظواهر نموًا، ويقول علماء الاجتماع إنه عندما يصبح المجتمع أكثر حداثة يلجأ إلى المزيد من الظواهر التي تلبي المتعة.