ظاهرة غلاء المهور

اقرأ في هذا المقال


أكثر القرارات ذات الأهمية التي تواجهها الأسرة في الزواج هو كيفية تأمين المهر، وكلما احتاج الرجل في الأسرة إلى الزواج، فإن هذا سيكون باهظ الثمن على الأسرة بسبب الحاجة للحصول على المال الذي يتطلبه الارتفاع المستمر لظاهرة غلاء المهور.

ظاهرة غلاء المهور

من الناحية الفنية يعتبر المهر هو المال الذي تدفعه عائلة العريس للعروس وليس هناك سبب وجيه لذلك، نظرًا لأن هذه الممارسة يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل الاجتماعية، بما في ذلك تفضيل الأطفال الذكور، والضغط المالي على العائلات التي لديها ذكور، وسوء المعاملة من بعض الأهالي إذا لم يكن المهر كبيرًا بما يكفي.

نظريات علماء الاجتماع حول ظاهرة ارتفاع المهر

يرى علماء الاجتماع أن هناك نظريات حول ظاهرة غلاء المهور تتكهن بأن هناك ضغط زواج، لأن العرسان يتزوجون تقليدياً من النساء الأصغر سناً، ولذلك مع زيادة عدد السكان يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة الفتيات الأكبر سنًا مقارنة بالعرائس الأصغر سنًا، ومما قد يؤدي إلى ارتفاع المهر الذي كانت العائلات على استعداد لدفعه مقابل الفتيات الأصغر، ومرة أخرى لم يجد الباحثون أي دليل يدعم هذه النظرية، ويقول علماء الاجتماع إنهم لم يجدوا أي ارتباط على الإطلاق في نسب المهر والجنس في فئة عمرية قابلة للزواج.

ومع ذلك وجدوا بدلاً من ذلك أن الفجوة العمرية بين العروس والعريس تميل إلى التناقص للتكيف مع هذا الضغط، حيث من المرجح الآن أن تنتظر النساء وقتًا أطول للزواج، وأخيرًا نظر الباحثون إلى التعليم على إنه وكيل لجودة العروس والتي تكهن البعض بأنها قد تؤدي إلى زيادة ارتفاع المهور، ويقول علماء الاجتماع عندما تقرر الأسرة اختيار العروس فإنها تبحث في آفاق الدخل والاستقرار في المستقبل، وهنا وجدوا أن ظاهرة ارتفاع المهور لها علاقة بتزايد اهتمام الأسر على تعليم الفتيات.

إذ وجد أن غلاء المهر كان مرتبطًا بالمستوى المطلق لتعليم العروس، وليس المستوى النسبي داخل طبقة معينة أي أن الفتيات الأكثر تعليماً كانوا قادرين على فرض مهر أعلى، ومع ذلك من المثير للاهتمام أنهم وجدوا أيضًا إنه مع زيادة العدد الإجمالي لهؤلاء الفتيات المتعلمين تعليماً عالياً، انخفضت مبالغ المهور لهم، ويفترض أن هذا يرجع إلى أن أي فتاة متعلمة ستكون الآن أقل استحسانًا بسبب انتشار أقرانها المتعلمات جيدًا.

ويقول علماء الاجتماع أن التعليم هو الخطوة الأولى في فهم العوامل التي يمكن أن تدفع صعود وهبوط غلاء المهور بمرور الوقت، بالإضافة إلى ما يمكن فعله للتخفيف من هذه الممارسة، فمع المزيد من التعليم يجب أن تنخفض المهور، ليس فقط من وجهة النظر الاجتماعية للناس الذين يعتقدون إنه من الجنون أن تطلب المال عند الزواج، ولكن أيضًا من هذه القوى الاقتصادية، كما يقولون إن أحد العوامل التي يمكن أن تغير هذه الاتجاهات بشكل أكبر هو زيادة تعليم، من خلال جعل النساء أكثر استقلالية مالياً وتقليل التركيز على دفع المهور، ونظرًا لوجود مصلحة عامة في القضاء على المهر بسبب الآثار الضارة فقد يكون التعليم استراتيجية فعالة لمكافحته.

تاريخ تطور ظاهرة المهور

ظاهرة المهور بين العائلات في وقت الزواج كانت موجودة خلال التاريخ من معظم البلدان المتقدمة وهي منتشرة حاليًا في العديد من مناطق العالم المتطور، ويمكن أن تكون هذه المهور كبيرة بما يكفي للتأثير لرفاهية المرأة وتوزيع ثروة المجتمع، ويحدد علماء الاجتماع أولاً بعض الحقائق الأساسية حول انتشار وحجم مهور الزواج، ثم يناقشون كيف تختلف هذه الأنماط عبر البلدان اعتمادًا على الظروف الاقتصادية والهياكل المجتمعية والمؤسسات وخصائص الأسرة.

وتطورت هذه المدفوعات أيضًا داخل المجتمعات بمرور الوقت، على سبيل المثال في بعض الفترات ارتفعت هذه المهور بشكل حاد، وفي بعض الحالات تحولت المدفوعات من جانب العرسان إلى العرائس، والعكس صحيح، وأيضاً حقوق الملكية على هذه المهور قد تحولت في بعض الأحيان بين شركاء الزواج والأجيال الأبوية، وركز بعض العلماء الذين بدأوا العمل على هذا الموضوع مؤخرًا فقط في شرح هذه الحقائق، وعلى الرغم من اكتساب نظرة ثاقبة للعديد من الحقائق إلا أن العديد من التفسيرات الاقتصادية الحالية مقنعة بشكل ضعيف، والعديد منها تبقى ألغاز.

وإحدى الصعوبات الحاسمة هي أن البيانات الصلبة في هذا المجال كانت كذلك نادرة للغاية، وتم تجميع أوصاف مهور الزواج من خليط من الدراسات عبر الفترات والأماكن وحتى العصور، وهناك بلا شك العديد من الحالات التي لا تزال غير موثقة.

انتشار ظاهرة غلاء مهور الزواج

يرى علماء الاجتماع إلى أن سبب انتشار ظاهرة غلاء المهور هو أن المجتمعات تميل لهذه الظاهرة بسبب الارتباط بتعدد الزوجات أي الرجال الذين لديهم أكثر من زوجة واحدة بسبب إمكانية الطلاق، مقارنةً بالزواج الأحادي الذي يكون فيه إمكانية الطلاق أمر نادر الحدوث، وفي المقابل يبدو أن انتشار ظاهرة غلاء المهور لا علاقة له بالنسب ومكان الإقامة بعد الزواج الذان يلعبان دورًا ضئيلًا في تحديد غلاء المهور.

ويظهر السجل التاريخي أن انتشار ظاهرة غلاء مهور الزواج منتشرة، ويمكن أن تكون المهور كبيرة بما يكفي للتأثير على أنماط الادخار ولها آثار عليها وعلى توزيع الثروة بين العائلات والأجيال، ويقدم علماء الاجتماع دراسات تؤكد على أن المهور تشكل نسبة أكبر بكثير من دخل الأسرة، حيث تصل إلى عدة مرات أكثر من إجمالي دخل الأسرة السنوي، ومع ذلك لا تزال المهور كبيرة ويمكن أن تمثل أيضًا عبء مالي كبير على الأسر الفقيرة.

وقد هدفت الأبحاث الإثنوغرافية الجوهرية التي أجراها علماء الأنثروبولوجيا إلى التمييز بين تلك المجتمعات التي يقع فيها عبء مدفوعات الزواج في المقام الأول، من عائلة العريس إلى عائلة العروس وتلك التي يتم فيها دفع الجزء الأكبر من عائلة العروس إلى عائلة العريس، والنمط العام يبدو أن مهر العريس موجود في كثير من الأحيان في المجتمعات البدائية والقبلية وفي كثير من الأحيان المجتمعات البدوية، حتى أن العديد من العلماء قد أكدوا أن المهر يمثل علامة الانتقال إلى بنى مجتمعية أكثر تعقيدًا.

وقد تميزت معظم المجتمعات في مرحلة ما من تاريخها بعدة أنماط لظاهرة المهر وقت الزواج، وعادة ما تسير هذه الأنماط جنبًا إلى جنب مع الزيجات التي يرتبها والدي الزوجين، وهذه الزيجات تأتي بظاهرة المهور بأشكال وأحجام مختلفة ولكن يمكن تصنيفها إلى قسمين واسعين من الفئات:

1- المهور التي تأتي من جانب العريس إلى عائلة العروس، وهذه الفئة منتشرة على نطاق واسع، وتحدث في ثلثي المجتمعات المسجلة في الأطلس الإثنوغرافي العالمي من مجتمعات ما قبل الصناعة.

2- المهور التي تأتي من جانب العروس إلى عائلة العريس، ويحدث في أقل من 4 في المائة من هذه العينة.


شارك المقالة: