عادات وتقاليد عيد الأضحى في لبنان:
هي فرحة تملئ الشوارع والمنازل وجميع أنحاء البلاد اللبنانية، يكون ذلك احتفالاً بالعيد الذي يبدأ لدى الصغار والكبار معاً على السواء قبل أسابيع من حلول أيامه، وبانتظار حلوله يتجوّل الصغار برفقة الكبار، في الأسواق والمراكز التجارية؛ لشراء ما يعجبهم من الثياب والحلي والمجوهرات لتجهيز أنفسهم بالكامل لاستقبال العيد، إذ يعني لهم العيد ثياباً جديدة و”عيديّة” وزيارة لمدينة الألعاب مهما كانت الظروف.
حيث تبدأ هذه المراسم في جميع أنحاء لبنان، يكون ذلك ابتداء من بلدة الحمرا إلى مارالياس إلى فرن الشباك ووصولاً إلى بلدة الأشرفية والجديدة وجل الديب وغيرها من الأسواق اللبنانية العريقة، حيث يرافق ذلك حركة دؤوبة وتكدّس سيارات.
وتكون الأسواق مزدحمة بالناس من جميع الطبقات الغني منها والفقير، وتتكاثر الأكياس بين أيدي البعض وتقلّ عند البعض الآخر، إلا أن الكل يُجمِع على ارتفاع الأسعار قبل موسم العيد، وهو ارتفاع لم تفلح بعض التنزيلات الرمزية لمعروضات بنصف ثمنها في التخفيف منه.
تلاحظ شوارع المدن والقرى اللبنانية في هذا العيد ازدحاماً من نوع آخر غير مسبوق من قبل، يتمثل في الزينة والمصابيح الكهربائية المضيئة التي تظهر على شرفات المنازل، ولوحات تحمل عبارات التهنئة للحجاج، يكون مكتوب عليها “حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً” تعلق في الأحياء وعلى مداخل المنازل.
يتشوق المسلمون في لبنان لحلول عيد الأضحى؛ ذلك لإقامة الحفلات الكبيرة، وتنال تحضيراته كامل اهتمامهم منذ بداية شهر ذي الحجة. وهذا العيد يُسمّى عيد الكبش الذي يذبح عادة على باب المنزل، إيماناً بأنه بذلك تحل البركة على أهل البيت ويزول عنهم الحسد. وجرت العادة أن يتمّ الذبح بعد ظهر يوم العيد أو في اليوم الثاني من أيامه، ويجب أن يسيل دم الأضحية على التراب أو في قناة تسيل فيها المياه.
عادات يوم النحر في لبنان:
من أهم تقاليد يوم النحر في بعض القرى والمحافظات اللبنانية، مرافقة الصغار لوالديهم ذلك لإتمام عملية ذبح الخروف وتقطيعه؛ يكون ذلك للتكبير عليه وإتمام عملية الذبح بحظورهم، إذ يأتي الشخص الموكّل بالذبح “اللحام” لمنزل العائلة التي يراد إتمام عملية الذبح فيها.
وفي بعض الأحيان يذهب الأهل ويأخذون معهم الخروف والصغار إلى الملحمة، ويلبسون على رؤوسهم طاقية الحجاج الصغيرة وعباءة جميعها ذات اللون الأبيض، أما الأغلب فيذهبون في هذه الأيام للمسالخ، وكثير منهم يؤجّلون الذبح لثاني أيام العيد. وهذه تقاليد ولا يزال العديدون يحتفلون بالعيد ويحافظون على عاداته وتقاليده وطقوسه الموروثة عن الأجداد والآباء منذ عقود قديمة.
ويبدأ المسلمون في لبنان كما في كل البلدان والقرى والعواصم الأخرى، في صبيحة العيد أو حتى من عشيته بزيارة الأضرحة “القبور”؛ ذلك لقراءة الفاتحة لمن فقدوهم وغابوا عنهم ولم يحظروا مراسم العيد معهم، وزيارة المؤسّسات الإنسانية؛ لتقديم الأضاحي عن أرواح من افتقدوهم من الأقارب أو الأصحاب أو الأسرة، إما بالمال أو نحر الخراف وتوزيع لحومها.
لتلتقي بعدها الأسر في لقاءات مصافحة ومعايدة وتقديم الحلويات والزهور والمصاحف الشريفة لهم، فيما يترقّب الأطفال “العيدية”، قبل أن يصطحبهم ذووهم إلى الحدائق العامة حيث تنتشر مختلف الألعاب وأماكن الترفيه للكبار والصغار.
ويمتاز العيد في لبنان في خاصية اجتماعية تظهر في موروثات القدماء، تمثل قيماً إنسانية يتمّ خلالها التعبير عن الفرح والعطاء والتواصل ومساعدة الغير وتقديم العون والفرحة لهم، تُضاف إليها مظاهر احتفالية تستمر عاماً بعد آخر، وتحمل في طيّاتها مظاهر تراثية ومعاصرة، إذ تنتشر لوحات فنية على جميع الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية، تعلن عن سهرات تقام أول وثاني وثالث أيام العيد، إذ يحييها فنانون لبنانيون وعرب وأجانب.
يمكن رصد محاولة اللبنانيين تجاراً ومواطنين، لإحياء أجواء عيد الأضحى من خلال مشاهدات عدّة، ففي عدة نواحي وجوانب الشوارع العديدة في العاصمة، ثبّتت مجسّمات غالباً ما توزّعها دار الأيتام الإسلامية، لإدخال جو البهجة، وتمثل خروف العيد وإلى جانبه الأشجار والأولاد فرحون.
ويبقى الانشغال بجميع أمور العيد الرئيسية، من حلوى وشراء الملابس والحلي الجديدة للأطفال والكبار أيضاً، مخرجاً يلجأ إليه العديد من أبناء الشعب اللبناني، فيما تتوزّع حلويات العيد، بين المعمول المحشو بالجوز والفستق والتمر، إلى جانب البقلاوة والشوكولا البيضاء والداكنة.