عصر السيطرة العسكرية البويهية

اقرأ في هذا المقال


عصر السيطرة العسكرية البويهية:

تمتد هذه المرحلة من(334 – 447 هجري)، أي مُدة ثلاث (110) سنة، وتعاقب في هذه المُدة أربعة خلفاء فقط، إذ أن أيامهم قد طالت، فأقلهم حكم ثماني عشرة سنة، وهو الخليفة الطائع أي الثاني في هذه المرحلة، على حين وصلت أيام الخليفة القادر إلى إحدى وأربعين سنة، وهذه مدد طويلة بالنسبة إلى خلفاء يتعاقبون.

الامتيازات والأحداث التي جرت في عهد البويهي:

من أهم مميزات هذه المرحلة بتحكم آل بويه الذين يرجعون في أصولهم إلى قبائل الفرس، ولاسيما أنه كان أحد ملوك فارس القدماء من أجدادهم، وعاشوا هذه القبيلة في بلاد الديلم فتميزوا كأنهم منهم، وكانوا من الرعية العاديين، وأول ما برز منهم أبو شجاع بويه، وكان من صيادي السمك في بحر الخزر، وكان له ثلاثة أولاد، هم: علي، وحسن، وأحمد، وقد دخلوا كجنود عاديين في جيش (ما كان بن كالي).

وأبدوا شيئاً من الشجاعة فأصبحوا في رتبة الأمراء، غير أن (ما كان بن كالي) لم يبقى إلى أن اختلف مع (مرداويج بن زياد)، ومال أولاد بويه إلى مرداويج عندما شاهدوا أن سُلطته تميل إلى الرجحان، فأكرمهم (مرداويج) وولّى علي بن بويه بلاد الكرج، ثم غضب عليهم وأمر أخاه بصرفهم فصرف حسن وأحمد أما علي فلم يصرفه لِمَا اشتهر من شجاعة ولِمَا عُرف عنه من كرم، إلا أن (مرداويج) قد قرر طرده.

وأرسل له جيشاً ففرَّ علي من بلاد الكرج وسار بإتجاهه إلى أصفهان، تفوق على المظفر بن ياقوت، وانضم إليه عدد من الديلم، وأصبح عدد جنوده سبعمائة، ثم سار إلى (اصطخر)، وانتصر على المظفر بن ياقوت، ودخل (شيراز) عام (322 هجري)، ثم حاول أن يتقرب ثانية إلى (مرداويج) الذي قتل عام (323 هجري)، وبقي علي بن بويه في الميدان فدانت له بلاد فارس.

أما أخوه الحسن الذي كان عند (مرداويج) رهينة لأخيه فقد تمكن بعد موت (مرداويج) أن يغزو الريّ، وأصفهان، وهمذان. وكذلك غزا أحمد بن بويه (كرمان)، ثم قام بدعوة أخوه علي لمُساعدته فقام بترك (كرمان)، وغزا الأهواز عام (326 هجري). ساءت العلاقة بين الخليفة المتقي وتوزون فدعا الخليفة أحمد بن بويه لدخول بغداد، فاتجه نحوها غير أنه هُزِمَ أمام توزون عام (332 هجري).

وهكذا فقد أضحى قيادة علي بن بويه تنتشر من بلاد الكرج حتى الأهواز، ويقوم أحمد بالسيطرة على بلاد فارس الجنوبية، على حين أن شمال بلاد فارس تحت نفوذ أخيهما الحسن. طلب قواد بغداد من أحمد بن بويه السير إليهم والاستيلاء على مدينتهم، فسار نحوهم واستقبله الخليفة المُستكفي، وأكرمه ولقبه معز الدولة، كما لقب أخاه علياً عماد الدولة، أما الحسن فقد لقّبه ركن الدولة.

وهكذا أصبح لكل من هؤلاء الإخوة الثلاثة منطقة يسيطر عليها ويتعاقب أبناؤه وأحفاده على حُكمها. لقد كانت أُسرة آل بويه من غير إسلامية فبدرت منهم أعمال مُنكرة، ففي عام (341 هجري)، ظهر قوم من التناسخية فيهم شاب يزعم أن روح علي انتقلت إليه وامرأتُه تزعم أن روح فاطمة انتقلت إليها، وآخر يدّعي أنه جبريل، فضربوا، فتعززوا بالانتماء إلى أهل البيت، فأمر مُعز الدولة بإطلاقهم لميله إلى أهل البيت، فكان هذا من أفعاله الملعونة.

وفي سنة (52) يوم عاشوراء قام بإلزام مُعز الدولة الناس بإغلاق المتاجر والسوق ومنع الطباخين من الطبيخ، ونصبوا القباب في الأسواق، وعلقوا عليها المسوح، وأخرجوا نساء منتشرات الشعور يلطمن في الشوارع ويقمن المآتم على الحسين، وهذا أول يوم نيح فيه عليه ببغداد، واستمرت هذه سنين وفي ثاني عشر ذي الحجة منها عمل عيد غدير خم، وضربت الدبادب.

وفي النهاية فإن الإمارات قد خفف عددُها في المغرب فلم يظلّ منها إلا الأمويين، والعبيديين الذين سيطروا على منطقةٍ واسعةٍ وحلوا محل إماراتٍ متعددة، أما في المشرق فقد كثرت الإمارات وزادت الدول وانتشرت على رقعات متباينة.

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر الجزء الثاني صفحة (141 – 144)❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: