اقرأ في هذا المقال
يشير علماء الاجتماع إلى وجود علاقة بين التعليم وبين علم العلامات والدلالة والرموز، حيث يرتبط منهج علم العلامات ارتباطًا وثيقًا بالافتراضات حول البنية الأنطولوجية والمعرفية للتعليم.
علاقة التعليم بعلم العلامات والدلالة والرموز
سعى علماء الاجتماع في هذه الدراسة إلى المساهمة في المناقشات الحالية حول علم العلامات والدلالة والرموز والتعليم، وإن النهج السيميائي للتعليم هو نهج تعليمي مستمد من السيميائية، وكما يشير علماء الاجتماع لا يمكن أن يتكون ببساطة من الدمج لنظرية سيميائية وتعليمية، ويرتبط النهج السيميائي في التعليم بالطريقة التي يتم بها إلقاء الافتراضات المعرفية والأنطولوجية في المفاهيم والبنيات السيميائية، بل وحتى تحويلها من خلالها، ولدعم ادعائهم ناقشوا إلى حد ما وجهة نظر السير لايبنيز عن السيميائية.
وتُظهر نظريته في الفهم البشري كيف ترتبط الطريقة التي يعرفها ارتباطًا وثيقًا باللجوء إلى العلامات والافتراضات حول البنية الأنطولوجية والمعرفية للواقع، أي ما هو الواقع وكيف نصل إلى معرفة ذلك، وبعد ذلك ناقشوا بإيجاز الدور الذي ينسبه بياجيه إلى السيميائية في نظريته المعرفية الوراثية.
ولقد بذلوا جهدًا لإظهار أن سيميائية بيا جيه مدرجة في التقليد المعرفي للعصر الحديث حيث يتم وضع الفلسفة المتعالية بين قوسين ويتم التركيز على الموضوع، واقترحوا إنه دون تجاهل الطبيعة الذاتية للغة في تحليلاته التجريبية انتهى الأمر ببيا جيه إلى تصور اللغة على أنها مجرد أداة لتمثيل الأفعال وكائنات الأفعال.
وربما كان هذا هو الثمن الذي يجب دفعه من أجل الحفاظ على ترابط نظرية المعرفة الجينية، وليكن ما يكون بدا لهم أن الإشارة الموجزة اللاحقة إلى الاتجاهات الاجتماعية والثقافية المعاصرة مناسبة من أجل نقل فكرة عن طرق بديلة يمكن من خلالها تنظير دور العلامات والتحف في المعرفة والإدراك.
وكانت الإشارة إلى الاتجاهات الاجتماعية والثقافية مناسبة لإبراز اختلاف مذهل بين نظريات المعرفة الحديثة والثقافية، وباختصار يتمثل الاختلاف في كيفية تأكيد نظريات المعرفة للحداثة، ومن الناحية الجينية على الفرد باعتباره مصدر المعاني والدلالات، على النقيض من ذلك يتم إيجاد الاتجاهات الاجتماعية والثقافية مثل هذا المصدر في الثقافة وممارساتها.
وتم تخصيص الجزء الأخير من دراسة علماء الاجتماع لتقديم مثال للنهج السيميائي في التعليم، ونظرية تجسيد المعرفة، ولا يعتبر هذا النهج بأي حال من الأحوال نموذجًا للاتجاهات المعاصرة المختلفة في تعليم الرياضيات، حتى عن التعليم ككل.
ويتم تشجيع القارئ المهتم على الرجوع إلى بعض الأعمال الحديثة في هذا المجال، وتنبثق نظرية الشيئية من خط هيجل ماركس وفيجوتسكي في التفكير وتقترح طريقة بديلة لتصور المعرفة والتعليم اعتمادًا على الديناميكية الجدلية بين الأنطولوجيا ونظرية المعرفة، وتعتبر المعرفة بمثابة مجموعة من عمليات التفكير والفعل المتجسدة ثقافيًا وتاريخيًا، فالمعرفة هو التشريع السيميائي المتجسد والمادي لمثل هذه العمليات.
والآن نظرًا لأن عمليات التفكير والعمل المتجسدة ثقافيًا وتاريخيًا بالنسبة للطلاب قد لا تكون واضحة فإن نشاط المعلم والطلاب يُعتبر عملية مشتركة يتحرك نحو جعلها موضوعية، وإذا كان الهدف بشكل عام هو إدراك أو فهم شيء ما يحدث التجسيد في نشاط التدريس والتعلم في الفصل الدراسي في تلك اللحظة الممتدة عندما يبدو موضوع المعرفة منكسرًا في وعي المشارك، ويعتبر التبسيط جزءًا أساسيًا من حدث أو الأداء الخاص الذي يشارك فيه الطلاب والمعلم، وكجزء من حدث يكون التشيؤ دائمًا قديمًا وجديدًا.
وإنه قديم لأنه يشير إلى شكل تاريخي من التفكير حول الأنماط ويمكن العثور عليه في الاستفسارات الرياضية حول الأرقام التصويرية في اليونان القديمة، كما إنه جديد مثل التجربة الجمالية الخاصة دائمًا والسياقية والموضوعة اختصار فريد لكل أداء سيمفوني.
الموارد السيميائية المختلفة التي تتوسط التعلم
ومن الممكن تقدير الموارد السيميائية المختلفة التي تتوسط التعلم، وهكذا في بداية المقتطف الأول يقوم المعلم بإيماءات كثيرة وذلك من خلال بعض الإيماءات التي تشير إلى المصطلحات المتاحة إدراكيًا، ويمكن أن نطلق على هذه الإيماءات إيماءات فهرسية لتمييزها عن الإيماءات حيث لا يوجد ما يشير إليه.
ويمكن أن يطلق على هذه الإيماءات الدليلة في الوهمية، لكن هناك المزيد، وتم تنسيق الإيماءات مع الأقوال، وبتعبير أدق قام المعلم بتنسيق العين واليد والكلام من خلال سلسلة من الإجراءات المتزامنة المنظمة التي وجهت تصور الطلاب وفهمهم الناشئ للأفكار الرياضية المستهدفة.
وإن اللجوء إلى السيميائية كما يظهر في التفسير التفسيري لمثال الدرجة الثانية، يكون منطقيًا فقط في سياق الافتراضات المعرفية والأنطولوجية التي تم ماقشتها سابقًا، وبطبيعة الحال قد تؤدي الافتراضات الأخرى إلى اللجوء إلى السيميائية وحسابات التعلم الأخرى.
ولا يمكن وضع السيميائية جنبًا إلى جنب مع النظريات التربوية فقط، لكنها يمكن أن تساعد في إثرائها، والرد الجذري للواقعيين هو أن الأشياء لا توجد بشكل مستقل عن أنظمة الإشارات التي يتم استخدامها، ويتم إنشاء الواقع بواسطة وسائل الإعلام التي يبدو أنها تمثله ببساطة.
ولا تقوم اللغة ببساطة بتسمية الفئات الموجودة مسبقًا؛ فالفئات غير موجودة في العالم كأين حدود السحابة ومتى تبدأ الابتسامة؟ وقد يتم الاعتراف بالملاحظات التحذيرية لجون ليونز بأن مثل هذا التركيز على الواقع باعتباره سلسًا دائمًا قد يكون مبالغة.
ويتكهن جون ليونز بأن معظم العالم الظاهراتي، كما يتم أدراكه ليس سلسلة متصلة غير متمايزة؛ والفئات المرجعية لدى المرء على ما يبدو تحمل بعض العلاقة إلى بعض الميزات التي تبدو بارزة بطبيعتها، ولدعم هذا التحذير قد تم ملاحظة أن علماء النفس الجشطالت أبلغوا عن ميل بشري عالمي لفصل شخصية بارزة عما ينزله المشاهد إلى الأرض،
ومع ذلك من الواضح أن مثل هذه الملاحظات لا تثبت أن البنية المعجمية للغة تعكس بنية الواقع الخارجي، كما لاحظ دو سوسور إذا كانت الكلمات مجرد تسمية لمجموعة موجودة مسبقًا من الأشياء في العالم، فإن الترجمة من لغة إلى أخرى ستكون سهلة، بينما تختلف اللغات في الواقع في كيف يصنفون العالم، ولا تتوافق الدلالات في لغة مع تلك الموجودة في لغة أخرى، وفي داخل اللغة قد تشير العديد من الكلمات إلى نفس الشيء ولكنها تعكس تقييمات مختلفة له، علاوة على ذلك فإن ما تدل عليه كلمة يخضع للتغيير التاريخي.
بهذا المعنى يتم إنشاء الواقع أو العالم من خلال اللغة التي يستخدمها الناس وهذه الحجة تصر على أسبقية الدال، وحتى إذا لم يتبنى الموقف الراديكالي القائل بأن العالم الحقيقي هو نتاج أنظمة الإشارات، فلا يزال يتعين عليهم الاعتراف بأن هناك أشياء كثيرة في العالم التجريبي ليس لديهم كلمات لها وأن معظم الكلمات لا تتوافق مع الأشياء في العالم المعروف على الإطلاق، وبالتالي فإن كل الكلمات هي تجريدات، ولا يوجد تطابق مباشر بين الكلمات والأشياء في العالم، ولا يتضمن نموذج دو سوسور للإشارة أي إشارة مباشرة إلى الواقع خارج اللافتة.